رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرب المنسية.. صراع السودان يهدد بعواقب جيوسياسية وعمليات تطهير عرقى

السودان
السودان

أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن الحرب في السودان باتت تعرف باسم "الحرب المنسية"، فقد تراجع السودان عن جدول الأعمال الدولي بشكل كامل، رغم استمرار الحرب الأهلية في هذا البلد منذ أبريل الماضي.

وقالت "فاينانشيال تايمز" في افتتحايتها، اليوم، إن هذه الحرب التي تجري الآن بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع أطلقت العنان لعودة التطهير العرقي، الأمر الذي يخلف عواقب جيوسياسية وإنسانية، ومع هذا لم يستوعبها العالم بعد.

الحرب الأهلية فى السودان تهدد الشرق الأوسط

وحذرت "فاينانشيال تايمز" من أن الصراع في السودان سيؤدي إلى جلب الفوضى في منطقة الساحل الإفريقي، وكذلك ساحل السودان على البحر الأحمر، الذي يبلغ طوله 650 كيلومترا، ما يهدد منطقة الشرق الأوسط وكذلك إفريقيا.

وأكدت الصحيفة أن الصراع في السودان جذب إليه أطرافا خارجية دعم كل منها أطرافا مختلفة ما فاقم من الأزمة في هذا البلد، ورغم أن هذه التدخلات مجرد عرض جانبي لهذه الحرب، إلا أن التقارير التي تفيد بأن وحدة صغيرة من القوات الأوكرانية تقاتل مرتزقة روسيين داخل السودان تؤكد إلى أي مدى أصبح السودان نقطة جذب للفوضى العالمية.

أزمات إنسانية حادة بسبب حرب السودان

وقالت "فاينانشيال تايمز" إن الأزمة الإنسانية في السودان الناجمة عن الحرب هى الأسوأ في العالم، فقد فر نحو مليوني شخص من العاصمة الخرطوم وحدها، التي كانت مسرحًا لقتال عنيف بين الجيش والدعم السريع، بخلاف تهجير حوالي 8 ملايين سوداني من ديارهم، ومغادرة حوالي ربع هذه العدد البلاد إلى الخارج.

ورغم هذه الأزمة لم تلق نداءات الوكالات الإنسانية استجابة كافية، حيث لم يتم جمع سوى نسبة ضئيلة تبلغ 3.5% من مبلغ 2.7 مليار دولار الذي طلبه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، وهذا الأمر يعرض نحو 18 مليون شخص، أي أكثر من ثلث السودانيين، إلى "الجوع الحاد"، وذلك وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة "الجوع الحاد".

ويضاف إلى هذه المآسي وجود حوالي 20 مليون طفل خارج المدارس، فقد توقفت العملية التعليمية في البلاد، فالدولة محطمة لدرجة أنه لا أحد يحصي عدد القتلى، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل ما لا يقل عن 13 ألف شخص، لكن العدد الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك بكثير.

كذلك أكدت "فاينانشيال تايمز" أنه لم يتم توزيع أموال الإغاثة المحدودة التي تم جمعها بشكل فعال، فقد تمسكت وكالات الإغاثة بالنماذج القديمة لنقل شحنات المواد الغذائية عبر تحويل الأموال مباشرة إلى لجان الأحياء، ومن ثم توزيعها على المواطنين.

موقف الأطراف الأجنبية تجاه حرب السودان

كذلك كانت الاستجابة الدبلوماسية لما يجري في السودان مخيبة للآمال بنفس القدر، فلم تصل جهود الوساطة الإفريقية إلى أي نتيجة، وكذلك محادثات جدة التي قادتها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وأكدت الصحيفة حصول القوات المسلحة السودانية مؤخرا على أسلكة متقدمة، بما في ذلك الطائرات دون طيار، ما مكن الجيش من شن هجوم مضاد على الدعم السريع ليعود القتال مجددا إلى أم درمان أحد أبرز المدن السودانية.

وأكدت الصحيفة أنه رغم عدم توقف الحرب، فلا بد من إحياء العملية الدبلوماسية المتوقفة على وجه السرعة، فهناك تطوران يوفران أملا ضئيلا، وهو أنه في الشهر الماضي شاركت الفصائل المتحاربة في السودان في محادثات سرية في البحرين، كذلك الولايات المتحدة على وشك تعيين مبعوث خاص جديد يختلف عن توم بيرييلو، عضو الكونجرس الديمقراطي السابق، لكن المبعوث الجديد يحتاج إلى دعم قوي من البيت الأبيض ليكون دوره فعالا.

وحذرت "فاينانشيال تايمز" من أنه لا توجد حلول جيدة للأزمة العميقة في السودان، والتي تهدد بتحول السودان إلى صومال جديدة، لكن هناك أملا في إخماد شبح الحرب الذي اندلع منذ أبريل الماضي.