رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد عامين من الحرب.. هل ستواصل أوكرانيا القتال ضد روسيا؟

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

أكدت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية، اليوم، أنه بعد عامين من الحرب الروسية الأوكرانية تكثر الأسئلة حول ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على مواصلة القتال ضد روسيا.

وأوضحت "أسوشيتيد برس"، في تقرير لها، أن المستقبل يبدو قاتمًا بالنسبة لأوكرانيا، التي أنهكتها الحرب، فهي تعاني من نقص في الجنود والذخيرة، فضلًا عن الشكوك حول إمدادات المساعدات الغربية، بينما تواجه القوات الأوكرانية أيضًا نظيرتها الروسية التي استولت مؤخرًا على زمام المبادرة في ساحة المعركة.

تحديات تواجه أوكرانيا في العام الثالث من الحرب ضد روسيا

وقالت الوكالة الأمريكية، إنه مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث، هناك بعض التحديات المقبلة والعواقب المحتملة إذا لم تحصل أوكرانيا على الجنود والذخيرة والمساعدة التي تحتاجها لمواصلة القتال، مشيرة إلى أن استنزاف أوكرانيا على طول خط المواجهة في شرق البلاد، ومع اكتساب روسيا لمزيد من القوة والتغيير العسكري الكبير لصالحها تكثر التساؤلات حول ما إذا كانت كييف قادرة على الاستمرار في هذه الحرب.

وأوضح الجنرال ريتشارد بارونز، وهو ضابط عسكري بريطاني والرئيس المشارك لشركة استشارات دفاعية أنه في الوضع الحالي، لم يفز أي من الطرفين وكذاك لم يخسر أي منهما ولا يقترب أي من الطرفين من الاستسلام فقد استنفد الجانبان- إلى حد كبير- القوى البشرية والمعدات التي بدأوا بها الحرب.

وقالت "أسوشيتيد برس"، إن أوكرانيا عانت من انتكاسات بعد أن فشل الهجوم المضاد الذي طال انتظاره في الصيف في تحقيق أي اختراقات، فقد تحولت القوات الأوكرانية إلى وضع دفاعي في الخريف لصد التقدم الجديد من موسكو، لكن في 17 فبراير الجاري سيطرت القوات الروسية على مدينة أفدييفكا المحاصرة، حيث كانت قوات كييف تتعرض لإطلاق نار مستمر مع اقتراب الروس من ثلاثة اتجاهات واشتكى القادة الأوكرانيون لأسابيع من نقص الأفراد والذخيرة وكان هذا أكبر انتصار في ساحة المعركة لروسيا منذ القتال من أجل باخموت.

وبعيدًا عن ساحة المعركة، وفق الوكالة أثبتت أوكرانيا نجاحها في البحر الأسود، حيث استخدمت أسلحة بعيدة المدى لضرب منشآت عسكرية في شبه جزيرة القرم وطائرات بحرية بدون طيار لإغراق السفن الحربية الروسية، حيث قامت أوكرانيا بتعطيل ثلث أسطول البحر الأسود، كما تتطلع أوكرانيا إلى الحصول على المزيد من الصواريخ بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي التي تحتلها روسيا، وهي خطوة تخشى بعض الدول الأوروبية أنها قد تثير تصعيدًا من موسكو.

وظهرت تفاصيل قليلة حول الوفيات بين العسكريين الأوكرانيين منذ بدء الغزو الشامل في عام 2022، لكن من الواضح أن عشرات الآلاف من المدنيين الأوكرانيين قتلوا، ففي عام 2023، خلص أول تحليل إحصائي مستقل لقتلى الحرب في روسيا إلى أن ما يقرب من 50 ألف رجل روسي لقوا حتفهم في الحرب.

متطلبات أوكرانيا في العام الثالث من الحرب

وحذر التقرير الأمريكي من أن الخطوط الدفاعية الأوكرانية ستكون ممتدة فوق طاقتها وأكثر عرضة للهجوم الروسي، إذا لما تحصل على دعم خاصة إذا شنت موسكو هجمات مكثفة متعددة المحاور على طول خط المواجهة الذي يبلغ طوله 1000 كيلومتر، حيث يعاني الجيش الأوكراني من نقص في الأفراد يبلغ متوسطه 25%، فيما زادت روسيا من وتيرة الهجمات ونتيجة لذلك، يشعر الجنود بالإرهاق  ويسهل إصابتهم بسبب عدم حصولهم على راحة أو إجازات.

وقالت القيادة العسكرية الأوكرانية، إن هناك حاجة إلى ما بين 450 ألفا إلى 500 ألف مجند إضافي للمرحلة التالية من الحرب، وحتى لو نجحت أوكرانيا في حشد هذا العدد، وهو أمر غير مرجح، فإنها لن تكون قادرة على مجاراة القوة البشرية في روسيا، التي يزيد عدد سكانها على ثلاثة أضعاف سكان أوكرانيا.

وأمضى المشرعون، وفق "أسوشيتيد برس"، شهورًا في التفكير في اقتراح مثير للجدل لزيادة عدد التجنيد الإجباري، حيث يواصل العديد من الرجال الأوكرانيين التهرب من الحرب في المدن الأوكرانية ويقول القادة إنهم ليس لديهم ما يكفي من الرجال لحفر الخنادق أو تنفيذ عمليات هجومية، وقد تطلب النقص منهم أيضًا تغيير التكتيكات والتركيز على الحفاظ على حياة الجنود الموجودين لديهم، أحيانًا على حساب السيطرة على الأراضي.

وإذا استمرت هذه الهجمات فإن نقص الذخيرة سيهدد قدرة أوكرانيا على الاحتفاظ بالأراضي وإبقاء الجنود على قيد الحياة.

ويبدو أن القادة العسكريين يقومون بتقنين القذائف، ويرسلون كميات ضئيلة من الذخيرة إلى مواقع إطلاق النار للحفاظ على المخزونات، في حين لم تتحقق الوعود بتقديم المزيد من الذخيرة من جانب الحلفاء الغربيين فقد فشل الاتحاد الأوروبي في الوفاء بوعده بتسليم مليون طلقة بحلول بداية العام، ولم يسلم سوى بضع مئات الآلاف.

وقال بارونز، إن روسيا تقوم بتعبئة صناعتها الدفاعية وقد تتمكن قريبًا من إطلاق 5000 قذيفة مدفعية يوميًا فيما تعمل أوكرانيا على بناء إنتاجها المحلي من الأسلحة، لكنها لن تكون قادرة على مجاراة موسكو من حيث الحجم على المدى القصير.

ويشكو القادة العسكريون الأوكران منذ أشهر من نقص الذخيرة في مركبات المشاة القتالية والمدافع الرشاشة والمدفعية وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة وازداد هذا النقص حدة بشكل خاص بحلول نهاية عام 2023، حيث قال بعض قادة المدفعية إنهم لا يستطيعون تلبية سوى 10% من احتياجات الذخيرة.

بعد عامين من الحرب.. موقف الغرب من أوكرانيا

ووفق التقرير الأمريكي تعتمد أوكرانيا على الحلفاء الغربيين والمنظمات الدولية ليس فقط في المساعدات العسكرية ولكن أيضًا في الدعم المالي والمساعدات الإنسانية ومن دون المساعدة الغربية، لن تتمكن أوكرانيا من الحصول على الأسلحة والذخيرة والتدريب الذي تحتاج إليه لمواصلة المجهود الحربي، ولن تتمكن من الحفاظ على اقتصادها المنهك أو الوصول إلى الأوكرانيين المحاصرين وسط تبادل إطلاق النار في المعارك.

وبين الانقسامات حول مستقبل المساعدات داخل الاتحاد الأوروبي، والمساعدات العسكرية التي تبلغ قيمتها 60 مليار دولار والتي تقبع في الكونجرس الأمريكي، لم تكن الدول الغربية مستعدة لتقديم الأموال هذا العام، فيما وافق الاتحاد الأوروبي الشهر الجاري على تمديد حزمة مساعدات بقيمة 50 مليار لأوكرانيا بهدف دعم الاقتصاد وإعادة بناء البلاد، وليس لمحاربة روسيا.

لكن التمويل الأمريكي هو ما ينتظره العديد من القادة الأوكرانيين، وستمكن هذه الأموال أوكرانيا من شراء الأسلحة والمعدات من الشركات الأمريكية، والحصول على المزيد من التدريب العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الدفاعات الجوية والبحرية وستوفر الأموال أيضًا دعمًا مباشرًا لميزانية كييف.

وعلى الجانب الإنساني، قالت الأمم المتحدة والوكالات الشريكة لها إنه إذا لم يتم تلبية النداء للحصول على تمويل جديد بقيمة 3.1 مليار دولار لهذا العام، فلن تتمكن الأمم المتحدة من تلبية الاحتياجات الأساسية لـ 8.5 مليون أوكراني يعيشون في مناطق المواجهة.