رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا شنودة يكتب: الخلاص والفداء

أسبوع الآلام، أو أسبوع البصخة المقدسة، هو أهم أيام السنة وأكثرها روحانية. هو أسبوع مملوء بالذكريات المقدسة فى أخطر مرحلة من مراحل الخلاص، وأهم فصل فى قصة الفداء. وقد اختارت الكنيسة لهذا الأسبوع قراءات معينة من العهدين القديم والحديث، كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر، كما اختارت له مجموعة من الألحان العميقة، ومن التأملات والتفاسير الروحية. وقد كان آباؤنا القديسون فى عصور الكنيسة الأولى يلاقون هذا الأسبوع بكل هيبة وتوقير، ويسلكون فيه بنسك شديد للغاية، كانوا يمتنعون فيه عن أى طعام حلو المذاق، «من الأطعمة الصيامية»، كالحلوى والعسل والمربى مثلًا، لأنه لا يليق بهم أن يأكلوا وهم يتذكرون آلام الرب من أجلهم. والبعض لم يكن يطبخ فى هذا الأسبوع شيئًا على الإطلاق، بسبب النسك من جهة، ولكى لا يشغلهم إعداد الطعام عن العبادة من جهة أخرى، وغالبية الناس ما كانوا يأكلون فيه سوى الخبز والملح، والقادرون منهم كانوا يطوون الأيام صومًا، وكانوا يمتنعون عن الطعام من عشية الجمعة إلى ساعة الإفطار فى العيد والنسك فى هذا الأسبوع كان يشمل الزينة أيضًا. ولذلك كان النساء يمتنعن فيه عن التزين، بل يمتنعن أيضًا عن لبس الحلى.

كان هذا الأسبوع مكرسًا كله للعبادة، يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم، ويجتمعون فى الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل.

كان الملوك والأباطرة المسيحيون يأمرون أن تتعطل دواوين الحكومة ومصالحها خلال هذا الأسبوع ليتفرغ الناس للعبادة. بل كانوا يسمحون بخروج المحبوسين لكى يذهبوا هم أيضًا إلى الكنيسة، ويشتركوا فى صلوات هذا الأسبوع العظيم، لعل ذلك يكون تهذيبًا لهم وإصلاحًا. وممن فعلوا ذلك الإمبراطور ثيئودوسيوس الكبير. وكان السادة يمنحون عبيدهم عطلة طوال أسبوع البصخة، فلا يشتغلون هم أيضًا بل يعبدون الرب. وهكذا لا تكون روحيات السادة مبنية على حرمان العبيد، بل الكل للرب، يعبدونه معًا، ويتمتعون معًا بعمق هذا الأسبوع وتأثيره.