رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صدمة فى تل أبيب.. تقارير عبرية: دعم مصر دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية «كارثة لإسرائيل»

غزة
غزة

أجمعت تقارير إسرائيلية على أن القرار المصرى بالانضمام إلى جنوب إفريقيا فى دعواها أمام محكمة العدل الدولية، التى تتهم فيها تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية خلال حربها الوحشية على قطاع غزة، يعكس نفاد صبر القاهرة على انتهاكات تل أبيب، ورفضها القاطع خطوة احتلال معبر رفح ورفع العلم الإسرائيلى عليه.

وتوقعت صحيفة «معاريف» العبرية عدة سيناريوهات لشكل العلاقة بين مصر وإسرائيل بعد انضمام الأولى إلى جنوب إفريقيا فى دعواها، قائلة إن خطوة مصر تمثل تصعيدًا فى العلاقات بين مصر وإسرائيل، خاصة بعد أن عبرت الأولى عن رفضها الشديد الاجتياح الإسرائيلى لرفح.

وأضافت: «المسئولون فى إسرائيل يرون أن قرار الرئيس الأمريكى، جو بايدن، بتجميد شحنة الأسلحة لإسرائيل مهد الطريق أمام مصر للكشف عن غضبها علنًا واتهام تل أبيب بالتسبب فى تفاقم الأزمة الإنسانية، ويعتقد المسئولون فى حكومة الاحتلال أن بايدن ارتكب خطأ فادحًا».

وأشارت إلى أن سبب القلق الإسرائيلى من انضمام مصر للدعوى هو موقعها الاستراتيجى وثقل مكانتها أمام المحكمة، باعتبارها المركز اللوجستى الرئيسى لاستقبال وتخزين ونقل المعدات الطبية والغذاء والوقود من جميع أنحاء العالم إلى القطاع، حيث ساعدت فى مرور مئات شحنات المساعدات يوميًا، وكانت بمثابة أنبوب الأكسجين لغزة، واستمرت فى ذلك حتى استيلاء جيش الاحتلال على معبر رفح، ورفض مصر هذا الإجراء.

وبينت الصحيفة أنه منذ اليوم الأول للحرب تعاملت مصر مع القضية من جانبها الإنسانى، واعتبرت أن إغاثة غزة مسئوليتها، وهو ما ظهر فى التضامن الشعبى والحكومى مع الفلسطينيين، منذ بداية الحرب بغض النظر عن الأمور السياسية.

وأشارت إلى أن مصر توجهت إلى القنوات البديلة، وهى المحافل الدولية لدعم القضية الفلسطينية، بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطينى وغلقه.

وأضافت أن غرض مصر من هذه التحركات فى محكمة العدل الدولية، والتهديد بتعليق اتفاقية السلام، هو زيادة الضغط على إسرائيل لوقف العملية العسكرية فى رفح، والتأكيد على أنها ترفض بشكل كامل إجبار الفلسطينيين على النزوح مرة أخرى، ولإيصال رسالة قوية لتل أبيب بأن أى تحرك فى رفح دون موافقة مصر ستكون له عواقب سلبية كبيرة على العلاقات بين البلدين، وأن مصر يمكنها اتخاذ كل الإجراءات الاحتجاجية ضد إسرائيل، حتى لو كانت تحركات الاحتلال فى رفح بسيطة ومحدودة.

وأضافت أن هذه الضغوط تجلت فى مطالبة الكثير من المحللين والباحثين، فى مصر، بتعليق اتفاقية السلام، وهى التهديدات التى تمثل تحركات خطيرة فى أكثر فترة حساسة. 

وتابعت أنه يتعين على القيادة فى إسرائيل ومصر العودة للحوار السلمى مرة أخرى، وإيجاد صيغة ملائمة للبلدين من أجل الاستجابة الإنسانية للأوضاع فى غزة والمصالح الاستراتيجية والأمنية، لأن استمرار توتر العلاقات، ووصول الأمر إلى محكمة العدل الدولية، يلقى بظلال مخيفة على العلاقات بين البلدين.

من جهتها، أكدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن مصر نجحت مرة أخرى فى وضع إسرائيل فى مأزق أمام العالم، بعد أن رفضت التنسيق مع إسرائيل لتنظيم حركة المرور فى معبر رفح.

وأضافت أن معبر رفح، الذى لطالما استخدمته إسرائيل للضغط على حركة حماس، يتم استخدامه اليوم للضغط على إسرائيل من مصر، ومن أجل إعادة فتح المعبر مرة أخرى يتعين على إسرائيل ترك إدارته للسلطة الفلسطينية.

وأشارت إلى أن عودة السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة تتطلب تغييرًا سياسيًا إسرائيليًا داخليًا، من خلال إقالة بعض الوزراء المتطرفين أمثال «سموتريتش».

وأضافت أن الخلاف بين إسرائيل ومصر توسع وخرج من الغرف المغلقة إلى العالم، ما ظهر بقوة فى موقف مصر من التنسيق فى معبر رفح، وانضمامها لجنوب إفريقيا فى دعواها المقامة أمام محكمة العدل الدولية.

فيما قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن مصر بدأت جولة جديدة من الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية فى مدينة رفح، من خلال التلويح مرة أخرى بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد، والانضمام لجنوب إفريقيا فى محكمة العدل الدولية لمحاكمة دولة الاحتلال.

وبينت أنه مع تعميق جيش الاحتلال العمليات العسكرية فى رفح، بدأت مصر فى الضغط على حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو عبر طريقين، هما التهديد بإلغاء اتفاقية السلام التى تعتبر حجر الزاوية للاستقرار الإقليمى، فضلًا عن الانضمام لجنوب إفريقيا فى محكمة العدل الدولية.

كما رأت قناة «آى ٢٤» الإسرائيلية أن انضمام مصر لجنوب إفريقيا هو تحول فى ديناميكيات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل، حيث تقف مصر ضد إسرائيل على الساحة القانونية الدولية لأول مرة منذ عقود طويلة.

وأكد مصدر دبلوماسى إسرائيلى أن قرار مصر كان بمثابة صدمة كبرى فى إسرائيل، فالجميع كان يعلم أن مصر غاضبة من اجتياح رفح والاستيلاء على المعبر، لكن لم يتوقع أحد مثل هذا القرار، قائلًا: «الخلاف اشتعل بين مصر وإسرائيل بعد العدوان الإسرائيلى على مدينة رفح الحدودية، التى كان يحتمى بها أكثر من مليون نازح فلسطينى، حيث أعربت القاهرة مرارًا عن أن اشتعال القتال على حدودها من شأنه أن يعرض معاهدة السلام بين البلدين للخطر».

بينما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن أن انضمام مصر إلى جنوب إفريقيا فى هذه الدعوى أشعل المخاوف فى الداخل الإسرائيلى من إمكانية استجابة محكمة العدل الدولية فى لاهاى لطلب جنوب إفريقيا، وإصدارها قرارًا بوقف القتال فى رفح.

وأضافت أنه منذ ذلك الحين تكثف إسرائيل من مساعيها خلف الكواليس، لزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ولكن رفض مصر التنسيق مع إسرائيل فى إدخال المساعدات بعد سيطرتها على المعبر ورفع علمها عليه، حال دون تنفيذ المخططات الإسرائيلية.

وقال مسئول إسرائيلى رفيع المستوى إن قرار مصر الانضمام إلى جنوب إفريقيا فى الدعوى يعكس وصول العلاقات المصرية- الإسرائيلية لأدنى مستوياتها.

وأضاف أن ما أزعج الحكومة الإسرائيلية هو ما وصلت له العلاقات المصرية- الإسرائيلية من مستوى سيئ، وهو أمر لم يحدث من قبل ويعتبر خطوة صعبة، ويكشف عن إصرار مصر على مواصلة الضغط السياسى على إسرائيل، ويبين أن القاهرة لم تعد تملك القدرة على الصبر، وهو أمر مقلق للغاية بالنسبة لإسرائيل.