رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

" غزة " التزام مصرى أصيل

منذ أن اندلع الصراع الفلسطينى الأخير فى 7 أكتوبر 2023، والجهود المصرية لم تتوقف لوقف الهجوم المتبادل. وتحملت مصر كل مسئولياتها تجاه تلك القضية، والواقع أن مصر تحملت العبء الأكبر فى القضية الفلسطينية من نشأتها الأولى عام 1948. ومنذ ذلك الحين والدور المصرى لا ينكره أحد. 
إن مصر لم تتوان لحظة واحدة عن دورها الرائد فى المفاوضات، واقترحت رؤية متكاملة لحل أزمة غزة، وكانت هى رأس زاوية المفاوضات التى تمت فى باريس والدوحة وتل أبيب والقاهرة. لعبت دور الوساطة فى صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن فى القطاع بعد طلب وإلحاح متواصل للقيام بهذا الدور، نظرًا لخبرتها وقدرتها وحرفيتها المعهودة فى إدارة مثل هذه المفاوضات الصعبة والحساسة. 
موقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية، ودعمها كامل للشعب الفلسطينى وحقوقه العادلة، وستبذل قصارى جهدها لتحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة، وتعتبر القضية الفلسطينية هى امتداد للأمن القومى المصرى.
استطاعت مصر بما لديها من خبرات فى التفاوض والدبلوماسية أن تكسب ثقة الطرفين باعتبارها وسيطًا نزيهًا، ومن ثم دخلت فى مفاوضات عسيرة بين الطرفين وحاولت التوفيق بين مكالب الطرفين حتى نجحت فى تحقيق هدنة بين الطرفين، قبلت بها إسرائيل وحماس.
لم تقف مصر مكتوفة الأيدى إزاء المخاطر التى يتعرض لها أمنها القومى، من خلال تصريحات الرئيس واتصالاته ونشاط وزارة الخارجية المصرية وتأهب القوات المسلحة من خلال تفتيش الحرب بمعرفة قائد القوات المسلحة بنفسه، فضلًا عن الاتصالات المكثفة من جانب مصر مع المؤسسات والمنظمات الدولية لدخول المساعدات لقطاع غزة، مع تنبيه الرئيس لسكان غزة إلى أن المهم لهم إعمار أراضيهم وبناؤها وعدم تركها تحت أى ظرف.
وقد أحبط الرئيس السيسى مخطط التهجير القسرى لسكان قطاع غزة، ومحاولات توطينهم فى سيناء، وما كان سيتبعه من تصفية كاملة للقضية الفلسطينية بل اتساع دائرة الحرب، وتداعيات ذلك على الأمن القومى المصرى والعربى، ووقف أمام دعوات الاحتلال الإسرائيلى وأجبره على التراجع عن تناول الفكرة، بل أجبرت القوى الدولية على تبنى وجهة النظر المصرية.
علـى الرغـم مـن الصعوبـات الاقتصادية التـى تواجههـا مصـر، والضغـوط التـى يفرضهـا وبـاء كورونـا علـى الاقتصاد المصـرى، فـإن الدولـة لا يمكنها ان تتجاهل الأشقاء، وتتركهم يواجهـون الظـروف القاسـية بعـد العـدوان الإسرائيلى عليهـم وتدميـر كل المرافـق والبنيـة التحتيـة فـى غزة، فلم تتوان مصر سياسيًا عن التحرك فى اتجاه حل تلك الأزمة، وقد بذلت جهودًا جبارة لتحقيق هدنة إنسانية على مدار الأشهر الماضية، حيث كانت تنسق جميع تحركاتها ومقترحاتها مع جميع الأطراف المعنية، ولم تعمل أبدًا بشكل منفرد بل كانت تُطلع الأطراف على أى تطورات أو مقترحات أولًا بأول. محاولات تحميل مصر مسئولية فشل مفاوضات التهدئة تعتبر سخيفة ومحاولات يائسة من البعض للتهرب من التزاماتهم وإلقاء اللوم على الطرف الذى تحمل العبء الأكبر فى هذه الأزمة. من غير اللائق الزج بأسماء شخصيات مصرية تفانت فى المفاوضات وتحميلها المسئولية، فهذا انزلاق إلى مساحات يجب أن يبتعد عنها الجميع. مصر هى أول من اقترح رؤية متكاملة لحل أزمة غزة وكانت هى أساس المفاوضات التى تمت فى باريس والدوحة وتل أبيب والقاهرة، ولا يمكن لمصر أن تغير حرفًا واحدًا دون التشاور مع جميع الأطراف وموافقتهم. مصر تلعب دور الشريك الكامل وليس فقط الوسيط النزيه، وكانت جميع مقترحاتها تتم بحضور الأطراف وموافقتها. محاولات تشويه الدور المصرى لن تثنيها عن الاستمرار فى دعم القضية الفلسطينية ورفع الكارثة الإنسانية عن قطاع غزة.
وبعـد نجـاح مصـر فـى التوصـل للهدنـة، واصلـت جهودهـا الحثيثـة لتثبيـت الهدنـة وجعلهـا هدنـة دائمـة، وفـى هذا الإطار، جاءت زيارات الوزير عباس كامـل، مديـر المخابـرات المصريـة، لـكل مـن غـزة وتـل أبيـب ورام الله، لاسـتثمار الهدنـة فى تحقيق نتائـج إيجابيـة فـى ملـف تبـادل الأسرى، وقـد كلـف الرئيـس عبـدالفتـاح السيسـى وفـدًا أمنيـًا مصريًـا لمتابعـة التقـدم فـى ملـف تبـادل الأسرى، كمـا أرادت مصـر أيضًـا اسـتثمار الزخـم الدولـى بيـن الجانبيـن، الـذى أحدثتـه الأزمـة فـى العـودة بالقضية إلى مسار التسوية السياسية، يما يضمن تحقيق حقوق الشعب الفلسطينى.
والثابت أن اهتمام مصر بالقضية الفلسطينية وحماية حقوق الفلسطينيين هو اهتمام أصيل بالنسبة لمصر، ولا ينبع من مصالح خاصة.