رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عقل مصر الإلكترونى

بافتتاح «مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية»، صباح أمس، الأحد، صار للدولة المصرية عقل جامع، يضم بيانات كل مؤسساتها، وزاراتها، وأجهزتها المختلفة، ويربط بينها، عبر شبكة قومية، تضم منظومة ضخمة، محفوظة فى موقع محصن، مساحته تزيد على ٢٣ ألف متر مربع، مجهز بأحدث الأنظمة التكنولوجية، ويتمتع بأعلى درجات التأمين والحماية، ضد أى مخاطر أو هجمات إلكترونية، بالإضافة إلى منظومة أخرى، تقوم بدور العقل البديل، حال حدوث أى طارئ، أو مكروه.

مع جمع البيانات، يقوم المركز، أيضًا، بتحليلها، ودعم اتخاذ القرار، خاصة فى أوقات الأزمات، بمقترحات، موضحًا ميزاتها وعيوبها، تاركًا لمتخذ القرار حرية اختيار ما يراه مناسبًا منها. كما أن المركز يقدم التطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعى، ويعمل كبديل نشط لمركز البيانات الحكومى بالعاصمة الإدارية، ويعمل، أيضًا، كمركز وطنى موحد لبيانات التعافى من الكوارث، إلى جانب توطين استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى فى القطاع الحكومى، وتوفير فرص تنموية فى المجالات الزراعية والاقتصادية والصناعية والتكنولوجية، وطرح التوقيتات الأنسب أو الأفضل لكل خطوة، وكل مشروع.

فتحت مراكز البيانات والحوسبات السحابية آفاقًا جديدة لريادة الأعمال، فى جميع المجالات والصناعات، وخلقت فرصًا جديدة للجمع بين عدة مجالات فى بيئة عمل واحدة، وصارت جوهر التحول الرقمى، وأحد مرتكزات الاقتصاد العالمى. وتتميز الحوسبات السحابية عن مراكز البيانات التقليدية بقدرتها على مشاركة الموارد افتراضيًا، مع تقديم المزيد من الخدمات، وسعات تخزين أكثر مرونة. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن لدينا استراتيجية قومية لبناء اقتصاد رقمى قوى، تستهدف زيادة الصادرات الرقمية، وخلق فرص عمل متميزة فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ارتكازًا على ثلاثة محاور رئيسية: تحقيق التحول الرقمى، توفير خدمات اتصالات ذات كفاءة عالية، وتشجيع ريادة الأعمال.

لدينا، أيضًا، «استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد ٢٠٢٢- ٢٠٢٦»، التى تم إطلاقها فى منتصف فبراير ٢٠٢٢، وترتكز على تطوير المهارات الرقمية والقدرات اللغوية للشباب وتعزيز مكانة مصر فى الأسواق المستهدفة. وفى ضوء هذه الاستراتيجية، قامت هيئة «تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات»، أواخر نوفمبر ٢٠٢٢، بتوقيع اتفاقيات مع ٢٩ شركة دولية، متعددة الجنسيات، لفتح مقرات لها فى مصر، أو لزيادة حجم استثماراتها وتوسيع نطاق أعمال مراكزها فى السوق المصرية. وصناعة التعهيد، تعنى، ببساطة، تقديم الخدمات وإدارة نظم الأعمال عبر وسيط متخصص، تتوافر لديه القدرات والخبرات الفنية.

مرارًا، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتعزيز استخدام أحدث التقنيات لمضاعفة قدرات البنية المعلوماتية الرقمية للدولة، وتدريب الكوادر البشرية على مختلف المهارات الرقمية، لدعم الأداء الحكومى، وتوفير أحدث الخدمات الرقمية للمواطنين وقطاع الأعمال على مستوى الجمهورية. وفى هذا السياق جرى إطلاق مبادرة «بناة مصر الرقمية»، فى بداية ٢٠٢١، بهدف تخريج كوادر شابة متميزة فى أحدث مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من المهنيين المستقلين والعاملين فى مختلف المشروعات القومية. إضافة إلى «مبادرة أشبال مصر الرقمية»، وهى منحة مجانية، لتلاميذ وطلاب المدارس الإعدادية والثانوية، الذين تتراوح أعمارهم بين ١٢ و١٧ سنة، وتهدف إلى تدريبهم وتنمية مهاراتهم وتأهيلهم للمشاركة، مستقبلًا، فى بناء مجتمع رقمى يتواكب مع مستحدثات العصر ومتطلبات المستقبل.

فى الإطار نفسه، إطار تعزيز محور بناء الإنسان المصرى والتوسع فى بناء القدرات وإعداد الكوادر البشرية بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، جرى، أيضًا، تنفيذ عدد كبير من المشروعات، أبرزها «مدينة المعرفة» بالعاصمة الإدارية الجديدة، التى تضم معهد تكنولوجيا المعلومات وجامعة مصر للمعلوماتية والمعهد القومى للاتصالات و... و... وواحة التكنولوجيا، التى تستضيف الشركات العالمية والمحلية والبنوك، وتوفر فرص تدريب للطلاب، وفرص عمل للخريجين.

.. أخيرًا، وبعد أن بات فى حكم المؤكد أن «مدينة المعرفة» بالعاصمة الإدارية الجديدة، ستكون موطنًا للإبداع الرقمى، ومجتمعًا متكاملًا لتكنولوجيا المعلومات، نرى أن دولة ٣٠ يونيو حرصت على تهيئة المناخ الاستثمارى الداعم لنمو صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من خلال انتهاج عدد من السياسات والإجراءات المتصلة، تستهدف تحقيق التوازن المطلوب بين حماية خصوصية البيانات، وتحفيز القطاع الخاص، المحلى والأجنبى، على الاستثمار فى هذا المجال.