رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما بعد قرارات «العدل الدولية».. خبراء فلسطينيون لـ«الدستور»: نحتاج إلى آليات للتنفيذ على الأرض

العدل الدولية
العدل الدولية

أكد خبراء وسياسيون فلسطينيون أن قرارات محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلى تاريخية، مطالبين جميع دول العالم بالتحرك من أجل تطبيقها وإيقاف العدوان وحرب الإبادة على قطاع غزة. 

وأصدرت المحكمة، عدة قرارات ضد الاحتلال الإسرائيلى، أبرزها الأمر بإيقاف العملية العسكرية التى يجريها فى مدينة رفح الفلسطينية، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى أهالى القطاع. 

وقالت تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية، إن القرارات مهمة جدًا وخطوة فى الاتجاه الصحيح لوقف الأعمال العسكرية فى رفح، إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة من خلال معبر كرم أبوسالم لحين إنهاء التوافق الكلى على فتح معبر رفح من الجانب الفلسطينى.

وأضافت: «قرار المحكمة بحاجة إلى متابعة تنفيذ رغم أنه قرار ملزم ولا يستأنف، لكن محكمة العدل، الذراع القضائية لمجلس الأمن، تفتقد آليات وأدوات التطبيق، والأمر يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولى وألا يعرقله الفيتو الأمريكى». 

وأضافت أنه «إذا كان المشروع الذى سيُقدم لمجلس الأمن مصاغًا لوقف إطلاق النار الكلى على قطاع غزة فلا شك أن الولايات المتحدة ستستخدم «الفيتو» ضده، لكن إذا كان المشروع مصاغًا لوقف العمليات العسكرية فى رفح وإدخال المساعدات فقط فإن أمريكا لن تستخدم حق النقض، أو ستمتنع عن التصويت تفاديًا للإحراج.

وأكملت «حداد»: «إسرائيل لن تلتزم ولن تنهى العمليات فى رفح إلا بصفقة تسمح لها بالإفراج عن محتجزيها لدى المقاومة، ثم تعود للحرب مرة أخرى لتنفيذ الأهداف التى تريد تحقيقها».

وأشارت إلى أن حكم محكمة العدل الدولية جاء نتاج جهود مستمرة بذلتها جنوب إفريقيا، إضافة إلى مصر التى دعمتها فى القضية، مع جهود بعض الدول العربية الأخرى، التى استهدفت الضغط على إسرائيل لوقف حربها على القطاع والوصول إلى سلام مستدام.

وتابعت: «الهدف إدخال المساعدات الإنسانية ووقف سياسة التجويع الممنهجة، التى جعلت المواطنين فى حالة موت بطىء فى ظل عدم توافر الطعام والشراب والدواء، تفاديًا لكارثة إنسانية ستودى بحياة مزيد من الأطفال والنساء والمرضى والجرحى فى القطاع».

من جهته، أعلن عاكف المصرى، المفوض العام للعشائر الفلسطينية بقطاع غزة، الترحيب بقرار محكمة العدل بوقف العدوان الإسرائيلى على رفح بشكل فورى، مطالبًا المحكمة بإصدار قرار بوقف العدوان والإبادة الجماعية على كامل القطاع.

وشدد على أنه يجب على المجتمع الدولى تحمل مسئولياته، وإلزام دولة الاحتلال المجرمة بوقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتجويع الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى، وعدم السماح لها بمواصلة الاستهتار بكل القوانين والمواثيق الدولية والإفلات من المحاسبة والعقاب.

وتابع: «يأتى هذا الحكم تكليلًا لجهود دولة جنوب إفريقيا، وجمهورية مصر العربية، والدول الشقيقة والصديقة لشعبنا الفلسطينى فى الضغط على الاحتلال وكشف جرائمه».

وقال الدكتور ماهر صافى، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن محكمة العدل الدولية تدعم وقف الحرب فى رفح خاصة، وفى قطاع غزة بشكل عام، ورغم أن قراراتها ملزمة فإنها لا تستطيع متابعة تنفيذها، ولذلك ستنقلها إلى مجلس الأمن ليطرحها بدوره للنقاش.

وتابع: «هنا لن تقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدى وستستخدم الفيتو ضد مشروع القرار، كما حدث فى القرارات السابقة التى لم تنفذها إسرائيل لأنها تعلم جيدًا أن الولايات المتحدة تقف معها، وتعطيها مزيدًا من الصلاحيات لاستمرارها فى العدوان وتمدها بجسر جوى من السلاح والمعونات العسكرية والقنابل والصواريخ التى قتلت بها ما يزيد على ٣٥ ألف مواطن فلسطينى، معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين والمدنيين، وأصابت أكثر من ٨٠ ألف مواطن منذ السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣».

وأكد الكاتب والصحفى الفلسطينى، ثائر أبوعطيوى، أن قرار محكمة العدل الدولية بمطالبة حكومة الاحتلال الإسرائيلى بوقف العملية العسكرية فى رفح من جهة، ومطالبتها إسرائيل بتحديد خطواتها المستقبلية- يعتبر مهمًا للغاية، وخطوة إيجابية وبناءة تمهد الطريق لخطوات إضافية لاحقة تدين الاحتلال وجرائمه ضد شعبنا الفلسطينى. 

وأوضح «أبوعطيوى»: «مطالبة محكمة العدل الدولية بإيقاف العملية العسكرية لجيش الاحتلال الاسرائيلى فى رفح والانسحاب منها جاءت فى إطار بشاعة الجرائم التى تستهدف التهجير القسرى لأكثر من مليون مواطن فلسطينى، نزحوا أكثر من مرة إلى أكثر من مكان فى محافظات قطاع غزة». 

وشدد على ضرورة دعم هذا القرار من خلال التفاعل العربى والدولى المستمر مع قطاع غزة، فى ظل استمرار العدوان للشهر السابع على التوالى، ولا بد أيضًا من أن تكون هناك العديد من وسائل الضغط الدولية على حكومة الاحتلال، عبر التفاعل الرسمى والدبلوماسى والشعبى فى كل أرجاء العالم مع الشعب الفلسطينى، ودعمه على المستويين السياسى والإنسانى.

وأضاف: «تفاعل العرب هو الضغط الأقوى على إسرائيل، وسيجبرها على الانصياع الفورى لقرارات محكمة العدل الدولية، والخضوع العاجل والسريع لرغبة المجتمع الدولى والمؤسسات الحقوقية الإنسانية والقانونية الدولية من أجل إيقاف الحرب على قطاع غزة». 

وتابع: «كما يجب أن تسمح دولة الاحتلال بوصول فريق محكمة العدل الدولية إلى غزة، الذى سيتابع التحقيق فى جرائم الإبادة الجماعية والمجازر والقتل والتدمير والنزوح والجوع الذى لحق بسكان قطاع غزة». 

واقترح «أبوعطيوى» تشكيل تحالف عالمى لتأييد قرارات محكمة العدل الدولية، وهذا لضمان تطبيق القرار على أرض الواقع وبشكل عاجل وسريع، والخروج من رفح وإنهاء العملية العسكرية، وصولًا لوقف إطلاق النار بشكل دائم فى كل محافظات قطاع غزة.

وقال: «إن قرارات محكمة العدل الدولية جاءت نتيجة جهود جنوب إفريقيا المشكورة الداعمة لعدالة القضية ولشعبنا الفلسطينى على طريق الحرية والاستقلال، وجاءت نتيجة الجهود الجبارة التى تبذلها الدول العربية الشقيقة، خاصة جمهورية مصر العربية، من أجل إنهاء الحرب».

وذكر: «واثقون فى الأشقاء العرب، ويملؤنا الأمل فى أن تبقى الدول الداعمة تنصف الضحية وتدين الجلاد، وتقف وتناصر شعبنا الفلسطينى وتدعم تطلعاته نحو حل سلمى عادل وشامل يضمن حريته واستقلاله وإقامة دولته فى إطار حل الدولتين».

من جانبه، قال الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن هناك توجهًا عامًا لدى المجتمع الدولى لممارسة الضغط على إسرائيل لوقف الحرب التى تشنها ضد الشعب الفلسطينى.

وأوضح «عمر»: «بدت ملامح هذا التوجه فى قرار الأمم المتحدة الاعتراف بفلسطين دولة دائمة العضوية، ثم إصدار محكمة الجنايات الدولية قرار توقيف بحق كلٍّ من بنيامين نتنياهو ويوآف جالانت، ومن ثم اعتراف ثلاث دول أوروبية، هى النرويج وإسبانيا وأيرلندا، بالدولة الفلسطينية».

وأكد أن الاعتراف المتواصل من قبل الدول بالدولة الفلسطينية، ودعم القرارات التى تصدر عن المحاكم والمنظمات الدولية، جهود تأتى فى إطار تثبيت وإنصاف الحق الفلسطينى وترسيخ الرواية الفلسطينية، وهذا أقل شىء تقدمه هذه الدول والمحاكم والمنظمات للشعب الفلسطينى فى ظل حرب الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة.

وتابع: «إسرائيل كعادتها تتنصل من المواثيق الدولية وتدير ظهرها للمجتمع الدولى، وجميعنا رأى مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة كيف مزّق ميثاق الأمم المتحدة بعد التصويت على قرار العضوية الدائمة لدولة فلسطين فى الأمم المتحدة، وهذا يزيد من حجم القطيعة بين الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ودول العالم».

وتابع: «ربما يتطور الموقف الدولى إذا تعنتت إسرائيل واستمرت فى جرائمها وإدارة ظهرها للمجتمع الدولى، ونصل لإصدار قرار ملزم من مجلس الأمن بوقف الحرب وإرسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطينى ومقدراته».