رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دراسة جديدة: الانبعاثات الناجمة عن حرب غزة لها تأثير هائل على المناخ

قصف غزة
قصف غزة

كشفت دراسة جديدة أن الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة خلال الشهرين الأولين من الحرب الهمجية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، كانت أكبر من البصمة الكربونية السنوية لأكثر من 20 دولة من أكثر دول العالم تعرضًا للمناخ.

ووفقًا للدراسة، التي تعد الأولى من نوعها وأجراها باحثون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتعتمد على عدد قليل فقط من الأنشطة كثيفة الكربون، فإن تكلفة المناخ خلال الأيام الستين الأولى من الرد العسكري الإسرائيلي كانت تعادل حرق ما لا يقل عن 150 ألف طن من الفحم.

وتتضمن الدراسة، التي لم تتم مراجعتها بعد، ثاني أكسيد الكربون الناتج عن مهمات الطائرات والدبابات والوقود من المركبات الأخرى، بالإضافة إلى الانبعاثات الناتجة عن صنع وتفجير القنابل والمدفعية والصواريخ. ولا يشمل الغازات الأخرى المسببة للاحتباس الحراري مثل الميثان. 

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من نصف إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كان بسبب طائرات الشحن الأمريكية التي تنقل الإمدادات العسكرية إلى إسرائيل، بينما ولدت الصواريخ التي أطلقتها حماس على إسرائيل خلال نفس الفترة حوالي 713 طنًا من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل حوالي 300 طن من الفحم، مما يؤكد عدم التماثل في آلية الحرب لدى كل جانب.

 

وبحسب ما أوردته صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن بيانات الدراسة التي نشرت اليوم الثلاثاء على شبكة أبحاث العلوم الاجتماعية، توفر أول تقدير، وإن كان متحفظًا، لتكلفة الكربون للصراع الحالي في غزة، والذي يسبب معاناة إنسانية غير مسبوقة، وأضرارًا في البنية التحتية وكارثة بيئية.

يأتي ذلك وسط دعوات متزايدة لمزيد من المساءلة عن انبعاثات الغازات الدفيئة العسكرية، والتي تلعب دورًا كبيرًا في أزمة المناخ، ولكنها تظل سرية إلى حد كبير وغير معروفة في مفاوضات الأمم المتحدة السنوية بشأن العمل المناخي.

ضرورة المساءلة 

وقال بنجامين نيمارك، أحد كبار المحاضرين في جامعة كوين ماري: "هذه الدراسة ليست سوى لقطة من البصمة العسكرية الأكبر للحرب.. صورة جزئية لانبعاثات الكربون الهائلة والملوثات السامة الأوسع، التي ستبقى لفترة طويلة بعد انتهاء القتال". 

وأضاف نيمارك، الذي شارك مع باحثين في جامعة لانكستر ومشروع المناخ والمجتمع (CCP)، وهو مركز أبحاث لسياسات المناخ مقره الولايات المتحدة: "إن الاستثناء البيئي للجيش يسمح لهم بالتلوث مع الإفلات من العقاب، كما لو أن انبعاثات الكربون المنبعثة من دباباتهم وطائراتهم المقاتلة لا يتم احتسابها".

وتابع: "يجب أن يتوقف هذا، لمعالجة أزمة المناخ نحتاج إلى المساءلة".

وأدى القصف الإسرائيلي غير المسبوق لغزة منذ 7 أكتوبر إلى الموت والدمار على نطاق واسع. ووفقًا لهيئة الصحة في غزة، قُتل ما يقرب من 23 ألف فلسطيني- معظمهم من النساء والأطفال- ودُفن آلاف آخرون تحت الأنقاض ويُفترض أنهم ماتوا. 

وقد نزح حوالي 85٪ من السكان قسرًا، ويواجهون نقصًا في الغذاء والمياه يهدد حياتهم، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة. 

وبالإضافة إلى المعاناة المباشرة، يؤدي الصراع إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية، والتي تتجاوز بكثير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن القنابل والطائرات.

في هذا الإطار، يقدر البحث الجديد أن تكلفة الكربون لإعادة بناء 100 ألف مبنى متضرر في غزة باستخدام تقنيات البناء المعاصرة ستولد ما لا يقل عن 30 مليون طن متري من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. 

ويعادل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية في نيوزيلندا وأعلى من 135 دولة ومنطقة أخرى بما في ذلك سريلانكا ولبنان وأوروغواي.

الحروب تدفع البشرية إلى كارثة مناخية

وقال ديفيد بويد، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة: "يساعدنا هذا البحث على فهم الحجم الهائل للانبعاثات العسكرية- الناتجة عن الاستعداد للحرب، وتنفيذ الحرب، وإعادة البناء بعد الحرب".

وقال أيضًا: "إن الصراع المسلح يدفع البشرية إلى أقرب كارثة مناخية، وهو وسيلة غبية لإنفاق ميزانيتنا المتقلصة من الكربون".

وأضاف: "إن العواقب المناخية بما في ذلك ارتفاع مستوى سطح البحر والجفاف والحرارة الشديدة تهدد بالفعل إمدادات المياه والأمن الغذائي في فلسطين".