رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل ينسحب ترامب من حلف الناتو حال فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟

ترامب
ترامب

أكد تقرير أمريكي أن فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 أمام الرئيس الحالي جو بايدن سيمثل تهديدًا كبيرًا لمستقبل حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وأوضح إيفو دالدر، سفير الولايات المتحدة السابق لدى حلف شمال الأطلسي، الرئيس التنفيذي لمجلس شيكاغو للشئون العالمية في مقال له بمجلة "بوليتكو" الأمريكية، أن انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة سيعني تغييرًا جوهريًا في حلف شمال الأطلسي، سواء قرر الانسحاب منه أم لا لكن لن ينتهي التحالف بالضرورة.

موقف دونالد ترامب من حلف الناتو في انتخابات الرئاسة الأمريكية

وقال إيفو دالدر إن عداء ترامب تجاه حلف شمال الأطلسي بل وجميع التحالفات الأمنية الأمريكية في مختلف أنحاء العالم معروف جيدًا، فعندما ترشح في انتخابات الرئاسة الأمريكية في المرة الأولى، صرح مرارًا بأن حلف الناتو "عفا عليه الزمن"، وبمجرد وصوله إلى منصبه، هدد بالانسحاب منه كما صرخ في وجه مستشاره للأمن القومي آنذاك جون بولتون خلال نقاش ساخن: "أنا لا أهتم بحلف شمال الأطلسي".

وفي وقت لاحق، أبلغ ترامب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: "عليك أن تفهم أنه إذا تعرضت أوروبا لهجوم، فلن نأتي أبدًا لمساعدتك ودعمك"، وفقًا لمسئول في الاتحاد الأوروبي كان حاضرًا في الاجتماع، ثم أضاف له: "بالمناسبة، حلف الناتو مات، وسنخرج من الناتو".

وتابع أن الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في عام 2022 عرّف الكثيرين بقيمة الناتو وأهميته فضلًا عن التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي، فقد تعلم ترامب درسًا مختلفًا، ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "ذكي" و"عبقري"، وزعم أنه إذا أتيحت له الفرصة، فيمكنه إنهاء الحرب في "يوم واحد" من خلال قطع جميع المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، ومطالبة كييف باتخاذ إجراء التعامل مع موسكو.

وأضاف: "اليوم، لا تزال كراهية ترامب لحلف الناتو غير منقوصة، وإذا عاد إلى المكتب البيضاوي في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، فليس هناك شك في أنه سيستمر في هذا العداء".

فرص انسحاب ترامب من حلف الناتو

وحذر إيفو دالدر من عدم الثقة في المرسوم الذي أصدره الكونجرس مؤخرًا، والذي يهدف إلى منع الرئيس من الانسحاب من الناتو دون موافقة الكونجرس أيضًا، لأنه لا يستطيع أحد أن يجبر رئيسًا أمريكيًا على الدفاع عن دولة أخرى بكامل قوة الجيش الأمريكي، ولا حتى الكونجرس.

كذلك من الناحية القانونية، فإن الولايات المتحدة (أو أي عضو آخر في حلف شمال الأطلسي، في هذا الشأن) ملزمة فقط باتخاذ الإجراء الذي تراه ضروريًا، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي وبعبارة أخرى، "يُترك لكل عضو أن يقرر بنفسه ما إذا كان سيتصرف وكيفية التصرف في حالة وقوع هجوم مسلح على أحد الحلفاء" وحتى هذا الشرط، في المادة الخامسة، لا يصبح ملزمًا إلا بعد موافقة جميع أعضاء الناتو على تفعيل الالتزام.

وحذر إيفو دالدر من أن ما يجعل التحالف الأمني فعالًا ليس بعض الإملاءات القانونية، بل الثقة التي يضعها الحلفاء في بعضهم البعض، وأنهم سيدافعون عن بعضهم البعض، ومصداقية هذا الالتزام في عيون خصومهم، ومن الممكن أن تعمل الالتزامات الملزمة قانونًا على ترسيخ تلك الثقة، ولكنها لا تستطيع الحفاظ عليها بمفردها أو حتى بنائها، ناهيك عن أن أي حليف في معاهدة الناتو يستطيع الانسحاب من الحلف بموجب المادة 13 من المعاهدة.

كيف تؤثر انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 على مستقبل الناتو

وأضاف: "إعادة انتخاب ترامب سيُنظر إليها باعتبارها رفضًا أساسيًا للثقة التي وضعها حلفاء الناتو في الولايات المتحدة للدفاع عنهم في حالة وقوع هجوم مسلح، والأكثر من ذلك أن احتمال وقوع مثل هذا الهجوم يلوح في الأفق في أوروبا بعد الحرب التي شنتها روسيا في أوكرانيا ولن يكون لدى قادة الحلفاء ولا شعوبهم أي ثقة في أن أمريكا بقيادة ترامب سوف تأتي لمساعدتهم".

وتابع: "هذا الواقع لن يعني بالضرورة نهاية حلف شمال الأطلسي، على الرغم من أنه سيحوله إلى تحالف مختلف جذريًا عن ذلك الذي كان موجودًا على مدى السنوات الخمس والسبعين الماضية فلن ينتهي حلف شمال الأطلسي حتى لو انسحب رسميًا، إذ سيقل عضوًا واحدًا فقط".

وقال إن الولايات المتحدة ليست مثل أي عضو آخر في الناتو، فهي العمود الفقري الحقيقي للتحالف، فالجيش الأمريكي جزء كبير من القدرة الإجمالية لحلف شمال الأطلسي، وتشكل قواته المسلحة النواة التي بنى حولها معظم حلفاء الناتو جيوشهم الخاصة، وينتشر حاليًا أكثر من 100 ألف جندي أمريكي من القوات البرية والجوية والبحرية في جميع أنحاء أوروبا لدعم مباشر لحلف شمال الأطلسي.

علاوة على ذلك، فإن الترسانة النووية الأمريكية، بما في ذلك الأسلحة المنتشرة في أوروبا لتستخدمها القوات الجوية المتحالفة، "هي الضمانة العليا لأمن التحالف، بينما تمتلك فرنسا وبريطانيا قدرات نووية كبيرة، فإن استعدادهما وقدرتهما على توسيع المظلة النووية لتشمل جميع حلفائهما غير مؤكد ولم يتم اختباره".

وأضاف: "مع ذلك، سيظل حلف شمال الأطلسي تحالفًا عسكريًا هائلًا حتى بدون الولايات المتحدة، ويضم أعضاؤه معظم الدول في أوروبا، بالإضافة إلى كندا، وتمتلك المنظمة عمليات وإجراءات وبرامج للدفاع الجماعي متطورة للغاية، ومن المحتمل أن تكون فعالة للغاية".

لكن بحسب إيفو دالدر، فإن إمكانية ترجمة هذه الإمكانية إلى واقع فعلي وبقاء الناتو ستعتمد في الأغلب على الأعضاء المتبقين فيه بعد خروج واشنطن منه، كذلك لن يكون حلف شمال الأطلسي فعالًا بدون الولايات المتحدة كما أنه سيكون بمثابة رادع أقل مصداقية لروسيا وغيرها من الخصوم.

وشدد دالدر على أن حلف شمال الأطلسي قد لا ينتهي بانتخاب ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، ولكن التحالف سيكون أضعف إلى حد كبير في غياب شريك أمريكي ذي مصداقية، مما يجعل الأمن الأوروبي أكثر عرضة للخطر.