رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الزمن" يغير وجه "خان يعقوب" في طنطا.. أقدم ساعاتي يروي القصة

اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي

“خان يعقوب” في مدينة طنطا، ذلك المكان التجاري التاريخي، كان يعتبر في الماضي مركزًا حيويًا لصيانة الساعات وتجارتها، وكان يشتهر بمحل جمعة، أول محل لبيع وصيانة الساعات في وسط الدلتا، ومع مرور الوقت، تغيرت هذه المهنة وشهدت انقراضًا في بعض الأماكن، بما في ذلك خان يعقوب بطنطا، ما أدى إلى هجرها من قبل أهلها.

تعود بداية هذه المهنة في هذه المنطقة إلى أكثر من 150 عامًا، حيث بدأ الراحل مصطفى جمعة، أول من عمل في صيانة الساعات في منطقة الدلتا بأكملها، وبدأت معه شهرة شارع الخان العريق في طنطا، وبات يعج بالمحلات التي تختص بتجارة وصيانة الساعات، بعد ما أخرج من تحت يديه العديد من العمال الماهرين.

ومع مرور الزمن، تغيرت تفاصيل هذا الشارع ومحلاته، وجرى تحويل نشاط الشارع التجاري من صيانة الساعات إلى أنشطة أخرى بسبب عدم جدوى العمل في هذا المجال، وترك أهل المنطقة المهنة، وبقي “محل جمعة” مع نشاط محدود.

الحاج عماد عزت مصطفى جمعة، الوريث الأخير للمحل المشهور بصيانة الساعات، صاحب الـ 70 عامًا، قرر قبل عدة سنوات أن يغير النشاط التجاري لمحله بسبب عدم جدوى صيانة الساعات، وقام بتحويل محله لتجارة أدوات منزلية ونجف وتحف، لكنه احتفظ بتجارة بعض ساعات الحائط ليظل يحافظ على صلته بنفس المهنة.

يحكي الحاج عماد، عن زمن ساعات الحائط المميزة التي شاهدها مع جده ومن بعده والده، حيث كانت ببندول ولا تحتوي على حجارة، وأحيانًا كانت تحتوي على زمبلك، وكانت ساعات اليد “الماركة” متاحة بسعر جنيهين فقط، وساعات الجيب بنقش صور وأسماء أصحابها يدويا، ولم يكن هناك ما يغني عن وجود ساعة بحوزة الفرد.

ويضيف الوريث الشرعي لمهنة صيانة الساعات بالغربية، والآن يمكن القول إن الساعات الصينية المصنوعة هي الساعات الوحيدة المتوفرة، ولا يمكن إصلاحها أو صيانتها بنفس الكفاءة، وبسبب تزايد أسعار الساعات الأصلية وارتفاع تكلفتها، هجر التجار تجارتها وتخلوا عن صيانتها.

ويقول، أعمل في هذا المحل منذ زمن بعيد وحضر والدي هنا ومن قبله جدي، والآن ابني معي هنا يساعدني، ولكن باقي أفراد العائلة العاملين في صيانة الساعات قد انتقلوا إلى القاهرة، حيث يوجد طلب أكبر على خدماتهم، وتعتبر الساعات الأصلية ذات الجودة العالية باهظة الثمن، ما جعل تجارتها غير مجدية في طنطا والمناطق المجاورة، وبالتالي انخفض الاهتمام بها وتراجع الطلب عليها.

ويضيف الحاج عماد، على الرغم من أن مهنة صيانة الساعات قد انقرضت في خان يعقوب بطنطا، إلا أنها تبقى جزءًا من تاريخ المدينة وتراثها، وتجسد مهارات وحرفية الأجداد الذين كانوا يعملون في هذا المجال، وقد يكون اندثارها نتيجة لتغير الظروف الاقتصادية والتكنولوجية، وتعزيز الساعات الرقمية والتكنولوجيا الحديثة التي لا تحتاج إلى صيانة بنفس القدر.

يقول حفيد أول ساعاتي بالدلتا: “يجب أن نحتفظ بتلك الحكايات التقليدية والمهارات التي ترتبط بمهنة صيانة الساعات، فهي تشكل جزءًا من ثقافتنا وتراثنا، ومن المهم أن نعمل على توثيق تلك الحكايات ونقلها للأجيال القادمة، حتى لا يُنسى تاريخ هذه المهنة المهمة وتأثيرها على المجتمع المحلي”.

يضيف: “على الرغم من اندثار مهنة صيانة الساعات في خان يعقوب بطنطا، يجب علينا أن نتذكر أن التغير في المهن والتكنولوجيا هو جزء من التطور الطبيعي للمجتمعات، وبدلًا من الحزن على اندثار هذه المهنة، يجب أن ننظر إلى المستقبل ونسعى لاكتساب مهارات ومعرفة جديدة تناسب العصر الحالي وتلبي احتياجات سوق العمل المتغيرة، وهذا ما انصح به ابني دائمًا”.

اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي
اقدم ساعاتي