رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"نيويورك تايمز": مصر رفضت مخطط "النكبة الثانية".. واجتياح رفح يهدد النازحين

النازحين
النازحين

أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أمس، أن مصر تراقب الوضع في غزة بحذر شديد، بينما تزيد الحرب من الضغط على حدودها في ظل إعلان الاحتلال الإسرائيلي عزمه دخول مدينة رفح الفلسطينية.

وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إنه خلال الصراعات السابقة في المنطقة استقبلت مصر لاجئين من سوريا واليمن والسودان، ولكن كان رد فعلها مختلفًا تمامًا في التعامل مع حرب غزة، حتى لا يصبح تهجير الفلسطينيين أمرًا دائمًا ويقوض طموحات الفلسطينيين في إقامة دولة.

مصر ترفض استقبال اللاجئين لدعم إقامة الدولة الفلسطينية

أوضحت "نيويورك تايمز" أن مصر عززت حدودها مع غزة وحذرت إسرائيل من أن أي تحرك من شأنه أن يؤدي إلى تدفق سكان غزة إلى الأراضي المصرية، يمكن أن يعرض معاهدة السلام الموقعة منذ عقود للخطر.

وقالت الصحيفة إن أكثر من نصف سكان غزة محصورون في مدن خيام بائسة في رفح، ولم يُترك لهم أي مكان آخر يذهبون إليه بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية، فيما هدد رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، باجتياح المنطقة، ووجّه جيش الاحتلال، الجمعة، بالتخطيط لإجلاء المدنيين من رفح لتمهيد الطريق أمام هجوم جديد على رفح، لكن ليس من الواضح أين يمكن أن يذهب هؤلاء الأشخاص في هذه البقعة الصغيرة.

وتابعت: "بدلًا من فتح حدودها لمنح الفلسطينيين ملاذًا من الهجوم، كما فعلت مع الأشخاص الفارين من الصراعات الأخرى في المنطقة، عززت مصر حدودها مع غزة وحذرت إسرائيل من أن أي خطوة من شأنها أن تدفع سكان غزة إلى التدفق إلى أراضيها يمكن أن تعرض معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية للخطر، فهي ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط منذ عام 1979".

نيويورك تايمز.. دخول إسرائيل رفح يؤدي لانهيار العلاقات مع مصر

وحذرت الصحيفة من أن خطوات إسرائيل التالية في الحرب قد تؤدي إلى الوصول لمثل هذا الانهيار مع مصر.

ووصف نتنياهو رفح بأنها واحدة من "آخر معاقل حماس المتبقية"، فيما يعتبر معبر رفح الملاذ الأخير لنحو 1.4 مليون جائع ويائس، وفقًا للأمم المتحدة، وأغلبهم نزحوا من أماكن أخرى في غزة.

وحث المسئولون المصريون نظراءهم الغربيين على إبلاغ إسرائيل بأنهم يعتبرون أي تحرك لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء بمثابة انتهاك من شأنه أن يعلق فعليًا معاهدة السلام لعام 1979، وفقًا لدبلوماسي غربي كبير في القاهرة. 

وقال مسئول غربي كبير آخر ومسئول أمريكي ومسئول إسرائيلي للصحيفة، إن الرسالة كانت أكثر مباشرة، حيث هددت مصر بتعليق المعاهدة إذا دفع الجيش الإسرائيلي سكان غزة إلى مصر.

وأكد المسئول الإسرائيلي أن الحكومة المصرية كررت هذا التحذير لوزير الخارجية أنتوني بلينكن يوم الأربعاء، عندما كان بلينكن في القاهرة للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وقالت الصحيفة إن مصر هي الجارة الوحيدة لغزة غير إسرائيل، ومنذ غزت إسرائيل القطاع في أكتوبر الماضي ساعدت مصر نحو 1700 فلسطيني أصيبوا بجروح خطيرة على مغادرة غزة لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، لكن القاهرة ترفض بشكل قاطع أي تدفق أكبر للاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية.

مصر تمنع حدوث نكبة ثانية في غزة

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن رفض مصر تهجير الفلسطينيين من غزة يعود إلى ما حدث عام 1948، عندما فر مئات الآلاف من الفلسطينيين وطردوا من منازلهم في الحرب التي أعقبت قيام إسرائيل، ولم يعودوا أبدًا، وقد ترددت أصداء فكرة النكبة مجددًا في ذاكرة العالم العربي.

وتابعت: "بالنسبة لكثير من الناس في مصر والشرق الأوسط، فإن إرغام إسرائيل سكان غزة على مغادرة منازلهم خلال هذه الحرب، وربما الفرار من غزة تمامًا، سيكون بمثابة نكبة ثانية"، مشيرة إلى أنه وفي وقت مبكر من الحرب، دفعت إسرائيل بإجراء مناقشات دبلوماسية من أجل انتقال سكان غزة إلى سيناء، لكن المسئولين الإسرائيليين توقفوا عن الدعوة رسميًا إلى ذلك منذ نوفمبر الماضي بسبب موقف مصر.

ومع ذلك، فإن تعليقات وزراء الحكومة الإسرائيلية المتشددين التي تؤيد طرد الفلسطينيين من غزة والدعوات المفتوحة من بعض الإسرائيليين لإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة، غذت مخاوف العرب من أنه بعد الحرب لن يتمكن سكان غزة الذين يغادرون من العودة مجددًا وتقويض الآمال في إقامة دولة فلسطينية مستقبلية.

وفي علامة أخرى على الضغوط المتزايدة على مصر، تريد إسرائيل السيطرة على المنطقة العازلة الضيقة التي تفصل بين غزة وشبه جزيرة سيناء.

وقال نتنياهو إن إسرائيل يجب أن تسيطر على ممر فيلادلفيا، لكن مصر تشعر بالقلق من أن إسرائيل تريد الاستيلاء عليها كوسيلة لدفع سكان غزة إلى سيناء، فقد أشار المسئولون الإسرائيليون إلى مخاوف أمنية قائلين إن حماس تقوم بتهريب الأسلحة عبر المنطقة الحدودية بين غزة ومصر.

وأكدت "نيويورك تايمز" أن مصر دمرت منذ سنوات أنفاق التهريب الرئيسية من أراضيها إلى غزة، كما أكد مسئولون عسكريون ومخابرات إسرائيليون أن قدرًا كبيرًا من أسلحة حماس لا تأتي من التهريب، بل من الذخائر غير المنفجرة التي أطلقتها إسرائيل على غزة وأعادت حماس تدويرها، وكذلك من الأسلحة المسروقة من القواعد الإسرائيلية، وفقًا لتحقيق أجرته صحيفة "التايمز" مؤخرًا.