رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حلًا لأزمة ارتفاع أسعاره.. تحرك برلمانى للمطالبة بالتوسع فى زراعة قصب السكر

 النائبة مها عبد
النائبة مها عبد الناصر

تقدمت النائبة مها عبدالناصر عضو مجلس النواب، عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة موجه إلى كل من  رئيس مجلس الوزراء، ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ووزير التموين والتجارة الداخلية، وذلك بشأن التوسع في زراعة محاصيل قصب السكر في مصر وبالتحديد في محافظات الصعيد.

تراجع كبير في زراعة قصب السكر

وقالت عضو مجلس النواب في  طلب الإحاطة، إننا تابعنا جميعًا خلال الآونة الأخيرة الأزمة الطاحنة التي عصفت بالسوق المصرية للسكر، وذلك جراء شُح السلعة بالأسواق والمجمعات الاستهلاكية، إلى جانب ارتفاع أسعار المعروض ليتخطى سعر الكيلو حاجز الـ50 جنيهًا، وهو سعر فلكي وغير مقبول ولا يتناسب مع تصريحات وزارة التموين التي أكدت مرارًا وتكرارًا على أن تلك الأزمة ليست بسبب المخزون الاستراتيجي المصري من السكر، ولكن بسبب الجشع التجاري، بجانب تصريحات بعض المسئولين بوزارة التموين، الذين أشاروا إلى أن من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تفاقم تلك الأزمة هو التراجع الكبير في زراعة قصب السكر في مصر خلال الآونة الأخيرة. 

غياب الدور الرقابي للحكومة على الأسواق

وأشارت مها عبدالناصر، إلى أنه بغض النظر عن أننا نرى أن السبب الرئيسي لتغول تلك الأزمة هو غياب الدور الرقابي للحكومة على الأسواق وعدم وجود آلية حقيقية وجادة لضبط الأسعار بها، وغياب آليات التفاوض المناسبة مع المزارعين الموردين لمحاصيل قصب السكر للمصانع التابعة لوزارة التموين.

 والتي ترتب عليها خلال الأيام الماضية توقف العمل بشكل شبه تام بمصنع أبو قرقاص للسكر بمحافظة المنيا لأول مرة منذ أكثر من 150 عامًا، بسبب عدم رغبة المزارعين في توريد محاصيلهم من قصب السكر للمصنع، بسبب الثمن الزهيد الذي تدفعه الوزارة لهم، والذي وصل إلى 1500 جنيه فقط للطن الواحد، وهو ما دفعهم لبيع تلك المحاصيل لمصانع العسل الأسود والعصارات بضعف ذلك الرقم تقريبًا.

وتابعت نحتاج للتحدث اليوم بشكل موضوعي من أجل إيجاد حلول جذرية لمعالجة تلك الأزمة بشكل قد يساهم في عدم تكرارها مجددًا، وأهم تلك الحلول على الإطلاق من وجهة نظرنا هو التوسع في زراعة محصول قصب السكر وزيادة الرقعة الزراعية الخاصه به، بدلًا من التوسع الكبير الذي تُقدم عليه الدولة في مجال زراعة بنجر السكر، وذلك لعدة أسباب، منها ما أعلنت عنه كلية الزراعة بجامعة القاهرة التي أكدت على أن قصب السكر لم يطله تغيرات هندسية مُستحدثة لتطوير إنتاجيته بأي شكل من الأشكال، فى حين أن بنجر السكر طالته بعد التدخلات على الهندسة الجينية الخاصة به، حيث أصبحت ٩٠٪ من بذوره على مستوى العالم مُهندسة ومُعدلة وراثيًا، ولكن دون أضرار على المستهلكين.

وأضافت، عضو مجلس النواب، أنه على الرغم من زيادة نسبة السكر في البنجر بحوالي ٣٪ عن قصب السكر، إلا أن نسبة السكر في القصب تزيد بشكل كبير في حال تم تسميده بالبوتاسيوم المسئول عن زيادة نسب التحلية، وهو أمر غير شاق على الإطلاق.

 زراعة قصب السكر في الإقليم المصري أسهل بكثير من زراعة بنجر السكر


كما أن زراعة قصب السكر في الإقليم المصري أسهل بكثير من زراعة بنجر السكر، وذلك بسبب أن قصب السكر يعتبر من المحاصيل الاستوائية التي يفضل زراعتها في المناطق الحارة وعلى رأسها قارة إفريقيا.
وذلك على عكس محصول بنجر السكر الذي تكثُر زراعته في المناطق الباردة كما فى أوروبا وكندا والولايات الشمالية فى الولايات المتحدة وروسيا والصين، وهو ما يُحفِز عملية زراعة قصب السكر في مصر بشكل أوسع وأكبر، وهو أيضًا ما يدفعنا إلى ضرورة التوسع في زراعة قصب السكر فى محافظات الصعيد بشكل خاص بصفتها المحافظات صاحبة أعلى درجات حرارة في مصر.

استهلاك فدان قصب السكر من المياه فى محافظات الصعيد 

كما أكدت «عبدالناصر» على أنه وفق أحدث الدراسات في هذا الشأن، تبين أن استهلاك فدان قصب السكر من المياه فى محافظات الصعيد وتحديدًا في المنيا وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان، بصفتها المحافظات الأكثر حرارة ورطوبة في مصر، يتراوح ما بين  10 آلاف إلى 12 ألف متر مكعب فى السنة، وهي تقريبًا نفس كمية المياه التي يحتاجها فدان بنجر السكر الذي لا يُزرع في مصر إلا فى محافظات الدلتا بصفتها المحافظات الأقل حرارة، إلا أن أوراق نباتات بنجر السكر وهي أوراق عريضة الحجم، تفقد كميات كبيرة من المياه بالبخر مع كل ارتفاع فى درجات الحرارة، وهذا يعني أن زراعة بنجر السكر في محافظات الصعيد ستستهلك كميات من المياه تعادل ما يستهلكه قصب السكر، ولكن سيقل المحصول كثيرًا عن القصب.

كما نوهت، لما نشرته شركة السكر والصناعات التكاملية عن أن فدان بنجر السكر ينتج ٢ طن سكر تقريبًا، على عكس فدان قصب السكر الذي ينتج فى المتوسط ٤.٥ طن سكر، أى أن الفدان الواحد من قصب السكر يعادل ٢.٢٥ فدان من البنجر، أي بمعدل زيادة ١٢٥٪ تقريبًا، وبالتالى فإن كل فدان قصب نفقده سنحتاج إلى أن نزرع بدلًا منه ٣ أفدنة من البنجر، وهو أمر في غاية الصعوبة، نظرًا لأن الدولة المصرية محدودة الأراضى الخصبة اللازمة لزراعة القصب خاصة فى محافظات الصعيد، بجانب أن مصر من الدول التي تعاني من الفقر المائي في الوقت الحالي.

وأكدت «عبدالناصر» أيضًا على أن قصب السكر من المحاصيل متعددة الاستخدامات والصناعات، حيث ينتج نحو 17 سلعة أخرى غير السكر، منها الكحول الأبيض، الإيثانول الذى تستخدمه المستشفيات ومصانع الأدوية والعطور وما شابه، والخل والأسيتون والمولاس والعسل الأسود والسكر البنى وسكر وسائل الجلوكوز لمصانع الحلويات وسكر الفركتوز لمرضى السكر ومزيلات العرق، كما يُستخدم فى إنتاج الخشب الحبيبى والورق، فضلًا عن أن الطينة البُنية الناتجة عن صناعة السكر من القصب تعد مخصبًا قويًا للأراضى الزراعية، وهو ما زاد من معدلات الطلب عليه من جانب المزارعين بأسعار مرتفعة.

كما أشارت من ناحية أخرى، إلى أن مصر تقوم باستيراد أكثر من ٢٠٪  من احتياجاتها من السكر، والتي تتراوح ما بين ٨٠٠ ألف إلى مليون طن سنويًا، وفي ظل عدم التوسع في زراعة قصب السكر لزيادة كميات السكر التي يتم ضخها بالأسواق ومع ارتفاع معدلات الزيادة السكانية، سنضطر لمضاعفة الكميات المستوردة من السكر، وبالتالي إحداث مزيد من الضغط على العملة الأجنبية، وهو أمر في غاية الخطورة، خاصة في ظل الأزمة الدولارية الكبيرة التي تعاني منها الدولة خلال السنوات الماضية، في حين أن إنتاجه محليًا سيوفر ملايين الدولارات، بجانب أنه سيؤدي إلى خفض معدلات البطالة من خلال توفير فرص عمل متعددة، خاصة لأهالي الصعيد.

بنجر السكر يحتاج إلى وقود خارجى لإنتاج الطاقة اللازمة لتصنيعه واستخراج السكر منه

كما أشارت أيضًا إلى أن بنجر السكر يحتاج إلى وقود خارجى لإنتاج الطاقة اللازمة لتصنيعه واستخراج السكر منه، وهو أيضًا ما يعتبر عاملًا مساعدًا لارتفاع سعر السكر في السوق المحلية، فضلًا عن أن بذور البنجر لا تنتج محليًا نظرًا لعدم مناسبة المناخ في مصر لإنتاج مثل تلك البذور، وبالتالي يتم استيرادها من الخارج بشكل سنوي، كما أن سعر تلك البذور يرتفع بمعدلات كبيرة من سنة لأخرى، وهو ما يجعل الشركات بشكل دائم تحت رحمة الاحتكار الخارجي لبذور البنجر، بجانب عدم توافر المكون الدولاري اللازم لاستيرادها، فضلًا عن أن بنجر السكر تتم زراعته فى دورة ثلاثية لحمايته من الأمراض والآفات، أى أن المساحة المطلوب توفيرها فى نطاق  المصانع تعادل ثلاثة أضعاف المساحة السنوية لزراعة فدان قصب السكر الذي لا يحتاج لتلك المراحل.

واختتمت النائبة مها عبدالناصر طلب الإحاطة، مُطالبة الحكومة كخطوة عاجلة وسريعة ومبدئية بالتوصل لصيغة اتفاق عادلة مع المُزارعين وبالتحديد بمحافظة المنيا من أجل توريد سكر القصب لمصنع أبوقرقاص بسعر عادل، دون أن تكون هناك خسائر للمصنع أو زيادة في أسعار كيلو السكر، وبما يمنع تسرب هذه السلعة الاستراتيجية إلى أسواق تنتج منها سلعًا كمالية أو أقل أهمية وليست استراتيجية، طبقًا لترتيب الأولويات الاستهلاكية للسوق المصرية في الآونة الحالية.

كما طالبت الحكومة أيضًا بوضع استراتيجية شاملة ومحددة الملامح والجداول الزمنية، بشأن التوسع في زراعة محصول قصب السكر على حساب بنجر السكر في ضوء ما قد سبق إجماله، مع عرض تلك الاستراتيجية في أسرع وقت ممكن على المجلس الموقر لبحثها ودراستها بالشكل المناسب.