رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"ألقى به فى النيل".. قصة مقتل صادق وزير مالية فى عهد الخديو إسماعيل

الخديو إسماعيل
الخديو إسماعيل

تحت عنوان "جريمة في البلاط الملكي"، كشف الكاتب حمدى البطران في كتاب "حكايات عابرة" عن تفاصيل مقتل إسماعيل صادق في عهد الخديو إسماعيل باشا.

فقال ألبرت فارمان القنصل الأمريكي آنذاك، في روايته: "بمجرد وصولي إلى مصر وقعت حادثة من الحوادث التي يتميز بها الشرق في مدينة القاهرة، وكنت عائدًا حينذاك من أوروبا إلى مصر في شهر أكتوبر، وكان على الباخرة التي عدت بها مستر جوشن، وبعض الشخصيات الإنجليزية والفرنسية لمقابلة الخديو". 
علاقة الخديو إسماعيل وإسماعيل صادق
وأضاف ألبرت: "كان إسماعيل صادق باشا وزيرًا للمالية المصرية آنذاك، عند زيارة مستر جوشن، وكان معروفًا باسم المفتش، إذ إنه كان يعمل مفتشًا لأملاك الخديو الخاصة قبل أن يعمل وزيرًا، وكان أخًا للخديو في الرضاعة، تربي إسماعيل صادق بين الفلاحين، وكانت نشأته عادية، إلا أنه والخديو كانا متلازمين منذ الطفولة وفي سنة 1869 اختير وزيرًا للمالية وهو المنصب الذي شغله حتى موته".


صفات إسماعيل صادق
كان رجلًا ذا مقدرة طبيعية فذة، ومديرًا فطنًا ذكيًا له نفوذه العظيم على الخديو، ولم يستطع أحد أن يقوم بالعمل الذي كان مسندًا إليه، وهو رفع الإيرادات بمثل هذه المقدرة والنجاح، ولما كان هو فلاحًا كان في مقدوره أن يحدد دخول وأرباح تلك الطبقة، وأخذ صادق يطبق نظرية الحكم المطلق أو الاستبدادي التي تقول عن الفلاح ليس إلا تابعًا للخديو هو وعائلته وما ملكت يمينه.

وكان إسماعيل صادق يستولي على المحاصيل من الفلاحين إذا لم تُستجب مطالبه، وإذا دخل في روعه أن الفلاح يخبئ أمواله أو الأشياء القيمة التي يمتلكها كان يلجأ إلى الحبس أو الجلد حتى يحصل على آخر شلن وآخر متاع.

تمنى أن يسد فراغ محفوظ.. مواقف من حياة الكاتب سليمان فياض

وفي هذا التوقيت بدأ الخديو يضعف تحت تأثير القنصلين العامين الإنجليزي والفرنسي، ظنًا منه أنه من الأفضل له أن يخضع بصفة مؤقتة، ثم يفكر بعد في الوسائل التي تخلصه من هذه الورطة.
خطاب شديد اللهجة
إلا أن صادق استقال، وفي خطاب الاستقالة حذر الخديو من اتفاق جوشن وجوبير، وبسبب هذا الخطاب والأنباء التي وصلت إليه ثار غضب الخديو، ولكنه استطاع أن يخفي غضبه مستعينًا بقدرته على تمثيل دوره تمثيلًا متقنًا.

 
خطة الخديو إسماعيل للتخلص من صادق
وبحسب ما قاله ألبرت: في اليوم التالي اختمرت الخطة في رأس الخديو، وبدا في حالة طبيعية، وأمضى الأمسية حسب قول الأشخاص الذين شاهدوه، في أحاديث سارة وفي مرح مع هؤلاء الذين كانوا مجتمعين معه في قصر عابدين، وكان معتادًا أن يأوي إلى فراشه في القيلولة بعد تناول طعام الغداء ثم يسهر حتى ساعة متأخرة من الليل في الواحدة صباحًا، ثم ينهض مبكرًا من نومه في الصباح ويأخذ في التنزه بعد ذلك بعربته بعض الوقت. 

يقول فارمان القنصل الأمريكي، إنه في الصباح التالي بعد قبول استقالة صادق باشا استيقظ في ميعاده، وأرسل في طلب صادق باشا ليصحبه في نزهة الصباح، واستجاب صادق لطلب الخديو وركب معه في العربة المفتوحة، كانا يدخنان ويتجاذبان أطراف الحديث كالمعتاد، ثم عبرا كوبري قصر النيل متجهين إلى قصر الجزيرة. 

وصعدا معًا درجات السلم ودخلا القاعة الفخمة وعند تلك اللحظة أغلق الباب خلفهما، وأغلق أيضًا عن كل خبر عن إسماعيل صادق المفتش الوزير الذي استمر سبع سنوات يمارس سلطته في جمع الضرائب، والتي لا يعادلها سوى سلطة  الخديو إن لم يكن يتفوق عليها، والذي أصبح يثير الرعب في نفوس الفلاحين بما عرف عنه من قسوة. 

أقاويل حول وفاة إسماعيل صادق

يقول فارمان إن الوفاة الحقيقية لإسماعيل صادق المفتش أشيعت عنها روايات عديدة، وإن الرواية الأكثر شيوعًا وصدقًا، هي أن صادق باشا ترك في قصر الخديو في اليوم الذي قبض عليه فيه، ثم خنق على مسافة قصيرة من المدينة، وتم وضعه في جوال مثقل وألقي به في النيل، واستمرت الباخرة في رحلتها كما هي، وذكرت الإشاعة كل التفاصيل، بما فيها الباشا الذي كان مسئولًا عن الباخرة. 

اقرأ ايضًا:

"شاهدها طه حسين".. تفاصيل مناظرة الشيخ الشنقيطي وعلماء الأزهر