رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"صباح الخير".. لماذا سببت هذه التحية مشكلة مُحيرة لـ يوسف إدريس؟

يوسف إدريس
يوسف إدريس

صنع يوسف إدريس مدرسته بنفسه، من خلال قصصه التي لا تنسى، ووصفه البديع، ومقالاته التأملية التي أثرت الفكر والأدب المصري، وفي إحدى مقالاته الفلسفية، يشير يوسف إدريس إلى جملة جعلته يحتار في تكوينها وانتشارها بين بلدان العالم على الرغم من اختلاف ثقافتهم، والجملة هي "صباح الخير".

ما سبب حيرة يوسف إدريس من جملة “صباح الخير”؟

ويكشف يوسف إدريس، في كتابه "بصراحة غير مطلقة"، سبب حيرته من جملة "صباح الخير"، فيقول: هذه التحية كانت مشكلتي طَوال جزء كبير من الليلة الماضية، أول ما استرعى انتباهي أن تحية الإنجليز لبعضهم البعض في الصباح هي: جود مورننج، ومعناها صباح طيب أو صباح خير، قلت لنفسي: كيف تشابهت تحية الصباح عند الإنجليز في أقصى الشمال وعند العرب؟، نفس الكلمات بنفس المعاني: الصباح والخير. كيف حدث هذا؟ ومَن منهم أخذ عن الآخَر؟.

ويستعرض يوسف إدريس، معنى تحية الصباح في كل اللغات التي يعرفها ووجدها "متشابهة تشابهًا مُذهِلًا مُحيِّرًا"، موضحا:"هي بالفرنسية بونجور، وبالإيطالية بونجورنو، وبالألمانية جوتن مورجن، وهكذا، وكلها معناها أيضًا مثلما في العربية: صباح الخير. أليست مشكلة تدعو للحيرة والتأمل؟".

وتعجب إدريس من أن كل مجتمع له لغته الخاصة وتقاليده وعاداته وحضارته، ولكن تلك المجتمعات المختلفة حين أرادت أن تبتكر طريقة لتحية بعضها البعض في الصباح والمساء، اختارت نفس الكلمات ونفس المعاني.

وتساءل إدريس: “هل يكون التشابه قد حدث نتيجة للنقل أو التشرُّب، وتكون التحية مثلًا قد تسربت من مصر القديمة إلى اليونان إلى أوربا، ومن بلاد العرب إلى بلاد الفرس؟، مجيبا على نفسه أنه مستحيل، حيث أن كل مجتمع نشأ مستقلا عن الآخر”.

“صباح الخير” طريقة انفعال تجمع الجنس البشري

ويستخلص يوسف إدريس، من حديثه التأملي حول تحية "صباح الخير" أن طريقة انفعال الإنسان أو الجنس البشري واحدة، مهما اختلفت الظروف والأحوال، فالشمس حين تطلع على كل هذه المجتمعات المتفرقة المتباينة، المتأخرة والمتقدمة، تُولِّد فيهم جميعًا نفس الشعور، وتدفع كلًّا منهم أن يلتفت للآخَر، ويقول: صباح الخير! يقولها بالعربية والإنجليزية والسنسكريتية واللهجات المحلية في أيسلندا وأفريقيا وأستراليا، ولكنه يترجم بها إحساسًا واحدًا شعر به، إحساسه باليوم الجديد.