رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"كسر شوكة الحصار"| "الدستور" ترصد مظاهر عودة الحياة فى شمال غزة: استئناف تشغيل المخابز.. وتوافر الخضروات واللحوم وبعض السلع

شمال غزة
شمال غزة

بعد مرور أكثر من ١٩٠ يومًا على العدوان الإسرائيلى ضد قطاع غزة، خاصة فى منطقتى الشمال والوسط، بدأ الفلسطينيون النازحون إلى الجنوب العودة التدريجية إلى ديارهم، التى قصفها الاحتلال وأخرجهم منها بالقوة.

وبالتزامن مع هذه العودة، رغم تهديدات الاحتلال الإسرائيلى التى لا تتوقف، عادت مظاهر الحياة إلى هذه البقعة الصامدة من جديد، وعلى رأسها إعادة تشغيل أول مخبز فى شمال غزة، بدعم دولى.

وتمثل إعادة تشغيل هذا المخبز من جديد رمزًا وبادرة أمل لسكان قطاع غزة ككل، وسكان الشمال على وجه التحديد، الذى سجل وفيات جراء الجوع، مع وجود مئات الآلاف المهددين بالأمر ذاته.

«الدستور» تواصلت مع عدد من الفلسطينيين، لرصد أهم مظاهر عودة الحياة فى شمال غزة، وما ينقص الأهالى هناك.

داليا أحمد:  كنا نشترى كيس الدقيق الواحد بـ«1000» دولار

أكدت الدكتورة داليا أحمد، من غزة، إعادة تشغيل أكثر من مخبز فى الشمال، بجانب توافر السلع الغذائية بشكل أفضل من السابق، فضلًا عن الدقيق والمعلبات، مشيرة فى الوقت ذاته إلى أن أسعار الخضروات مرتفعة أكثر من غيرها. وأضافت د. داليا: «إعادة تشغيل المخابز، وتوافر السلع من جديد، يسدان جزءًا كبيرًا من حالات المجاعة التى شهدتها مدينة غزة وشمال القطاع، خلال حرب الإبادة والتجويع المستمرة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى». وواصلت: «فتح المخابز مرة أخرى أحدث فارقًا كبيرًا، ويمثل عودة الروح والحياة إلى كل السكان، بعدما عانوا عدم توافر الدقيق لفترة طويلة، ووصول ثمن الكيس الواحد منه إلى ١٠٠٠ دولار، تحديدًا فى شمال غزة». وأتمت: «سعر الخبز أصبح فى متناول الأيدى الآن، لكن هناك تزاحم شديد على المخابز، فى ظل أن الغاز والكهرباء مازالا غير متوافرين، علمًا بأن السيدات كن يخبزن باستخدام الحطب، فى بداية الحرب على غزة».

هدى عليان: نشترى ربطة الخبز بسعر رمزى 

هدى عليان، من مدينة غزة، أكدت إعادة تشغيل مخبز واحد هو «عجور»، بعد أن دُمر أغلب المخابز جراء قصف الاحتلال الإسرائيلى.

وأفادت بأن إعادة فتح هذا المخبز جاءت بعد أن موّله برنامج الغذاء العالمى بالغاز والدقيق، وباقى الإمكانات الأخرى، مشيرة إلى أن المخبز يبيع ربطة الخبر بسعر رمزى قدره ٥ شواكل.

 

سمير أيوب: الطحين متوافر ونطبخ على الحطب بسبب نقص الوقود

من وسط مدينة غزة، قال الفلسطينى سمير أيوب، أحد القلائل الذين لا يزالون يقيمون داخل منزلهم بالقطاع، إن الأوضاع فى مدينة غزة وشمال القطاع حاليًا أصبحت أفضل كثيرًا عما كانت عليه منذ بداية الحرب.

وقال، لـ«الدستور»: «بعدما أكلنا الشعير وقمح الحيوانات والخبيزة، اليوم أصبح الطحين متوافرًا، وهناك مخبزان تمت إعادة تشغيلهما فى غزة، وسعر الخبز أصبح ٥ شواكل، (١.٣ دولار)، وهناك انتظام فى توزيعه على الأهالى، وعقب ٤ أشهر من الحرمان والحرب والحصار، اليوم تناولنا اللحم والفواكه، والطحين الصالح للاستخدام الآدمى انخفض سعر الكيلو منه إلى ٩ شواكل، بسبب عودة فتح المخابز».

وأضاف: «الخضروات والدواجن واللحوم أصبحت متوافرة عقب الحرمان منها أكثر من ٥ أشهر، من تناولها، وسعر الدجاجة الآن فى غزة يتراوح بين ٤٠ و٥٠ شيكل، ١٢ إلى ١٣ دولارًا، والطماطم أصبحت بـ١٥ شيكل، بعدما وصل سعرها إلى ١٠٠ شيكل، والبطاطس أصبحت أقل من ٩ شواكل، والجبن أيضًا انخفض سعره من ١٤ شيكل للعبوة إلى ٥ شواكل للعبوتين».

وأوضح أن من بين أسباب ارتفاع الأسعار وحرمان الأهالى كان احتكار التجار السلع ورفع أسعارها، بجانب حصار قوات الاحتلال الإسرائيلى.

وتابع: «تجار الموت كانوا يحتكرون السلع ويرفعون الأسعار، لكن اليوم انكسرت شوكتهم بعدما دخلت السلع والموارد لشمال غزة وأصبحت متوافرة، بجانب وعى الأهالى وعدم شراء السلع المرتفعة حتى فقدت صلاحيتها، واضطر التجار لخفض سعرها».

واستطرد: «الكهرباء ما زالت مقطوعة، بجانب عدم توافر السولار أو الوقود»، موضحًا أن عمليات طهى الطعام وخبز الدقيق تتم حاليًا على الحطب، رغم أن الوضع أفضل كثيرًا من بداية الحرب.

وحول أنباء عودة بعض الأهالى من جنوب القطاع إلى شماله، أكد سمير أيوب أنها أنباء غير صحيحة، وأن الأهالى لم يتمكنوا بعد من العودة لديارهم، بسبب وجود قوات الاحتلال على أطراف مدينة غزة، مضيفًا: «لا يوجد جنود احتلال أو آليات داخل غزة الآن، لكنهم موجودون فقط على أطراف المدينة».

زكريا بكر: توافر اللحوم والدجاج وانخفاض أسعار الخضروات

قال زكريا بكر، من مخيم «الشاطئ»، الذى لا يزال نازحًا فى مدينة رفح الفلسطينية حتى الآن، إنه اتصل بأسرته فى شمال غزة، فأكدت له أن الأوضاع أصبحت أفضل من السابق.

وأضاف «بكر»: «هناك ٣ مخابز أُعيد تشغيلها مرة أخرى، وسعر كيلو الطحين (الدقيق) أصبح ٩٠ (شيكل)».

كما أكد توافر اللحوم والدجاج مرة أخرى فى شمال غزة، مشيرًا إلى أن سعر الدجاج ٤٠ (شيكل) للواحدة، فضلًا عن انخفاض أسعار الخضروات بشكل كبير.

بكر أبوصفية: خطوة إيجابية تخفف كثيرًا من سوء التغذية 

رأى الدكتور بكر أبوصفية، مدير مستشفى «العودة» فى شمال قطاع غزة، أن حدوث أى شىء أفضل من لا شىء، واصفًا إعادة تشغيل المخابز فى غزة بأنها خطوة إيجابية.

وقال «أبوصفية»: «فتح مخبز واحد شرق مدينة غزة لا يكفى كل السكان، رغم قلة عددهم، خاصة فى ظل وجود كثافة سكانية فى جباليا ومخيم جباليا وبيت لاهيا والشيخ رضوان، حيث يفترض فتح مخابز هناك لسد احتياجات هؤلاء المواطنين». وشدد «أبوصفية» على أن دخول الخضروات والسلع الغذائية خفف من حدة الأزمة الغذائية والمجاعة وسوء التغذية، ورغم أنها لن تسد الرمق بشكل كامل ونهائى، ستخفف كثيرًا من سوء التغذية، خاصة فى صفوف الأطفال والرضع.

رامى الريفى: تواجهنا أزمة نقص الغاز والسولار

قال رامى الريفى، صحفى وإعلامى فلسطينى من غزة، إن فتح مخبز واحد لا يكفى لخدمة أو لتلبية احتياجات ٧٠٠ ألف نسمة، موجودين فى شمال غزة ومدينة غزة. 

وأضاف الريفى أن المخبز الوحيد الذى فتح هو مخبز «كامل عجور» بمنطقة السدرة وسط مدينة غزة فى حى الدرج، مؤكدًا أنه يعمل بكل طاقته ليل نهار، ولا يلبى سوى احتياجات جزء من السكان الموجودين فى مدينة غزة.

وأشار الريفى إلى أن هناك مخابز أخرى تستعد للعمل فى مدينة غزة خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن هناك عقبات تواجههم، مثل أزمة الغاز والسولار، كما أن الكهرباء تظل عائقًا أساسيًا أمام تشغيل باقى المخابز.

وأضاف «الريفى» أن إعادة تشغيل المخابز مرة أخرى تخفف أزمة المواطنين، خصوصًا مع انعدام وجود الوقود والغاز والسولار فى مدينة غزة وشمال مدينة غزة.

وأكد أنه بسبب استمرار انقطاع السولار والوقود الأهالى لجأوا إلى الحطب وإشعال النار بالطرق البدائية، ما أدى إلى إصابة العديد بأمراض الصدر، خصوصًا كبار السن.

وحول رد فعل الأهالى من إعادة تشغيل المخابز، قال «الريفى» إن الأهالى استقبلوا فتح المخابز بفرحة وسرور، مبينًا أن هناك طوابير طويلة من الأهالى على المخبز، ويلجأ المواطن الغزاوى للوقوف لساعات، ليصل لدوره ويحصل على الخبز.

وأشار إلى أن الأهالى طالبوا بدخول الغاز والوقود، وإعادة فتح باقى المخابز، كما طالبوا بإعادة عمل وكالة الأونروا بشمال قطاع غزة.

صلاح عبدالعاطى: الحد من المجاعة بعد دخول بعض السلع الأساسية

قال صلاح عبدالعاطى، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، إن إعادة تشغيل ٣ مخابز فى شمال قطاع غزة، برعاية ومتابعة برنامج الغذاء العالمى، بعد ١٩٠ يومًا من العدوان الإسرائيلى على غزة، تسهم فى الحد من المجاعة المنتشرة فى الشمال، بعد الاستجابة لبعض احتياجات المواطنين.

وأضاف «عبدالعاطى» أن ضمان دخول بعض السلع الأساسية يسهم فى التخفيف من معاناة المواطنين، مع توفير بعض السلع بأسعار مناسبة وأقل مما كانت عليه سابقًا، الأمر الذى يساعد فى تعزيز صمود المواطنين والاستجابة لحاجاتهم الإنسانية.