رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدرسة الإمام.. «نور الدين».. كيف يحمي الشيخ علي جمعة الإسلام من التشدد؟

علي جمعة
علي جمعة

- يسعى دائمًا للوصول إلى رؤى فقهية مبتكرة ووسطية ومعتدلة ومناسبة للعصر

- يستند فى فتاويه إلى القرآن والسُنة والأدلة الفقهية المتعارف عليها فى الفقه

- يحرص على جعل الفتاوى قابلة للتطبيق فى الحياة ويسهم فى تبسيط الدين

- يتمسك بالحفاظ على توازن بين النصوص الشرعية وحاجات الزمان والمكان

حالة كبيرة من التأثير الإيجابى أحدثها الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية الأسبق عضو هيئة كبار العلماء، من خلال برنامجه الدينى الرمضانى «نور الدين»، الذى يُعرض حاليًا على شاشات قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والتليفزيون المصرى. وألقى مفتى الديار الأسبق، وكعادته دائمًا منذ بروز اسمه كعالم دينى مستنير، حجرًا فى المياه الراكدة، مبتعدًا تمامًا عن الأسلوب الوعظى المعتاد، ومقدمًا إجابات وسطية معتدلة عن الكثير من الأسئلة المثيرة للجدل المسكوت عنها منذ سنوات، خاصة من الأطفال والمراهقين والشباب، مثل: «هل يدخل غير المسلمين الجنة؟»، و«هل الاختلاط بين الجنسين حرام أم حلال؟»، و«هل الحب أو الشات بين ولد وبنت حرام؟»، وغيرها الكثير. «الدستور» تحدثت إلى عددًا من علماء الدين حول مدرسة الشيخ على جمعة الفكرية والدعوية،وكيف يرون الهجوم الذى يتعرض له الشيخ من «لجان الإخوان».

إبراهيم نجم:  يسعى لتطبيق الدين بطريقة تتناسب مع الزمان والمكان.. وصاحب دور بارز فى دعم الإصلاح والتجديد

أشاد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، بتميز الشيخ على جمعة بالاعتدال والتوازن فى آرائه وفتاواه، وبحرصه على توجيه الناس نحو الوسطية والاعتدال فى الدين والحياة، واصفًا إياه بأنه من العلماء المتميزين الذين نشروا العلم والمعرفة، فى مجالات الفقه والتفسير والعقيدة، وله دور كبير فى تثقيف الناس وتوجيههم نحو الدين الصحيح.

وقال «نجم» إن الشيخ على جمعة يتمتع بروح بحثية قوية، ويعمل على دراسة القضايا والمسائل الدينية بعمق، ويسعى دائمًا للوصول إلى رؤى فقهية مبتكرة ومناسبة للعصر، ويحث على استيعاب التحديات الحديثة، وتطبيق الدين بطريقة تتناسب مع الزمان والمكان، ما جعل له دورًا بارزًا فى دعم الإصلاح والتجديد بالفكر الإسلامى.

وأضاف مستشار المفتى، متحدثًا عن المدرسة العلمية لـ«جمعة»: «يعتمد فى إصدار الفتاوى على المنهج الاستدلالى الشرعى، من خلال الاستناد إلى القرآن الكريم والسُنة النبوية والأدلة الفقهية المتعارف عليها فى الفقه الإسلامى، ويسعى دائمًا إلى تحقيق الوسطية والاعتدال فى فتاواه ودعوته ودروسه، عبر التركيز على مفاهيم العدل والمساواة والرحمة التى تمثل ركائز الإسلام، مع جعل هذه الفتاوى عملية وقابلة للتطبيق فى حياة الناس اليومية، ما يسهم فى تبسيط الدين وتوجيه الناس نحو الطريق الصحيح».

ونبه إلى الدور البارز للشيخ على جمعة فى التواصل مع الجماهير، سواء من خلال خطبة الجمعة أو وسائل الإعلام، التى يسعى من خلالها إلى تبسيط الدين، وتوجيه الناس بطريقة مباشرة لفهم المبادئ الحقيقية للدين الإسلامى.

وواصل: «لديه منهج يتميز بالاعتدال والوسطية فى الفتاوى والمواقف الدينية التى يتبناها، ويسعى دائمًا إلى الحفاظ على توازن بين النصوص الشرعية وحاجات الزمان والمكان، ما يجعله مرجعًا مهمًا للمسلمين الذين يبحثون عن إرشاد دينى متوازن».

وأكمل: «منهجية الشيخ على جمعة تأتى فى تقديم الفتاوى والمواقف الدينية بشكل يتناسب مع التطورات الحديثة وحاجات الناس فى العصر الحالى، وهو يسعى دائمًا إلى إيصال الدين الإسلامى بطريقة تتفاعل مع التحديات والتغيرات فى المجتمع، ما يجعله مرجعًا مهمًا للمسلمين الذين يبحثون عن توجيه فى القضايا الدينية المعاصرة».

وشدد على أن المفتى الأسبق يحظى بتأثير كبير على الشأن الدينى والفكرى فى مصر والعالم الإسلامى، ويُعتبر مرجعًا دينيًا للكثير من المسلمين، ويتمتع بشعبية واسعة، ويحظى بثقة الجماهير، بسبب منهجه الاعتدالى والوسطى، وقدرته على التفاعل مع القضايا الراهنة، وتقديم التوجيهات الدينية الملائمة.

وقال الدكتور إبراهيم نجم إن المنهج المؤسسى الذى أرساه «جمعة»، خلال توليه منصب مفتى مصر بين عامى ٢٠٠٣ و٢٠١٣، مثل نقطة تحول مهمة فى النظرة إلى الفتوى والعمل الدينى فى مصر، فقد أولى اهتمامًا كبيرًا بتطوير العمل الفقهى والدعوى، معتمدًا على نهج يجمع بين التقاليد العريقة والحاجات المعاصرة.

وأضاف «نجم»: «المفتى الأسبق أصدر العديد من الفتاوى التى تعالج قضايا معاصرة مختلفة، ساعيًا إلى توفير إرشادات دينية تستند إلى الوسطية والاعتدال، بعيدًا عن التطرف والغلو»، مشيرًا إلى أن «هذا المنهج لم يكن يهدف فقط إلى تقديم الفتاوى بشكل يتوافق مع الزمان والمكان، ولكن أيضًا إلى إعادة تعريف دور الفتوى فى المجتمع، جاعلًا منها أداة للتنوير والتوجيه، تعكس عمق الفهم الدينى والتزامه بمبادئ الشريعة الإسلامية السمحة».

ونوه إلى عمل الشيخ على جمعة على إرساء أسس العمل المؤسسى داخل دار الإفتاء، وجعلها مؤسسة عصرية قائمة على أسس علمية راسخة وإدارة فعالة، متابعًا: «فى فترة توليه الإفتاء، شهدت الدار تطورات كبيرة من حيث البنية التحتية، والنظم الإدارية، وطرق التواصل مع الجمهور، خاصة أنه بادر بإدخال التكنولوجيا فى عمليات إصدار الفتاوى».

وواصل: «الشيخ على جمعة له فضل كبير فى تمكن دار الإفتاء من التعامل مع حجم أكبر من الاستفسارات والتفاعل، بشكل أوسع مع المسلمين فى مصر وخارجها. كما أولى اهتمامًا خاصًا بتدريب المفتين وتأهيلهم، لضمان اعتمادهم على منهجية فقهية رصينة تسهم فى تعزيز رسالة الاعتدال والتسامح التى ينبغى أن تميز الخطاب الدينى». واختتم «نجم» بقوله: «بذلك، لم يكن الشيخ على جمعة مجرد مفتٍ للديار المصرية، بل كان رائدًا فى تحديث العمل الإفتائى وتعزيز دور الفتوى كجسر للتواصل الحضارى والثقافى بين الإسلام ومختلف شرائح المجتمع».

عبدالهادى القصبى: من أكابر علماء مصر.. ويمثل المنهج الأزهرى الوسطى

وصف الدكتور عبدالهادى القصبى، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، الشيخ على جمعة بأنه من أكابر علماء مصر، الذى يمثل المنهج الأزهرى الوسطى، ويعتبر محدثًا وفقيهًا ومفسرًا، ويجمع بين علوم كثيرة، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتوقف عند مرحلة الجمع، بل يمتد عنده ليشمل الجمع والتدقيق والتحديث، بما يتوافق مع فقه الزمان والمكان.

وأضاف «القصبى»: «الشيخ على جمعة رجل مثقف، وبالتالى يستطيع أن يكون نموذج الشخصية الإسلامية التى تحدث توازنًا فى العالم، وتدعو لبناء الإنسانية، علمًا بأن هذا مبنى على مرجعية علمية موثوق فيها، فضلًا عن وجوده فى البيت الصوفى، من خلال الطريقة الصديقية الشاذلية».

وواصل زعيم الأغلبية بمجلس النواب: «هو مفتى الديار الأسبق، ونعى تمامًا مكانة دار الإفتاء المصرية، ليس فى مصر فقط، بل حول العالم كله، ما يعكس مدى تأثيره الذى امتد إلى برنامجه الرمضانى الحالى (نور الدين)، الذى يقتحم المسكوت عنه، ويرد فيه بالأدلة الشرعية والإفتائية، وقد أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بعلوم وذكاء وتصميم على الإنجاز، ولديه إرادة قوية وصبر ومثابرة على الإنتاج».

وأكمل: «يملك الشيخ على جمعة مكتبة استطاع فيها جمع عدد كبير من المراجع الصوفية، ويبحث من خلالها عن التراث الصوفى فى كل الأجيال، وبالتالى أعتقد أن وجود شخصية مثله، بدراسته العميقة، وقبوله الكبير لدى الشارع، يجعله من النماذج الصوفية الحقيقية، التى يجب أن تقدَم للمجتمعات، سواء فى الداخل أو الخارج، فهو النموذج الذى نستهدف الوصول إليه». واختتم «القصبى» بقوله: «الدكتور على له تأثير على كل من يتعامل معه، وهو ليس عالمًا دينيًا فحسب، بل مفكر ومثقف كبير، ولديه وعى وحكمة وقدرة على التواصل مع الناس، وهذه مهارات حياتية ومنح ربانية خاصة، منحها الله إليه كعالم دين متفتح ومثقف، وعلى دراية بأمور الدنيا، ويستطيع أن ينزل أحكامًا وفقًا لمقتضيات الحياة، يستند فيها إلى كتاب الله وسنة رسوله، ويجتهد بما لديه من وعى وثقافة».

السيد محمود الشريف: صاحب علم عريض ورأس مستنير.. ويحظى بحب الناس

وصف السيد محمود الشريف، نقيب الأشراف، الشيخ على جمعة بأنه «نور الدين فى عصره»، مشيرًا إلى ما يمتلكه من شعبية كبيرة وحب الناس، والذى لا يمكن أن يختلف عليه أحد، فهو صاحب علم عريض، ورأس مستنير، وإنتاج غزير تشهد عليه كتبه ومؤلفاته. وأضاف «الشريف»: «منهج الدكتور على جمعة يحارب قوى متشددة، تسعى لتدمير وحدة الأمة بكل الوسائل والأساليب المتاحة، ومدرسته شاهدة على عظيم مكانته، وجعلته عالمًا أصوليًا وفقيهًا، وعالمًا لغويًا متفردًا، ونجمًا ساطعًا فى سماء الدعوة الإسلامية».

وواصل: «على جمعة عالم مطلع على كل العلوم والثقافة والفكر، وما يتعلق بحوار الأديان، ونشر ثقافة التسامح بين الشعوب، أيضًا نجده غيورًا أشد الغيرة على أمور المسلمين، فى كل ربوع الأرض».

ورأى نقيب الأشراف أن أهم ما يميز الشيخ على جمعة هو استيعابه أصول العلم وفروعه وأدواته ووسائله، مستندًا إلى أهله، مُلمًا به عن دراية شاملة وعامة، وهو أيضًا قريب من الناس، المريدين والمحبين، وطلبة العلم والعلماء، بل وعامة الناس، فضلًا عن مساهمته فى تجديد معالم التدريس القديم فى أروقة الأزهر الشريف، مختتمًا بقوله: «دوره فى التجديد جعله رائدًا من رواد النهضة العلمية الحديثة».

محمد أبوهاشم: صاحب ذكاء حاد فى النقاشات

أكد الدكتور محمد أبوهاشم، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب وشيخ الطريقة الهاشمية، أن الدكتور «جمعة» ظاهرة علمية إسلامية لا يختلف عليها اثنان، فهو لم يكتف بدراسة العلوم الشرعية، ولكنه صاحب اطلاع واسع بجميع العلوم والمجالات الشرعية وغير الشرعية، ويستطيع أن يوقف أى إنسان يتحدث معه فى أى علم من العلوم، إضافة إلى ذكائه الحاد. وأوضح، لـ«الدستور»، أن الدكتور «جمعة» اختير ضمن قائمة أكثر ٥٠٠ شخصية إسلامية تأثيرًا حول العالم، واحتل المرتبة الـ٢٢ ليكون ضمن الشخصيات الأكثر تأثيرًا حول العالم، مضيفًا أنه جمع الثقافة العلمية المنتشرة من أصول الطرق الصوفية وشربها من شيوخ أجلاء، وكان لها تأثير بارز فى تكوين شخصيته الروحية، فهذا كله أنتج لنا الشخصية الإسلامية الكبيرة التى تنير عالمنا وحياتنا.

أحمد ممدوح: أعاد شرح التراث بطريقة عصرية

 

شدد الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن تكوين شخصية العالم الربانى الشيخ «جمعة» نبع من والده المحامى الشرعى الأستاذ جمعة، الذى كان حريصًا على أن يحدث نقلة نوعية فى حياة أولاده، فانتقل من بنى سويف إلى القاهرة وعمل على أن ينال أولاده الحظ الوافر من التعليم والمعارف، وأن يحتكوا ببيئة المدينة، وكان يشجع ابنه الفتى اليافع على القراءة والتثقف، حتى كان يشترى له أى كتاب يشتهيه من خارج ما يبذله له من مصروف شخصى، وكان يقول له: «أى كتاب تشتريه من مالك الخاص، أرد لك ما دفعته مرتين، بلغ ما بلغ». فنشأ الولد محبًّا للمعرفة، عاشقًا للكتب.

وأكد أن الشيخ «جمعة» أعاد إحياء التدريس بالأروقة الأزهرية، فافتتح درسه اليومى عام ١٩٩٨م، ولمدة خمس سنوات متصلة لم ينقطع عنه إلا بعد الانشغال بأعباء الإفتاء، وقرأ فيه لطلابه عيون الكتب فى مختلف الفنون.

وأشار إلى أن الشيخ «جمعة» قرأ التراث وامتلك ناصيته وفهم لغته بعمق، ثم عبّر عن ذلك بطريقة أقرب للعصر، بمضمون لم يخرج عن قواعد الشريعة.

جابر طايع: طرح الأمور الشائكة تحصين لأبنائنا من البحث عنها لدى المزايدين

وصف الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى الأسبق بوزارة الأوقاف، الشيخ بأنه صاحب دراية علمية وفقهية وثقافة واسعة فى شتى مجالات المعرفة، لافتًا إلى أنه إذ لم يكن هناك نقاش فى مثل هذه الأمور الشائكة مع أولادنا، فسيلجأ الأبناء إلى الاستماع إليها من جهات أخرى، لذلك فطرحها يقطع الطريق على المزايدين.

وأكد أن الشيخ يتحدث بفقه رجل الدولة والعالم الوسطى المسئول، وليس له حديث أحادى من أجل الإثارة الإعلامية، مضيفًا: «نجد دائمًا أن الشيخ صاحب رؤية وسطية متزنة ومعتدلة وواعية بما يدور بالمجتمع، وبرنامج (نور الدين) مهم فى الوقت الحالى؛ لأنه يتطرق لعدد من القضايا الشائكة التى تدور فى حياة مختلف الفئات العمرية، وهذه مساحة استطاع عالم جليل ولديه من العلم والمعرفة، أن يقتحمها ويمتلك ما يؤهله للخوض فى الأمور الشائكة، للرد على الأفكار المغلوطة، التى تدور فى عقول الأطفال والشباب بالعلم والحكمة والدين».