رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة اللاتينية تحتفل بتذكار القدّيستَين برباتوا وفِليشتا

الكنيسة
الكنيسة

تحتفل الكنيسة اللاتينية في مصر بتذكار القدّيستَين برباتوا وفِليشتا، الشهيدتَين، اللتان استشهدتا في زمن اضطهاد الامبراطور الروماني سِبتيمُس سيفيرُس سنة 203 في قرطاجة. لدينا وصف مستفيض عن موتهما. وضع قسماً منه بعض "المعترفين" أنفسهم، وهم الذين كانوا عرضة للاضطهاد، ووضع القسم الآخر كاتب معاصر للشهيدتين.

وبهذه المناسبة، ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: 

توصَّلَ عصرُنا الحاضرُ إلى التفكير في رجاءِ إقامةِ عالمٍ كاملٍ، يبدو أنه قابلٌ للتحقيقِ بفضلِ معارف العلمِ والسياسةِ المؤسَّسةِ عليهِ. هكذا استُبدِلَ رجاءُ الكتاب المقدّس في ملكوتِ اللهِ برجاءِ ملكوت الإنسان، برجاءِ عالمٍ أفضل قد اعتُبِرَ "ملكوتَ الله" الحقيقيّ.

 لقد بدا هذا في آخر الأمر وكأنّه الرجاءُ الكبيرُ والواقعيّ الذي كان الإنسانُ بحاجةٍ إليه.

كان هذا الرجاءُ قادرًا على تحريك جميع قوى البشريّة لوقتٍ معيَّنٍ... لكن مع مرور الوقت، ظهرَ واضحًا أنّ هذا الرجاء كان يهرب بعيدًا بشكلٍ دائم. لقد غدا جليًّا – قبل كلّ شيء – أن رجاءً كهذا هو لأناسِ ما بعد الغدِ وليس لي. 

وبالرغم من أنّ فكرة "لأجل الجميع" هي جزءٌ من هذا الرجاء – ذاكَ أنّه لا يمكنني أن أصبح سعيدًا ضدّ الآخرينَ أو من دونهم – يبقى صحيحًا أنّ الرجاءَ إنْ لَمْ يخصّني أنا شخصيًّا هو ليسَ رجاءً حقيقيًّا. وأصبحَ واضحًا أنّ هذا كانَ رجاءٌ ضدّ الحريّة... 

نحنُ بحاجةٍ للآمال – صغيرة كانت أم كبيرة – لأنّها تدفَعنا لمواصلةِ السير يومًا بعد الآخر. لكنّها لا تكفي وحدها إن لم يكن هناكَ الرجاءُ الأعظمُ الذي يفوقها جميعًا. هذا الرجاءُ الأعظَم هو الله وحده، هو الذي يُعانِقُ الكون بأسره وهو القادرُ أن يقترحَ علينا ويهبنا ما لا نستطيعُ نحنُ بمفردنا أن نصلَ إليه. 

والواقع أن هبَتَهُ التي تشبعنا هي جزءٌ من الرجاء. إنّ الله هو أساسُ الرجاء، وهنا لا نتكلم عن إلهٍ مجهولٍ، بل عن ذاكَ الإله ذي الوجهِ الإنسانيِّ، ذاك الذي أحبّنا إلى المنتهى: أحبَّ كلَّ فردٍ كما أحبَّ البشريّةَ جمعاء. ملكوتُه ليس بعيدًا وليس هو بخيالاتٍ في مستقبلٍ لن يتحقّق أبدًا؛ ملكوته حاضرٌ حيثُ هو محبوبٌ وحيثُ تصِلُنا محبّته.