رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنهم يستعمون العالم!

الصفات السيئة أو السلبية العديدة التى التصقت بالإسرائيليين، أضيفت إليها «خفة العقل»، أو الغباء المستحكم، بتوالى تصريحات وزرائهم العبثية، أو الجنونية، التى كان أحدثها محاولة وزير خارجيتهم استعماء العالم وتحميلنا مسئولية إعاقة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد ساعات قليلة من قيامهم بقطع الطريق ونهب محتويات قافلة مساعدات كانت متجهة من الأردن إلى القطاع، خلال مرورها عبر حاجز ترقوميا فى منطقة تلال الخليل، جنوبى الضفة الغربية.

بالصوت والصورة، وثّقت مقاطع فيديو استهداف ونهب الإسرائيليين قافلة المساعدات، يوم الإثنين. ووصف جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى، هذا السلوك بأنه «غير مقبول على الإطلاق ولا يمكن تبريره بأى حال». ومع ذلك، اتهمنا المدعو يسرائيل كاتس، أمس الأول، الثلاثاء، بإغلاق معبر رفح وقال إن مصر لديها «مفتاح منع حدوث أزمة إنسانية» فى غزة، وكتب فى حسابه على شبكة «إكس»، أنه تحدثت مع وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، بشأن ضرورة إقناع مصر للسماح باستمرار إيصال المساعدات الإنسانية الدولية إلى غزة، متعاميًا عن حادث النهب، وعن قيام الجيش الإسرائيلى بفرض سيطرته على الجانب الفلسطينى من المعبر، وعن العمليات العسكرية الإسرائيلية فى محيط المعبر، وما تؤدى إليه من تعريض حياة العاملين فى مجال الإغاثة وسائقى الشاحنات لمخاطر محدقة.

لا شىء غير «خفة العقل»، الجنون أو الغباء المستحكم، يبرر تكرار محاولة تحميلنا مسئولية منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد اتهامنا بتهريب السلاح إلى القطاع. وأيضًا، بعد تأكيد عدة منظمات إنسانية دولية، قبل احتلال المعبر، وبدء العمليات العسكرية فى محيطه، أن عرقلة وتقييد إدخال المساعدات، يرجع إلى قيام السلطات الإسرائيلية بإغلاق الجانب الفلسطينى من المعبر الحدودى، وفرضها قواعد تعسفية ومبهمة ومتغيرة بشأن أنواع المساعدات المسموح، أو غير المسموح، بإدخالها. كما أكد ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فى ٧ مايو الجارى، أن السلطات الإسرائيلية منعت موظفى المكتب من الوصول إلى الجانب الفلسطينى للمعبر.

لعلك تتذكر، أيضًا، أن أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أعرب مرارًا، عن امتنانه لمصر ووصفها بأنها «الركيزة الأساسية لعبور الأمل إلى الجانب الآخر من الحدود»، وأشاد بحرصها على إبقاء معبر رفح مفتوحًا، وأثنى على ما لمسه، خلال زيارة المعبر، من جهد مصرى ضخم لقيادة وإدارة عملية إيصال المساعدات، على الرغم من العراقيل والصعوبات الشديدة التى تواجهها تلك العملية.

المحاولات الإسرائيلية اليائسة لتحميل مصر المسئولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التى يواجهها قطاع غزة، استنكرها سامح شكرى وزير خارجيتنا، وأكد، فى بيان، رفض مصر القاطع لسياسة لىّ الحقائق والتنصل من المسئولية، التى يتبعها الجانب الإسرائيلى، مشددًا على أن إسرائيل هى المسئولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التى يواجهها الفلسطينيون فى القطاع حاليًا. كما طالب وزير الخارجية إسرائيل، أو جدّد مطالبتها، بالاضطلاع بمسئوليتها القانونية باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، من خلال السماح بدخول المساعدات عبر المنافذ البرية التى تقع تحت سيطرتها.

المؤسف هو أن الإسرائيليين تمكنوا من إصابة عدة دول، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، بحالة من الاستعماء، أو العماء السيكولوجى أو السياسى، جعلتها تفصل بين الأزمة الإنسانية الكارثية، غير المسبوقة، التى يعيشها قطاع غزة، والاعتداءات الإسرائيلية العشوائية، المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر، والتى أسفرت عن تسوية غالبية مساحة القطاع بالأرض، واستشهاد أكثر من ٣٥ ألفًا وإصابة حوالى ٨٠ ألفًا آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن القادة العرب، الذين يجتمعون اليوم، الخميس، فى العاصمة البحرينية المنامة، سيناقشون العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة، والتطورات السياسية للقضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى، وتفعيل مبادرة السلام العربية، إضافة إلى الانتهاكات والممارسات الإجرامية، التى تشهدها الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، وتطورات الاستيطان، وأوضاع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، و... و... وملف الجولان العربى السورى المحتل.