رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شخصيات روائية 9

شبلول: "الرحيمة" أكثر تطلعًا لحياة مختلفة عن شخصيات رواياتى

أحمد فضل شبلول
أحمد فضل شبلول

ضمن سلسلة شخصيات روائية، يحدثنا في الحلقة التاسعة الروائى والشاعر أحمد فضل شبلول عن بطل روايته "الرحيمة"، الصادرة في الربع الأخير من العام الماضي 2023 عن دار غراب للنشر.

"الرحيمة" الأكثر تطلعا لحياة مختلفة عن كل شخصيات رواياتي

في مستهل حديثه لـ"الدستور" يقول شبلول "هناك شخصيات كثيرة في رواياتي ما بين رئيسية وثانوية، ولكن تظل شخصية "الرحيمة" أو "أم الماء" أو "جنية البحر" هي الأكثر تأثيرا والأكثر خبرة والأكثر تطلعا لحياة مختلفة عن كل شخصيات رواياتي الأخرى، فالرحيمة تريد حكم العالم كله، وليس منطقة مائية محدَّدة تعيش فيها وتقع ما بين بئر مسعود وجزيرة ميامي في الإسكندرية حيث يقع قصرها تحت الماء.

أوضح "شبلول": وهى تنطلق من فكرة أن الإنسان فشل في حكم العالم وإدارته فاشتعلت الحروب وطال الدمار والفساد والفقر مناطق كثيرة في العالم، دفعت ثمنها شعوب كثيرة، لقد فشل الإنسان في حمل الأمانة التي كلَّفه الله سبحانه وتعالى فحملها ولكنه لم يكن على قدرها، فكان ظلومًا جهولا، لتنتشر المجاعات والحروب والأوبئة والأمراض والجهل والتخلف في مناطق كثيرة من العالم من أجل رفاهية عدد محدود جدا من البشر يتحكمون في العالم الآن.

ولفت "شبلول" إلى أنه في الحقيقة لم يختر هذه الشخصية، إنما فرضت نفسها عليه منذ الجزء الأول من ثلاثية "الماء العاشق" وبطليها عمر ياسين وهدى إسماعيل.

وواصل "تبلورت شخصية "الرحيمة" أكثر في الجزء الثاني "ثعلب ثعلب" حيث دخلتْ في صراع مع الثعلب وزير المستوطنات الذي أراد الاستيلاء على المنطقة الواقعة بين بئر مسعود في ميامي وحدائق المنتزة. لكنها انتبهت إلى أمر مهم، وهو أنها في استطاعتها هي أن تحكم العالم وتهيئ له أسباب الراحة والسعادة. وكأن صراعها مع الثعلب الأحمر كان إيذانا بخروجها إلى العالم الأرضي لتحكمه، ولترسل رسالة واضحة إلى كل الحكام البشريين، أنه آن الآوان لأن يحكم العالم كائنات أخرى غير الإنسان، خاصة بعد فشله الواضح والصريح على جميع المستويات، والذي ظهر جليًّا فيما يحدث في الأراضي المحتلة بفلسطين.

وتابع "في الجزء الثالث يتوارى عمر ياسين وزوجته هدى إسماعيل؛ ليفسحا المجال للرحيمة ومستشارتها الملكة كليوباترا التي منحتها الرحيمة الخلود بعد أن لجأت إليها إثر هروبها بعد هزيمتها في معركة أكتيوم البحرية سنة 30 قبل الميلاد، وتنفي كليوباترا مزاعم انتحارها بسم الثعبان، لكنها فرَّت من محاولة أكتافيوس أغسطس القبض عليها وأخذها أسيرة إلى روما. فسبحتْ شرقًا حتى وصلت إلى منطقة ميامي فتلقفتها يد "الرحيمة" وعرفت سرها ومنحتها الخلود لتعيش معها تحت الماء حتى قررت الرحيمة حكم العالم المائي والأرضي، وأن تعود الملكة كليوباترا إلى حكم مصر، بعد أن تنزع عنها ثياب الخلود، لتموت كليوباترا بعد صعودها إلى العالم الأرضي ورؤيتها لمدينة الإسكندرية في جولة مع عمر ياسين، وتستدعي الرحيمة- بعد موت كليوباترا- الإسكندر الأكبر، الذي كان يحلم بإمبراطورية عالمية قاعدتها مدينة الإسكندرية التي أسسها في عام 331 قبل الميلاد، ليعاونها في تأسيس تلك المملكة أو الإمبراطورية العالمية لتكون هي الملكة المتوجة على العالمين المائي والأرضي.

بطبيعة الحال الأمر لم يمر هكذا على حكام العالم البشريين في مصر وأمريكا وأوروبا والصين وغيرها، فحاول كل منهم إجراء مباحثات مع "الرحيمة"؛ ليعرفوا ما الذي تنوي عليه ودورهم في "العالم الجديد"، وخاصة بعد أن ظهرت أكثر من مرة على شاشات الفضاء العالمي، فشاهدها واستمع إليها العالم كله من خلال رسائل غامضة وتحذيرات مبهمة ترسلها لحكام العالم، فارتبك العالم كله، وانقسم الناس ما بين مصدِّقٍ ومكذّبٍ لوجود "الرحيمة"، وتحولت تلك البقعة في الإسكندرية التي يتوسطها "بئر مسعود" إلى منطقة جذب عالمي، واهتمام دولي، فصارت أهم من نيويورك ولندن وباريس وموسكو وبكين وطوكيو، ولم تقف السلطات في مصر والإسكندرية صامتة إزاء ما يحدث في الإسكندرية، فطلبوا عقد اجتماعات بين الرحيمة ومحافظ الإسكندرية ومدير مديرية الأمن بها، وقائد القوات البحرية ووزير الداخلية ووزير الخارجية، وصولا إلى القيادة السياسية.

وشدد فضل على أن الرحيمة: "لم تنس وجود الثعلب فكانت تتعامل معه بذكاء وحنكة. ولكن كيف سيتعامل معها الثعلب الأحمر، خاصة بعد أن اختارت الرحيمة ابنه "الواثق بالله" وليًّا للعهد، على أن يكون المسئول عنه هو عمر ياسين وليس عاتيد بن يامين الذي يتنكر كل فترة في شكل ما، منها الثعلب الأحمر، ثم الكائن البحري "سمكمك"؟

وعلى هذا تكون شخصية "الرحيمة" من أهم شخصيات رواياتي الثمانية، والشخصية الملهمة في ثلاثية "الماء العاشق"، خاصة أنها أوجدت شعبًا جديدًا يجمع بين الصفات البشرية وصفات الكائنات المائية، عندما أحست أن زعماء العالم قد يتكتلون ضدها، ويمنعونها من تحقيق حلمها الكبير الكوني الكبير.