رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شخصيات روائية 6

شيماء غنيم: شخصيات "رَبْع الرُّز" كانت حية أمامي تزورني وتتحدث معي

شيماء غنيم
شيماء غنيم

الشخصية الروائية، قد تتمرد على خالقها وتقتنص مصائرها بنفسها، وترسم دروبها بمفردها، ومنها المذعن من يرضخ لـ“ألاعيب السرد والحبكة” فتكون حياته خيوط عرائس ماريونيت يحركها المبدع كما يشاء، وبين هذه الشخصيات ومبدعيها، نقدم لكم في الـ“الدستور”، هذه السلسلة من الشخصيات الروائية، يتحدث عنها مبدعيها، كيف خلقوها، خلفيات هذه الشخصيات الاجتماعية والتاريخية، وهل الشكل الأخير الذي وصلت لنا بهذه هذه الشخصيات، هو نفسه الذي خلقه مبدعها في المبتدا.

في هذه الحلقة ــ السادسة ــ تحدثنا الكاتبة شيماء غنيم، عن أولي روايتها المنشورة، "رَبْع الرُّز"، والصادرة عن دار العين للنشر، خلال فعاليات الدورة 55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

في "رَبْع الرُّز" كانت الشخصيات حية أمامي، تزورني في الأحلام وتتحدث معي

في مستهل حديثها عن الشخصية الروائية، قالت شيماء غنيم: في "رَبْع الرُّز" كانت الشخصيات حية أمامي، تزورني في الأحلام وتتحدث معي حتى أن صوتي في بعض الأحيان يكون عاليًا حينما يحتد النقاش، كان الصراع حاميًا داخل عقلي، لا يهدأ، كنت تائهة معهم في ممرات الرَّبْع وداخل ذاكرتهم التي لا تتوقف عن إرسال مفاجآت من الماضي. أنفاسي المتلاحقة تلهث ورائهم مثلما حدث في الحُلم الذي رأته زُهرة. 

وتتابع “غنيم” حديثها عن الشخصية الروائية: “حين أكتب أشعر بالتعب وبالسعادة في نفس الوقت، أعيش داخل نفوسهم وأرى العالم كله من خلال أعينهم، اختبر كل ما يشعرون به، ويمر داخلي وكأنني في حالة تلبس، وفي بعض الأحيان أكون كالمتلصصة التي تختبئ خلف المشنات كي تراقب الجميع في الفناء بصمت، أتعبتني شخصية نرجس، المتمردة كنا في حالة شد وجذب طوال الوقت على عكس (زُهرة) كانت طيعة وقدرها في يدي منذ البداية وحتى السطر الأخير”.

الشخصية الروائية “أحمد أفندي” حيرني كثيرًا

تكمل: “أعتقد أنني سأتحدث عن شخصية (أحمد أفندي)، هذا الرجل حيرني كثيرًا، ملامحه هادئة طوال الوقت، لا يُظهر أي مما يدور بداخله، يحمل الكثير من المتناقضات، تجده حاضرًا في كل المواقف، أفنديًا محترمًا يُجّله الجميع بطربوشه وبدلته، حينما أفكر تتراءى على مخيلتي مشاهده وهو يجلس بغرفته على كرسيه الخشبي المتهالك أو على نفس الكرسي بالخمارة يفكر ويشبك الخيوط ببعضها ويدبر الأمور بالخفاء، الأفندي هو الطبقة التي تَعلم وتصمت، يدرس كل الأوضاع بهدوء وينتقي الأفضل له في الوقت المناسب، لا يرضى ولن يرضى، بالنسبة له هو صاحب الحق ولديه كل المبررات التي تجعله يأخذ أي طريق من أجل تحقيق أهدافه. مثقف ومطلع ومع هذا تجده في المنتصف دائمًا”.

وتمضي “غنيم” في حديثها عن الشخصية الروائية: من بين كل الشخصيات هو أكثر من تحداني. لن أكذب عليك حين أقول أنني كنت أتخيله يجلس أمامي بعيون مترقبة فأشعر بالرهبة. يسمع دقات قلبي ويبتسم بخبث، لقد تطورت شخصيته كثيرًا عما بدأت في كشكول التخطيط وعُدت لأغير بعض المشاهد الخاصة به كي تناسب ذكاؤه وهدوء طبعه، يفاجآني مثلما حدث في نظراته لزُهرة وهي تخرج من باب الربع، لا تتوقع ردود فعله وفي نفس الوقت هو أول شخص تبحث عنه في أي أزمة، ومع كل هذا كنت أتعاطف معه في بعض الأحيان، ماضيه البائس ومحاولاته المتكررة لطلب الغفران جعلتني أربت على كتفه وهو يجوب الشوارع ليلًا، ولكن طبيعته البشرية التي تطالبه طوال الوقت بتقديم الأنا عن الجميع تعود لتطغى على الساحة، هو إنسان بداخله كل المتناقضات البشرية التي تدور داخل أنفسنا جميعًا، وكلنا نقدم أشياءًا ونؤخر أخرى وعلى هذا الأساس تكون العواقب".

اختتمت: “الشخصية الروائية حقيقية بالنسبة لي وتتجسد أمامي كي أستطيع العيش معها وخوض التجارب، حتى لو أخذت مسارًا مختلفًا غير الذي رسمته لها من البداية، وكلهم يتركون أثرًا عميقًا داخل نفسي، أبكي وأفرح وأتفاعل مع كل مجريات حياتهم، وأعتقد أنهم يؤثرون فيمن يقرأ حتى لو بجملة بسيطة تأخذ مكانها في عقولهم الباطنة”.

اقرأ أيضًا..

التفاصيل الكاملة لبداية فرقة الحشاشين فى العالم العربى