رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مُفتعلة.. "الاسم التجاري" يتسبب في ادعاء أزمة بسوق الأدوية في مصر

أدوية
أدوية

طلب إحاطة قدمه برلمانيون للحكومة المصرية أكد فيه تجار وصيادلة أن هناك وفرة في المعروض من المواد الفعالة للأدوية، لكن اعتماد المستهلكين على الاسم التجاري لبعض الأدوية المستوردة، والتي تشهد بعض الانخفاض في حجم المعروض، جعلتهم يشعرون بنقص الدواء، هو الأمر الذي يستدعي فتح ملف الأدوية في مصر، وعلاقة ما ادعى البعض بأزمة نقصها، وباسمها التجاري في الأسواق.

إذ ما مسئولية "الاسم التجاري" للدواء عن أزمته في مصر؟

نقيب الصيادلة: أزمة لا وجود لها

الدكتور محمد الشيخ نقيب الصيادلة يقول في حديثه "للدستور" إن ما يحدث داخل سوق الأدوية في مصر، وادعاء البعض أن هناك نقصًا في أعداد كثيرة منها إنما هو أزمة مفتعلة ليس لها وجود، موضحًا أن كل دواء له 13 بديلا يحتوي على نفس المادة الفعالة، والتركيبة الدوائية، ويأتي بنفس المفعول بينما يلجأ معظم الأطباء إلى كتابة صنفًا واحدًا أو صنفين للمريض، وهما من الأسماء التجارية التي يعرفها أو يحب التعامل مع شركاتها.

وأضاف أنه في حال لم يجد المريض هذه الأسماء في الصيدلية لأي سبب من الأسباب عندئذ يتوهم أن هناك أزمة في تواجد الدواء ويبدأ في الشكوى وذلك على غير الحقيقة، مشيرًا إلى أن الحل يتمثل في أن يصف الطبيب الدواء للمريض بالمادة الفعالة وليس بالاسم التجاري.

وأوضح الشيخ أن وصف الطبيب الدواء بمادته الفعالة يقضي على شعور المريض بأن هناك أدوية ناقصة في السوق ويوفر له العديد من الاختيارات، كما أنه يوفر له الحصول على الدواء المناسب ماديًا له، إذ أن هناك العديد من الأدوية ذات المفعول الواحد ولكنها تختلف في أسعارها اختلافًا كبيرًا نظرًا لتسعير شركاتها.

كما أشاد نقيب الصيادلة بالدواء المصري ومفعوله، موضحًا أن مصر من أولى الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا التي صنعت الدواء، مؤكدًا أن الكثير من المرضى اعتمدوا على بدائل الأدوية المصرية من أصحاب الأمراض المزمنة كالسكر والضغط، ولم يقل مفعول هذه الأدوية عن نظريتها المستوردة.

وتابع أن أي دواء طرح بالأسواق سواء كان مصري أو مستورد فهو قد مرّ بكل خطوات الفحص والتحليل المطلوبة التي تضمن فعاليته وأمانه.

وختم حديثه بضرورة تغيير ثقافة المواطن بعدم الاعتماد على المستورد فقط، والثقة في منتج بلده، مشيرًا إلى أن مصر تتوسع حاليًا في إنتاج الدواء حتى أصبحت هناك تنتج المادة الخام للدواء، بينما لازال بعض مواد التغليف يتم استيرادها من الخارج.

رئيس شعبة الأدوية: الاتجاه إلى كتابة الاسم العلمي الحل

ومن جانبه، أوضح الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية في حديثه "للدستور" أن صناعة الدواء من الصناعات الاستراتيجية وتعد أمنًا قوميًا للبلاد، مشيرًا إلى أنها تمر بالعديد من الإجراءات من تحاليل ومراقبة حتى يتم إتاحة الدواء وجميع بدائله في الأسواق.

وقال إنه من المفترض أن مصر تتبع في سياستها لتداول الأدوية الدول الأوروبية والولايات المتحدة والتي تتعامل بالاسم العلمي وليس بالاسم التجاري، مشيرًا إلى أنه لذلك لا نسمع عن وجود أزمة في الأدوية في تلك الدول على الرغم من وجود بعض الأدوية الناقصة.

وتابع أن ما يحدث في مصر هو اتباع ثقافة المريض في شرائه للأدوية باسمها التجاري، وكذلك إصرار بعض الأطباء على  كتابة الأدوية بهذا الاسم بدعوى تجاربهم الشخصية لشركاتها، لافتًا إلى أن هذا أمر غير صحيح وذلك لأن هناك بدائل عدة للأدوية وجميعها مختبرة وآمنة وطالما أنها نزلت الأسواق فهي قد مرت بجميع الفحوصات والتجارب المعملية اللازمة التي تضمن سلامتها ولا تقل في مفعولها عن بعضها البعض، لذا فلما الإصرار إذن على صنف بعينه من الدواء، واختلاق أزمة من العدم.

ولفت عوف إلى أن الدولة تلزم الطبيب في المستشفيات العامة بكتابة الدواء بالاسم العلمي، بينما في العيادات الخاصة لا شئ يلزم الطبيب باتباع ذلك.

أما عن الأدوية التي ليست لها بديل مثل أدوية الأورام السرطانية وغيرها، أكد رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية أن الدولة توليها أولوية التوفير إذ أنها توفرها بمخزون 6 أشهر على الأقل كما تتيحها من خلال الشركة المصرية لتجارة الأدوية عن طريق صيدلياتها البالغ عددهم 28 صيدلية على مستوى الجمهورية مثل صيدلية الإسعاف، موضحًا أن الدولة تقوم بذلك لضمان وصول هذه الأدوية للمرضى بسعرها الحقيقي إذ أنها في الغالب تكون باهظة الثمن، منعًا لخلق سوق سوداء لتجارتها واستغلال المرضى، وكذلك بهدف ضمان بيع هذه الأدوية دون تعرضها للغش.

كما أشار عوف إلى أن هناك تعاون في الفترة المقبلة بين كلًا من نقابتي الأطباء والصيادلة للتوصل إلى آليات استخدام الاسم العلمي، والوصول إلى حل يضمن عدم اختلاق أزمات، لافتًا إلى أن المواطن يستطيع كذلك أن يلجأ إلى الخط الساخن 15301 لهيئة الدواء المصرية للإبلاغ عن عدم وجود أي دواء، وهي بدورها ستقوم على الفور بإدلاله على أماكن تواجده بدقة.

وأشارت هيئة الدواء المصرية إلى أنه أصبح لديها القدرة على توفير عدد من البدائل المحلية الخاصة لعدد من المجموعات العلاجية المهمة، والتي فيها اعتمد السوق على المستحضرات المستوردة منها لفترة طويلة، وذلك مثل مثبطات المناعة إذ أنه تم توطين 9 مثائل محلية مختلفة.

كما أوضحت أنه تمت الإشادة بالسوق الدوائى المصرى فى عدد من التقارير الدولي، مشيرة إلى أن تقرير مجلة فيتش أوضح أن السوق المصرى أكبر منتج للدواء بالشرق الأوسط، والذي لفت أيضًا إلى الجهود المبذولة للارتقاء بالصناعة الدوائية وتوطين الصناعة وزيادة استثمارات القطاع الخاص وتسريع عملية الرقمنة فى صناعة الدواء، كما قال التقرير أن السوق الدوائى المصرى سيحقق معدلات نمو قياسية خلال الـ5 أعوام القادمة بنسبة 10%.

المتحدث باسم هيئة الدواء المصرية: لدينا اكتفاء ذاتي بنسبة 94%

وحسب الدكتور حمادة الشريف، المتحدث باسم هيئة الدواء المصرية، فإن الفترة الأخيرة شهدت توجه قوي لإحداث طفرة في التصنيع الدواء، وهو ما أدى إلى زيادة خطوط الإنتاج بنسبة تقارب الـ60% خلال 9 سنوات فقط.

كما أوضح الشريف أن مصر استطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية بنسبة 94%، ويتم استيراد 6% من الدواء فقط، وهو ما يعزز الأمن الدوائي المصري، ويساهم في فتح أسواق لتصدير الدواء، في إطار السعي نحو تحقيق هدف مصر الكبير المتمثل في تصدير بـ100 مليار دولار.

وأكد أن مصر قادرة على التحويل لمصنع كبير لإفريقي في مجال الدواء، مشيرًا إلى أنه في خلال الفترة الأخيرة تم التوقيع مع عدد من الدول الإفريقية على تصدير الدواء.

صيادلة: الأدوية موجودة والإصرار على الاسم التجاري السبب 

ومن داخل الصيدليات علق الصيادلة على ما أشيع من وجود أزمة بالأدوية ومنهم الدكتور سعد أحمد مالك إحدى الصيدليات بمنطقة المعادي بالقاهرة قائلًا إن أغلب الأدوية متوافرة كما أن غير المتوفر منها له العديد من البدائل، ولكن أحيانًا كثيرة يصّر المريض على شراء الدواء المكتوب في الروشتة، والذي هو في الغالب يكون الاسم التجاري للدواء وليس العلمي، لافتًا إلى أن الخوف يدفع المريض لعدم شراء البديل المصري للدواء على سبيل المثال خشية أن يكون أقل مفعولًا نظرًا لأنه في الغالب يكون الأكثر باعتقاد أن الأعلى سعرًا هو الأكثر مفعولًا، موضحًا أن هذا أمر غير صحيح.

كذلك أوضحت الدكتورة سحر نديم مالكة إحدى الصيدليات بمنطقة الدقي بمحافظة القاهرة أن هناك بالفعل بعض الأدوية الناقصة ولكنها ليست أصناف كثيرة، مشيرة إلى أنه يتم توفيرها من خلال صيدليات الدولة وعلى رأسها صيدلية الإسعاف، موضحة أنها تصف ذلك للمرضى في حال طلبوها.

ولفتت سحر إلى أن المشكلة الأكبر تتمثل في الاسم التجاري الذي يكتبه الأطباء وأحيانًا كثيرة لا يوصفون البديل ولا يستخدمون الاسم العلمي، مضيفة أن هناك بعض الصيادلة أيضًا لا يصفون للمريض البديل طالما لم يسأل مما يجعله في النهاية يشعر، وكأن هناك أزمة في توافر الدواء على الرغم أن ذلك في الأغلب الأوقات يكون غير صحيحًا.