رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تهجير ونهب وسلب.. انتهاكات الدعم السريع تهدد السودان بأزمات إنسانية غير مسبوقة

نازحو السودان
نازحو السودان

في تصعيد مثير للقلق لأعمال العنف، يترنح السودان تحت وطأة الهجوم المستمر الذي تشنه قوات الدعم السريع المتمردة، حيث وصل القتال هذا الأسبوع إلى ولاية الجزيرة (وسط) المكتظة بالنازحين، وذات الثقل الاقتصادي والزراعي والموقع الاستراتيجي الرابط بين الشرق والشمال والجنوب. 

وترسم تقارير الأمم المتحدة صورة قاتمة لأكثر من سبعة ملايين نازح بسبب الحرب، حيث تتحمل مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وطأة المعارك وتستضيف ما لا يقل عن 85 ألف لاجئ.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الخميس، إن "المعارك الأخيرة وسط البلاد أرغمت 300 ألف شخص على الفرار" و"هذه العمليات الجديدة ترفع عدد النازحين إلى 7٫1 مليون"، بينهم 1٫5 مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة، واصفًا هذه الحرب بـ"أكبر أزمة نزوح في العالم".

بالتزامن، قال رئيس بعثة اللجنة الدولية في السودان بيير دورب في بيان صحفي، "نخشى أن تتحول مدينة ود مدني، التي كانت تعتبر ملاذا آمنا للأشخاص الفارين من العنف الشديد في الخرطوم، إلى فخ آخر للموت". 

وأضاف: "رأينا الناس اليائسين يفرون مذعورين على أصوات الانفجارات وسط الاختناقات المرورية والفوضى. وفي كل مرة يحدث فرار، ينفصل الأقارب ويُترَك الضعفاء وحدهم، مثل كبار السن وذوي الإعاقة".

عهد الإرهاب لقوات الدعم السريع

وألقت قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بظلال قاتمة طويلة من العنف والخوف على السودان، حيث أصبحت الآن هذه القوة، التي كانت في الأصل جزءًا من ميليشيات الجنجويد التي تم إنشاؤها لمواجهة قوات المتمردين في منطقة دارفور، نذيرًا للعنف الجنسي، والنهب، والاعتقال التعسفي، والتعذيب. 

وحسب وسائل الإعلام المحلية، يشهد المدنيون على اقتحامات منزلية ممنهجة من قبل أفراد قوات الدعم السريع، الذين يسرقون الأشياء الثمينة والمركبات، ويرتكبون أعمال عنف جنسي لا توصف.

وعلى مدار الأسبوع الماضي، تؤكد وسائل الإعلام السودانية أن قلب الجزيرة الزراعي تأثر بشكل خاص، حيث قامت قوات الدعم السريع بالاستيلاء على الأراضي الزراعية وترويع المزارعين، بعدما دخلت مدينة الحصاحيصا، ثاني أكبر مدن الجزيرة.

وأشارت إلى أنه لم يتوقف عهد هذه القوة الإرهابي عند الأراضي الزراعية؛ حيث أقاموا نقاط تفتيش لمنع المدنيين من الهروب من العنف، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. 

وقالت لجان مقاومة الحصاحيصا (ناشطون)، في بيان صباح الأربعاء، إن قوات الدعم السريع دخلت مدينة الحصاحيصا، واستولت على رئاسة الشرطة المحلية، موضحة أن الأمر تم دون اشتباكات لعدم وجود قوات للجيش والشرطة.

وردا على ذلك، بدأ الجيش السوداني تحقيقا في انسحاب القوات من الولاية مع تحذير شديد اللهجة بأنه سيتم معالجة أي إهمال.

الاستجابة الدولية مع الأزمة الإنسانية المتفاقمة

وعلى الرغم من تصاعد العنف والأزمة الإنسانية المتفاقمة، فإن استجابة المجتمع الدولي كانت غير كافية على الإطلاق. 

ويدعو برنامج الأغذية العالمي بشكل عاجل إلى هدنة إنسانية وإمكانية الوصول دون قيود لتفادي كارثة الجوع في موسم العجاف القادم، حيث يواجه حوالي 18 مليون سوداني الجوع الحاد. 

وأسفرت الحرب السودانية المشتعلة منذ منتصف أبريل الماضي، بسبب الصراع على السلطة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، عن سقوط أكثر من 12 ألف قتيل حتى مطلع ديسمبر الجاري، وفق حصيلة بالغة التحفظ لمنظمة "أكلد" المتخصصة في إحصاء ضحايا النزاعات.

ومع اتساع رقعة القتال، وانتقال المعارك إلى الجزيرة؛ التي انضمت إلى 9 ولايات تشهد اشتباكات مستمرة، ترى التقارير أن تلك الحرب أطلقت العنان لعهد من الإرهاب والنزوح، ما زاد من زعزعة استقرار البلاد.