رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تتابع ما يجرى فى السودان: «الدمار فى كل مكان»

السودان
السودان

أكد حقوقيون وخبراء سودانيون وقوع انتهاكات جسيمة بحق المواطنين فى السودان الشقيق، من بينها عمليات اغتصاب واعتداء جنسى على السيدات، من قبل قوات «الدعم السريع»، خاصة فى أثناء دخولها ولاية «الجزيرة»، ومهاجمة قوات الجيش السودانى ومؤسسات الدولة بها.

وأدان الحقوقيون السودانيون ما ترتكبه قوات «الدعم السريع» من جرائم إرهابية مروعة بحق الشعب، تخالف كل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، مشيرين إلى أن ما يتعرض له السودان ليس خلافًا أو حربًا ضد قواته المسلحة، وإنما ضد مواطنيه ومجتمعه وأخلاقياته، ما يستدعى تدخلًا من دول الإقليم والجوار لوقف الحرب الدائرة منذ منتصف أبريل الماضى.

رانيا عمر: من اغتصبوا النساء وباعوهن فى الأسواق لا يمكنهم الحديث عن الديمقراطية

قالت الحقوقية السودانية، رانيا عمر، إن «الدعم السريع» هى ميليشيات منعدمة الأخلاق والضمير، ترتكب كل الممارسات اللا أخلاقية، متسائلة: «كيف لا؟ وقد باع عناصرها النساء فى الأسواق، معتبرين إياهن (سبايا حرب)؟».

وأضافت الحقوقية السودانية: «حتى الآن لم نتلق أخبارًا عن وجود حالات اغتصاب سجلت فى ولاية (الجزيرة)، لكن هذا لا ينفى أن تكون هناك حالات فعلية ارتكبتها قوات (الدعم السريع)، التى نتوقع منها كل عمل لا إنسانى ولا أخلاقى، وكل ما يخالف حقوق الإنسان المنصوص عليها فى الاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية، فقد سبق أن وقع الكثير فى الخرطوم ودارفور منذ اندلاع الحرب فى منتصف أبريل الماضى، من اغتصابات واعتداءات جنسية واسترقاق جنسى للنساء».

وعن إمكانية مواجهة الانتهاكات بحق المدنيين، وحماية السيدات من العنف الجنسى، قالت الحقوقية السودانية: «لا توجد خيارات أو طرق ابتكرت فى الحروب تستطيع حماية المدنيين من مجموعات إرهابية على شاكلة (الدعم السريع)، فى ظل ما ارتكبته من انتهاكات طوال فترة الحرب، وما ارتكبته من جرائم بشعة على جميع الأصعدة».

وأضافت: «الأسر والعائلات السودانية تحاول حماية نسائها من مثل انتهاكات هذه الميليشيا، التى تعتبر أن إذلال النساء واغتصابهن هو شرف يتفاخرون به»، مشددة على أن «أفعال تلك الميليشيات أثبتتها أفعالهم التى وثقوها بأنفسهم فى مقاطع فيديو نشروها على مواقع التواصل الاجتماعى، كنوع من المفاخرة بإنجازاتهم السيئة، فى محاولة لإذلال الشعب السودانى قبل قواته المسلحة».

وواصلت: «ما رأيناه من هؤلاء يؤكد نواياهم السيئة، وأن الحرب أصبحت ضد المواطن السودانى، وليست ضد القوات المسلحة السودانية فقط».

وتعليقًا على ما جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى بشأن توسع بحث النساء فى السودان عن حبوب منع الحمل خوفًا من الاغتصاب، قالت الناشطة السودانية: «فى اعتقادى أن البحث عن هذه الحلول هو استسلام لفكرة الاغتصاب، وهذا أمر غير مقبول، ومرفوض جملة وتفصيلًا».

وأضافت: «من يروج لمثل هذه الأخبار يمنح المغتصب الضوء الأخضر للمضى قدمًا فى هذا الفعل الوحشى اللا إنسانى، لأن مجتمعنا السودانى مجتمع محافظ ولا يسمح بحدوث هذه الجرائم فى الظروف الطبيعية، ناهيك عن السماح بها فى ظل الحرب».

وواصلت: «يبقى السؤال: لماذا لم يتحدث متداولو هذه الشائعات عن انتحار بعض السيدات اللاتى تعرضن لمثل هذه الاعتداءات سواء فى الخرطوم أو دار فور؟.. هذا يؤكد أن وراء مثل تلك الأقاويل أجندة خفية لتشويه صورة المرأة السودانية وأخلاقيات المجتمع السودانى».

وقالت الحقوقية السودانية إن ميليشيات «الدعم السريع» أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أنها تحارب الشعب السودانى كله، وليس الجيش السودانى فقط، وهو ما تجلى فى احتلال منازل المواطنين وتحويل المستشفيات الحكومية والمرافق الصحية إلى ثكنات عسكرية منذ بداية الحرب.

وأضافت: «حاولت الميليشيات طمس هوية الشعب السودانى، بالاعتداء على الأماكن التاريخية، مثل المتاحف، والعبث بتدمير السجلات المدنية وسجلات الأراضى، وكل هذا ملك للمواطن السودانى لا الجيش».

وواصلت: «كل هذه الأفاعيل وغيرها تنفى فكرة أن هذه الميليشيات تحاول استجلاب الديمقراطية ومحاربة (دولة ٥٦) كما تزعم، فهذه مجرد أقاويل مستهلكة، لأن عقيدة تلك الميليشيات هى تدمير السودان وبنيته التحتية، وقريبًا ستنجلى كل الأمور، لثقتنا كشعب فى القوات المسلحة السودانية، رغم اختراق صفوف الجيش بواسطه الخلايا النائمة والعملاء والمرتزقة».

واعتبرت الحقوقية السودانية أن ما حدث فى الخرطوم ودارفور يفترض أن يكون بمثابة دروس وعبر للمواطن السودانى، مختتمة حديثها بالقول: «فى اعتقادى الشخصى، فإن ما حدث مؤخرًا فى ولاية الجزيرة، وحاضرتها ود مدنى، لم يكن لضعف القوات المسلحة، وإنما هو بسبب العملاء والمرتزقة، وخيانة بعض ضعاف النفوس، الذين خانوا الوطن ونقضوا عهود المواطنة والولاء لشعبهم وأمتهم».

حسن عبدالله: إجراء تحقيق محايد خطوة ضرورية لمحاكمة مرتكبى الجرائم الأخيرة

قال السياسى السودانى، حسن عبدالله، إن أى حرب شاملة وارد فيها حدوث انتهاكات جسيمة ضد الضحايا، خاصة الفئات الضعيفة، لأن الحرب من الأساس تقوم على أكبر انتهاك هو القتل والحرمان من الحياة، ولذلك حرصت كل التشريعات والمواثيق الدولية، ومن قبلها الشرائع السماوية، على حصر الضرر بين المتقاتلين فقط، وحماية الفئات الضعيفة مثل الأطفال والنساء، بالإضافة إلى الأسرى.

وأضاف «عبدالله»: «فى الحروب السابقة داخل السودان حدث العديد من الانتهاكات، وتمت إدانتها من المجتمع الدولى، وصدرت مذكرات توقيف بحق سودانيين كُثر، على رأسهم الرئيس السابق عمر البشير، وبعض مساعديه».

وواصل: «كذلك كانت هنالك حرب طويلة جدًا فى جنوب السودان، انتهت بتقرير مصير جنوب السودان، الذى اختار الانفصال. لكن كل هذه الحروب السابقة كانت تقع فى مناطق تمرد، ويقع الضرر والإنهاك ضد حواضن ومجتمعات التمرد. أما فى الحرب الحالية فالأمر يختلف تمامًا».

وشرح السياسى السودانى: «الحرب الحالية بين الجيش وفصيل منه هو (الدعم السريع)، لذا فإن كل الحواضن الاجتماعية مشتركة بالنسبة للطرفين. صحيح أن هناك جهات تحاول أن تجر الحرب إلى حرب أهلية، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا. كما أن المجتمع السودانى مجتمع قبلى، والقوة التى هاجمت ولاية الجزيرة هى جلها من أبناء المنطقة».

وطالب بإجراء تحقيق بواسطة جهات محايدة، لرصد كل الجرائم والانتهاكات التى حدثت من الطرفين، ثم تُعقد محاكم خاصة لذلك، سواء كانت محاكم وطنية أو إقليمية أو دولية، مشيرًا إلى أن التشريعات والقوانين المتعلقة بهذه الجرائم قطعت شوطًا كبيرًا فى التطور، ما يبشر الضحايا وذويهم.

وتابع: «إذا نظرنا إلى الحرب فى (ود مدنى)، نجد أن كثيرًا من المواطنين المدنيين عانوا من النزوح والخروج من منازلهم والذهاب إلى الولايات المجاورة.. نسأل الله أن تتوقف الحرب ويعود كل المواطنين إلى مناطقهم سالمين».

وشدد مجددًا على ضرورة محاسبة كل من يرتكب انتهاكات، من أى طرف من أطراف النزاع، خاصة أن هذه الحرب بين أطراف على قمة الدولة السودانية، والضحية هى المواطن.

وأضاف: «أنا من أنصار التدخل الدولى تحت البند السادس لحماية المدنيين من آثار هذه الحرب العبثية، لأنه من الصعب أن تتمكن جهات داخلية من رصد الانتهاكات ومتابعتها والتحقيق فيها بصورة تضمن حقوق المجنى عليهم».

وواصل: «كما يجب على المجتمع الدولى التدخل الفورى وتحذير الأطراف المتصارعة بوقف الحرب فورًا، ومحاسبة أى طرف يثبت أنه تورط فى انتهاك لحقوق المدنيين، وارتكب أى جريمة من تلك الجرائم الدولية، والتى من ضمنها جرائم الاغتصاب».

وحذر «عبدالله» من أنه كلما توسعت دائرة الصراع زادت احتمالات وقوع الانتهاكات من كل الأطراف، لذا نتمنى أن تلعب دول الإقليم والجوار دورًا أكبر فى إيقاف الحرب، خاصة مصر، فهى جارة ودولة كبيرة، ولديها قدرة الضغط على الأطراف المتصارعة لإيقاف الحرب، وحل كل المشاكل العالقة فى أسرع وقت ممكن.

خالد التيجانى: الميليشيا تتباهى بجرائمها على مواقع التواصل الاجتماعى

قال الكاتب والصحفى السودانى، خالد التيجانى، إن قوات «الدعم السريع» ترتكب انتهاكات واسعة ضد المدنيين فى كل المناطق التى استهدفتها، بما فى ذلك جرائم العنف الجنسى ضد النساء، والنهب والسلب، واحتلال بيوت المواطنين.

وأضاف «التيجانى»: «هذه القوات ارتكبت جرائم حرب وإبادة عرقية، وكلها مثبتة من قبل منظمات دولية مثل (هيومان رايتس ووتش)، التى أكدت، فى يونيو الماضى، ارتكاب إبادة عرقية بحق قبيلة (المساليت) فى مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور».

وواصل: «هذه الانتهاكات والشهادات تبعتها إدانات مماثلة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، والعديد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، التى فرضت عقوبات على قائد ثانى الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، على خلفية هذه الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والإبادة».

وأكمل: «هذه الإدانات الدولية الواسعة والعقوبات الأمريكية لم تغير من سلوك قوات (الدعم السريع)، التى تمارس هذه الانتهاكات بصورة متكررة وممنهجة، ما يثبت أنها تشكل ثقافة راسخة فى سلوك منسوبيها».

ورأى أن من أكثر الأمور غرابة أنه فى كثير من الحالات ينشر منسوبو «الدعم السريع» فيديوهات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعى، تثبت ارتكابهم لهذه الانتهاكات، دون أدنى اعتبار لما يترتب عليها، من باب التباهى، وكذلك الاستهانة بالعواقب.

وأتم بقوله: «أكبر دليل على ارتباط الانتهاكات الواسعة بسلوك وممارسات (الدعم السريع) عمليات النزوح الواسعة النطاق التى تحدث عند دخولهم لأى منطقة، على الرغم من أنها ترفع شعارًا يزعم أنها تخوض هذه الحرب لجلب الديمقراطية للسودانيين».