رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظام "التايم شير".. حيلة جديدة للنصب على المصريين باسم العمرة

عمرة
عمرة

منذ سنوات وترغب شيماء محمود، 32 عامًا، في أداء للعمرة إلا أنها في كل مرة كانت تؤجل الأمر لظروف ما بين المادية وغيرها. قبل ثلاثة أعوام وأثناء سيرها في شارع لوران بالإسكندرية، فوجئت بأحد الأشخاص التابعين لشركات السياحة يعرض عليها رحلة عمرة بنظام "التايم شير"، لم تكن تعرف شيماء أي شيء عن ذلك النظام.

تقول: "كان الشاب يمسك في يديه إعلانات عن رحلة العمرة المخفضة وبالتقسيط وبنظام التايم شير، وهو عبارة عن حق انتفاع لمسكن في أحد الأبراج في السعودية، يمكنك الذهاب إليه مرة واحدة في العام، لكونه مسكنًا تشاركيًا بين أكثر من فرد يشتركون فيه وكل فرد له أسبوع في ذلك المسكن كل عام لأداء العمرة".

أعجبت شيماء بذلك العرض، لكونه يضمن لها أن تؤدي رحلة العمرة كل عام، وفي نفس الوقت كان السعر أرخص، لأنه لن يكلفها سوى 50 ألف جنيه بجانب أشخاص آخرين، ويصبح لهم صك "تايم شير" في ذلك المسكن التشاركي هناك، ويكون لكل فرد الحق في السفرة مرة كل عام.

ولكن بعد تسديد المبلغ طلبت شيماء السفر في نفس عام الحجز، إلا أن الشركة تحججت بأن السفر يبدأ في العام التالي من الحجز، وجاء العام التالي لتقول لها الشركة إنها على قائمة الانتظار مع الأشخاص الآخرين، ومر عام والثاني دون أن تنتفع شيماء بصك التايم شير.

التايم شير هو نظام سياحة في الأساس يعتمد على شراء حصة عقارية في ملكية وحدة من وحدات إحدى القرى السياحية، وهذه الحصة تعطي مالكها الحق في الانتفاع بالوحدة لمدة أسبوع واحد كل عام.

ظهر ذلك النظام في التسعينيات، بحيث يتم اقتسام الوقت بين عدد من المنتفعين به (التايم شير)، وهو نظام معروف عالميًا عمره يزيد على 30 عامًا، وتم العمل به في مصر بموجب القرار الوزاري رقم 8 لسنة 1996، ومؤخرًا دخل في رحلات العمرة.

 

غرفة السياحة: «التايم شير أصبحت ظاهرة منتشرة»

ولكن مجدي صادق، عضو غرفة شركات السياحة، أكد أنه مع اقتراب مواسم العمرة تنشط ظاهرة عمرة "التايم شير"، وبالتالي وقع كثيرون في فخ الكيانات الوهمية التي تروج لهذا النشاط دون وجود تراخيص لها، مستهدفة فقط التربح المالي دون مراعاة أحوال المواطنين الراغبين في أداء مناسك العمرة.

وقال: "التايم شير هو نظام لاقتسام الوقت بين عدد من المنتفعين لوحدة بعينها، وبدأ فعليًا في مصر خلال التسعينيات، ورغم دوره في تنمية السياحة، إلا أن هناك بعض الكيانات الوهمية التي لا أساس قانوني لها في مصر تقوم بتطبيقه بشكل آخر من خلال خداع المستفيدين من أجل الحصول على المال دون أن تقدم لهم شيئًا".

وتابع: "لا بد أن تقوم مباحث الإنترنت بالبحث والتقصي حول هذا الموضوع، لكبح معدل انتشار عمليات النصب والاحتيال التي تقوم بها الشركات الوهمية، إذ يسمى (التايم شير) قانونًا بأنه نوع من غسل الأموال، بمعنى أموال لا تظهر للضرائب والجهات المعنية، وتؤثر  بالسلب على قوة البنك المركزي المالية". 

وأشار إلى دور الدولة في محاربة عمليات غسيل الأموال بشتى الطرق؛ لأنها أحد العوامل القوية في تدمير اقتصاد أي دولة ومن صورها النصب باسم العمرة، لافتًا إلى دور مباحث الإنترنت الكبير في دحض تلك الكيانات الوهمية التي توقع بكثير من المواطنين، من خلال الإشراف الكبير على المنظومات ومكاتب السياحة، لمعرفة مدى إمكانية تطبيق التعليمات الموضوعة والقوانين الدستورية المنصوص عليها.

وتابع: "هناك تعليمات وقرار رسمي من وزارة الداخلية بعدم سفر أي حد ليس له قيد على بوابة العمرة، والسفر لسبب غير العمل بالسعودية لن يتمكن من المرور من البوابة الرسمية".

وأضاف: "لازم أحمي الناس من النصب، وتوجه مباحث الحجوزات لتلك الكيانات للقبض عليها حتى تنتهى الظاهرة، وساعدت الاقتصاد القومي للقيام مرة أخرى، إللى مسافر بشكل غير رسمي ده خدت فلوسه من السوق السوداء ضرب الفلوس بالبنك المركزي".

واستطرد: "شركات السياحة الوهمية تقدم تسهيلات غير موجودة على أرض الواقع، لإمكانية استقطاب العملاء عن طريق عرض الكثير من المغريات والإعلانات الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وفيما يخص تأكد المواطن بأنه لم يقع في الفخ من عدمه يقوم بالدخول على  البوابة الحكومية ومن ثم بوابة العمرة عن طريق التسجيل بالرقم القومي، فإن وجدت تأشيرة كمعتمر يكون الورق سليمًا، غير ذلك تعد عملية نصب".

وبيّن أن وزارة السياحة دورها يتمثل في الإشراف على تلك الهيئات والمكاتب السياحية، والعمل على تطبيق قانون بوابة العمرة، لمنع مرور غير المستوفي شروط العمرة، موضحًا أن عقوبة أي مكتب سياحي يعمل بدون تراخيص سليمة السجن ٣ سنوات وغرامة ٥ ملايين جنيه.

واختتم: "يلزم القضاء على ذلك الاقتصاد الموازي والكيانات غير المرخصة للنصابين؛ لأنهم لم يرتعدوا إلا بوجود إجراءات صارمة بتطبيق عقوبات ورقابة وإشراف دائمين لرصد تلك الكيانات".

آلاء: "الشركة نصبت علينا بتايم شير في أبراج زمزم"

لم يختلف الأمر لدى آلا عثمان، 22 عامًا، والتي كانت لها تجربة سيئة في العمرة عبر التايم شير، إذ أنها كانت ترغب في أدائها هي ووالدها ووالدتها، إلا أن الظروف المادية حالت دون ذلك لأوقات طويلة، فالمبلغ المالي الذي تمتلكه لن يكفي ثلاثتهم.

تقول: "كان لازم اتنين يسافروا وحد يقعد وإحنا عايزين نطلع مع بعض، لكن بمجرد ما سمعت عن صك الانتفاع بوحدة ملكية في أبراج هناك، فكرت أنها ربما تكون فرصة من أجل أن يسافر كل فرد فينا مرة كل عام".

تضيف: "بالفعل اشتريت صك تايم شير من إحدى شركات السياحة في مصر، وقالوا إنها في أبراج زمزم، ويحق لينا أداء العمرة لمدة أسبوع مرة كل عام، لكن إلى الآن لم يحدث شيء بسبب تسويف الشركة".

وتؤكد أنها لم تؤدِ العمرة سواء هي أو والدتها أو والدها، بسبب أن الشركة تقول إنهم في قائمة الانتظار والصك الخاص بهم لم يأتِ دوره بعد، وهناك آخرون ينتفعون، ومع مرور الوقت علمت أنها مجرد عملية نصب.

خبير قانوني: "شركات النصب السياحي تنتشر فى تلك الفترة"

ومن الناحية القانونية، أوضح علي داندراوي، الخبير القانوني، أنه مع اقتراب المولد النبوي يتعرض العديد من المواطنين لحالات نصب بشكل دائم من قبل شركات ومكاتب وهمية غير مرخصة تروج لإطلاق رحلات عمرة منخفضة وبالتقسيط عن طريق "التايم شير"، ومن ثم يقبل الكثيرون دون وجود معرفة  كاملة حول صحة تلك الإعلانات مستخدمين طرقًا عدة للترويج عن ذلك.

وتابع: "نص القانون على مواد صارمة لتطبيق عقوبات مشددة لدحض الشركات الوهمية التي تبيع الوهم للمواطنين، محذرًا من التعامل مع هذه الكيانات حتى لا يقعوا فريسة لعمليات النصب.

تنص المادة رقم 37 الدستور على معاقبة كل من قام باستغلال أو إدارة منشأة بدون ترخيص، وذلك بتطبيق غرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، وفي حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز سنة وضعف حدى الغرامة المشار إليها، فضلًا عن غلق المنشأة على أن تكون على نفقة المخالف.

وتجنبًا لتلك الظاهرة في موسم العمرة، قال داندراوي: "يجب رصد أيه إعلانات لبرامج العمرة ذات الأسعار الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حفاظًا على القطاع السياحي وحماية حقوق المواطن حتى لا يتعرض لحالات النصب والاستغلال"، مشيرًا إلى أنه في حال ثبوت أية مخالفة يستوجب توقيع الجزاءات على هؤلاء المخالفين لردعهم.

وأشار إلى أن ضوابط عمرة السياحة التي وضعتها وزارة السياحة تتضمن شروطًا عدة على شركات خدمة المعتمرين؛ لإمكانية تنفيذ برامج العمرة المتفق عليها بين المعتمر وشركات السياحة، وحمايتهم من عمليات النصب والاحتيال.

 

خبير معلومات: "شركات النصب باسم التايم شير تتخذ من الفيسبوك منصة لها"

وعن استخدام تلك الشركات مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لنفسها، قال أيمن عمراني، خبير المعلومات والبرمجة، إن مواقع التواصل الاجتماعي تعد تربة خصبة للإعلانات الزائفة، فهناك صفحات وهمية تروج لإعلانات زائفة لاستقطاب أكبر عدد من العملاء.

وبيّن أن شركات النصب باسم عمرة التايم شير تأخذ من صفحات التواصل الاجتماعي منصة لها، ويقع الكثيرون فريسة هذا النصب والاحتيال، ولذلك يستوجب على الجميع التفرقة بين الصفحات الوهمية والحقيقة عن طريق الاستعانة بأدوات فحص المتابعين، حيث إن هناك أدوات متاحة عبر الإنترنت تساعد على التحقق من مدى وهمية المتابعين على الحسابات الاجتماعية.

وأكد أنه يمكن استخدام بعضها لفحص الحسابات التي يشك فيها، كما تتم مراقبة تاريخ النشاط من خلال الاطلاع على النشاط السابق للصفحة والمدة التي استغرقها الحصول على المتابعين.

وتابع: "يستوجب على مستخدمي التواصل الاجتماعي عند التعامل مع الصفحات الوهمية،  التحقق من مصداقية الصفحة أو المصدر قبل التعامل مع المعلومات أو نشرها، والتأكد من أن الصفحة موثوقة، وأن المعلومات التي تقدمها مدعومة بمصادر موثوقة".