رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما الخدع النفسية التي نفذتها مصر لتحقيق مفاجأة استراتيجية قبيل حرب 6 أكتوبر؟

قادة حرب أكتوبر
قادة حرب أكتوبر

قرعت مصر طبول الحرب منذ هزيمتها في نكسة 1967م، إلا أنها كانت تنتظر اللحظة المناسبة لتقتنص من العدو أرضها التي استولى عليها العدو الصهيوني، فاستمر الترتيب لهذه اللحظة ما يقرب من 6 سنوات، لتضرب مصر ضربتها التي فاجئت العالم أجمع، وأثبتت أنها قادرة على دحض أعدائها ولو طال الزمان.

وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات هو صاحب الخطة النهائية لرحلة العبور والانتصار، فقد تم وصفه بالداهية السياسية، لشدة الذكاء الذي اتسم به والذي ساعده في تحقيق الانتصار، وقد استخدم عدة حيل من أجل تصدير الوهم للعالم أجمع أن مصر لن تدخل حربًا مع إسرائيل إنما تسعى بشكل حثيث أن تعقد سلامًا معها، باعتبار أن الدولة غير قادرة على خوض هذه الحرب.

وفي عام 1973، شهدت مصر فصلاً ملحميًا في تاريخها، حيث تصاعدت التوترات بينها وبين إسرائيل وتفجرت حرب أكتوبر، فكانت المناظر الطبيعية الشاسعة لصحراء سيناء تشهد على تحركات هائلة للجيش المصري، حيث تم تجميع الآلاف من الجنود والمعدات العسكرية على طول الحدود.

ومن خلف الكواليس، كان الرئيس محمد أنور السادات يخطط لحيلة استراتيجية تهدف إلى خداع إسرائيل وتحقيق الأفضلية العسكرية لصالح مصر، حيث تبنى استراتيجية الخداع والتضليل، من خلال نشر معلومات مضللة ومغلوطة للمخابرات الإسرائيلية.

مناورات عسكرية وسفر الضباط للحج

في البداية، تم تسريب معلومات تفيد بأن مصر تخطط لتنفيذ مناورات عسكرية شاملة في الفترة من 1 إلى 7 أكتوبر، مما يدل على أن الأمور ليست للحرب الفعلية، وأيضًا تم إصدار إعلان يطلب من الضباط المصريين الراغبين في أداء الحج التسجيل اعتبارًا من 9 أكتوبر 1973، مما أدى إلى تخمين إسرائيل أن الجيش المصري لن يشن هجومًا في هذه الفترة.

وفي تلك الفترة تم تكثيف الأنشطة العسكرية في المنطقة، حيث نشرت القوات المصرية أعدادًا هائلة على طول خط الجبهة، وتم بناء حصون ومواقع دفاعية محكمة، وتم تحضير الجنود لمواجهة أي تحدي ينتظرهم.

تسريب معلومات مضللة

وكان هناك جانب آخر من الحيلة الذكية للسادات، حيث سربت قامت المخابرات المصرية معلومات مغلوطة لإسرائيل بشأن تأثر مستودعات القمح بالأمطار وتضررها، كما تم تسريح ضابط طبيب من الخدمة وتعيينه في مستشفى مرموق، وأعلن عن اكتشاف تلوث المستشفى بميكروب خطير، مما أدى إلى إخلاء المستشفيات وتعزيز الاستعدادات الطبية تحسبًا لحالات الطوارئ.

أيضًا قامت مصر بنشر طائراتها الحربية في الجو وحفظتها في الملاجئ الجوية المنتشرة في المنطقة، مما أعطى انطباعًا بأن القوات الجوية المصرية تستعد للدفاع فقط، وجرى أيضًا إجراء تدريبات عسكرية في مناطق محددة لتشتت الانتباه وتشويش العدو.

وفي 6 أكتوبر 1973، ضربت قوات المصريين والسوريين بشكل غير متوقع القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى بدء حرب أكتوبر، فقد استفادت مصر من الخدعة النفسية والتضليل لتحقيق مفاجأة استراتيجية وكسر الجمود الذي استمر لسنوات في المنطقة.

تلك الأحداث الفصلية لعام 1973 تظل تُحفر في الذاكرة التاريخية لمصر وإسرائيل، وتعد مثالًا بارزًا على الاستراتيجيات الحربية والخداع العسكري التي تستخدم لتحقيق الأهداف في المعارك والصراعات.