رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‏«دولة الأمناء تنتصر على الداخلية».. الوزير: «مفيش محاكمات عسكرية».. وخبراء يعترضون: «عودتها ضرورة لتهدئة الرأي العام.. وردع المتجاوزين» ‏

جريدة الدستور

«أمر غير مطروح».. بذلك التصريح أنهى اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، الجدل الدائر حول ‏عودة المحاكمات العسكرية لأمناء الشرطة، في ظل التجاوزات والانتهاكات العديدة التي شهدها الرأي ‏العام من قطاع وزارة الداخلية لاسيما فئة أمناء الشرطة.‏

‏جاء ذلك، خلال مؤتمر صحفي أمس بمقر الوزارة، التقى فيه الوزير والد قتيل الدرب الأحمر الذي أشعل ‏فتيل أزمة أمناء الشرطة يوم الخميس الماضي، مؤكدًا أن هناك تعديلات تشريعية مطروحة تضمن الحفاظ ‏على حقوق المواطن المصري، إلا أن عودة المحاكمات العسكرية لرجال الشرطة، أمر غير مطروح.‏

وأشار إلى أن جهاز الشرطة لا يمكنه العمل دون ثقة الشعب، قائلًا: «أقدر أقبل رأس كل مواطن تعرض ‏لإساءة من جهاز الشرطة، وما يحدث هو قلة من رجال الشرطة، وغالبية رجال الشرطة تصل نسبتهم ‏لـ99% من الشرفاء الذين يبذلون الجهد».‏

وفي وقت سابق، كان المستشار مجدي العجاتي وزير شؤون مجلس النواب، كشف عن أنه لا يمكن ‏محاكمة أمناء الشرطة عسكريًا، لوجود حكم بعدم دستورية تلك المحاكمات.

وأكد أنه لا يجوز إحالة أمناء وأفراد الشرطة إلى المحاكمات العسكرية بموجب حكم المحكمة الدستورية ‏العليا، مضيفًا أن المحاكمات العسكرية تجوز لمجندي الجيش المنضمين لجهاز الشرطة مثل الأمن ‏المركزي، وضباط الشرطة فقط وليس الأمناء.

وأوضح العجاتي، أن المطالب في هذا الشأن لا يمكن تحقيقها، لافتًا إلى أن هناك مجالس التأديب التي ‏تصدر نفس العقوبات التي تصدرها المحاكم العسكرية، وبها فرصة للطعن كضمانة‎.‎

خبراء الشأن الأمني، انقسموا حول قرار عبد الغفار، فالبعض اعتبر المحاكمات العسكرية ضرورة لردع ‏تجاوزات الأمناء وتهدئة الرأي العام، والبعض الآخر أكد على ضرورة أن يطبق الأمين القانون احترامًا له ‏وليس خوفًا من العقوبة أو المحاكمة العسكرية.‏
اللواء رفعت عبدالحميد، خبير العلوم الجنائية، أوضح أن تصريح عبدالغفار، لا يعني عدم عودة المحاكمات ‏العسكرية نهائيًا، لكنه يراه أمر غير مطروح في هذه الفترة، لاسيما أن البرلمان ينظر عددًا من الملفات ‏الهامة في الوقت الحالي، ولابد من عرض القرار عليه قبل إصداره.‏

ولفت إلى أن تصريح المستشار العجاتي، بعدم دستورية المحاكمات العسكرية لأمناء الشرطة، أمر ‏غير صحيح بدليل أنه مطبق حتى الآن على ضباط الشرطة، موضحًا أن قانون رقم 20 لسنة 2012، الذي ‏أصدره المجلس العسكري لم يلغ المحاكمات العسكرية.‏
وأضاف أن القرار نص فقط على استبدال عبارة المحاكمات العسكرية، بالمحاكمات التأجيلية، وجاء ‏التعديل في نفس العام على نصوص العقوبات العسكرية وليس إلغاءً للقرار، ولم يصدر من المحكمة ‏الدستورية العليا بعد ذلك التاريخ أي قرار بعدم دستورية القانون رقم 20 حتى الآن.‏
وشدد على أن تفعيل المحاكمات العسكرية أمر هام في الوقت الحالي، للحد من تجاوزات أمناء الشرطة ‏وتهدئة الرأي العام، مشيرًا إلى أن رغم ذلك فالنصوص العقابية الخاصة بأمناء الشرطة في المجالس ‏التأديبية أقوى من النصوص العقابية الموجودة في المحاكمات العسكرية.‏
وأكد على أن المحاكمات العسكرية تختص بالجرائم النظامية، وفيما يتعلق بتطاق خدمة فرد الشرطة، أما ‏نصوص المجلس التأديبي تعطي له الحق في عزل فرد الأمن من خدمته فورًا، أو إحالته للاحتياط، وسحب ‏سلطان وظيفته بقرار تأديبي بحت.‏
ورأى أنه في حالة واقعة الدرب الأحمر لم يكن أمين الشرطة المتهم بقتل المواطن في وقت خدمته أو ‏مكانها، وبالتالي لا يمكن إحالته للمحاكمة العسكرية، موضحًا أن المحاكم التأديبية أسرع من العسكرية، ‏دون الإخلال بحق النيابة العامة والقضاء الجنائي، من رقابته وولايته الأصلية في الشق الجنائي.‏
وأكد اللواء محمد علي بلال، الخبير الأمني، على أهمية عودة المحاكمات العسكرية، مشيرًا إلى أن أزمة ‏أمناء الشرطة تصاعدت بسبب عدم تحديد الاختصاصات داخل وزارة الداخلية، ‏فضلًا عن وجود خبرة ‏سلوكية لدى أمناء الشرطة متراكمة من قانون التظاهر الذي تم سنه في الثمانينات، ‏وتعامل من خلال ‏الأمين بمبدأ السلطة المطلقة، والقبض على أي مواطن أو التجاوز في حقه لمجرد ‏الاشتباه فيه.‏

وشدد على ضرورة عدم الاكتفاء بعودة المحاكمات العسكرية فقط، ولكن لا بد وأن يعي أمين الشرطة أن ‏قانون التظاهر تم تعديله، لأنهم يتعاملون بناء على الخلفية السابقة لديهم، ‏مشددًا على ضرورة إعادة تأهيل ‏نفسية أمين الشرطة وإزالة تراكمات قانون التظاهر التي يتعامل بها مع ‏المواطنين، ووجود دورات ‏تدريبية بمهامه وسلوكياته.‏
واختلف معهم اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، مؤكدًا أن المحاكمات العسكرية تجعل ‏من أمين الشرطة عبدًا يطيع القانون خوفًا من العقاب وليس احترامًا لآدمية الإنسان ووعيه لحقوق ‏المواطنة، وتنفيذ القانون بالطريقة السليمة.‏
ولفت إلى أن الداخلية، هو جهاز أمني، لا يمكن تطبيق المحاكمات العسكرية على أفراده؛ لأنه هيئة ‏نظامية، يصعب إخضاع أفرادها للمحاكمات العسكرية، مشيرًا إلى أن التشريعات الأمنية والعقوبات ‏تحتاج إلى تعديل، وتطبيق القوانين بكل حزم على المتجاوز وفقًا لقانون العقوبات، أو إحالته للنيابة وهيئة ‏التفتيش والرقابة إذ كان التجاوز خارج قانون العقوبات.‏