رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطوير قناة السويس.. وتأثيرهاعلى منظومة النقل البحرى « ١-٣»


شهد العالم يوم 6 أغـسطس الجارى افتتاح إحدى أهم مراحل تطوير قناة السويس، حيث لم تتوقف مراحل التطوير منذ حفرها وحتى الآن، خاصة تلك التى بدأت بتوسعـتها وتعـميقها عام 1974لإعادة فتحها بعـد حرب أكتوبر73، ثم تفريعة شرق بورسعـيد (36,5 كم) وحفرالقناة الملاحية لميناء شرق بورسعـيـد بطول 13,5 كم وعـمق 5, 17م، وحفر دائرة الدوران فى نهاية القناة الملاحية بقطر1,3كم كى تسمح بالمناورة الواسعة وعودة السفن إلى البحر المتوسط مرة أخرى، وتم افتتاح هذه المرحلة يوم 4 ديسمبر2004 مع افتتاح ميناء شرق بورسعـيد، وجار الآن حفر القناة الجانبية للميناء والمخطط لها سلفاً لاستكمال التطوير، وقد تناولت ذلك فى مقال نُشر فى هذا المكان بتاريخ 29 فبراير 2012 بعـنوان «أوهام إسرائيل ودور مصر » وانتهى بالفقرة التالية: «ينبغى أن نأخذ هذه المشروعات مأخذ الجد لتكون دافعاً لنا لتطوير قـناة السويس، وتنفيذ مشروع جديـد يتسق مع اتجاهات تطور استراتيجيات واقتصاديات النقل البحرى، بهدف تعـظيم المشاركة الـفعالـة فى حركية التجارة العالمية بالقدر الذى يؤدى إلى تعـظيم الناتج القومى الإجمالى للدولة، إذ يمكن البدء فى تخطـيـط وتـنفـيـذ أكبـر مشروع ملاحى فى العالم دون تغـيـيـر خط الملاحة العالمى، وذلك بحـفـر قـناة جديدة تبدأ من نهاية قناة شرق التفريعة، تتمتع بجميع المواصفات التى تمكٌن مرور جميع السفـن والناقلات العـملاقة التى لا يمكن مرورها خلال قناة السويس، حتى لا تـفقد مصر أحد مؤشراتها الـتنافسية الـتى تتميز بها بموقعها الجيوستراتيجى الفـريـد، ويمكن لهيئة قـناة السويس تـنفيذ المشروع بعـد أن اكتسبت من الخبرة ما يؤهلها لذلك بعـد أن قامت بتنفيذ مشروع تفريعة شرق بورسـعـيد، ويكمن هـذا المشروع ببساطة فى توصيل قناة شرق بورسعـيد ببحيرة التمساح والبحيرات المرة، ثم توسيع وتعميق وصلة القناة الأصلية من البحيـرات المرة إلى السويس بالعمق المطلوب، أى أن أكـثـر من 30% من هـذا المشروع قائم بالفعـل، وهـو الأمر الذى يعـمل على توفير جهد وزمن وتكلفة مشروع تعميق القناة الأصلية لتكون بعـمق 72 قدماً بدلاً من 66 قدماً «ملحوظة: أشرت إلى أهمية توسعة وتعميق القطاع الجنوبى من القناة حتى لا يُؤثر بالسلب على مراحل التطوير الأخرى».

ويمكن تحديـد تأثير مرحلة التطوير الأخيرة فى أنها كشفت أولاً مشروعات إسرائيل الوهمية، سواء شق قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وهو مشروع من المحال إنجازه نظراً لطبيعة طبوغرافية إقليمها، ومشروع إنشاء خط أنابيب يربط بين إيلات وعـسقلان على البحر المتوسط بقدرة نقل60 طن/يوم وهذه القدرة لا يمكن أن تسهم فى حركية التجارة العالمية، ومشروع إنشاء خط برى وآخر سكة حديد يربطان ميناء إيلات بميناء حيفا، وقد روجت إسرائيل كثيراً لهذين المشروعـين بأنهما سيؤثران بالسلب على قـنـاة السويس، ولتأكيد عدم جدوى هذين الـمشروعين فإنه يُمكن وضع أسلوب تداول الحاويات من ناقلة واحدة من الأجيال الأولى حمولة2000 حاويـة فقـط موضع التطبيق، حيث سيتم تـفـريغ الشحنة فى ميناء الوصول ثم شحـنها على عربات السكة الحديد أو تـرلات الـنقـل البـرى للوصول إلى ميناء المغادرة، ثم تفريغها مرة أخرى من العربات وإعادة شحـنها على ناقلة الحاويات مما يُؤدى إلى زيادة الزمن والجهد والتكلفة، ويحتاج نقل 2000 حاوية إلى 1000 تريلا، أو 1000 عربة سكة حديـد بمعدل حاويتين لكل عربة، ويلزم لتسيير قـول العـربات تـرك مسافة100متر على الأقـل بين كل عـربة والأخرى لتأمين المسيـر، وبذلك يبلغ طول القول حوالى100 كم، حيث سيتم وصول أول عربة إلى الميناء قبل أن تُغادر آخر عـربة فى الميناء الآخر، فإذا علمنا أيضا أن قدرة الجر للقطار الواحد هى 25عربة سكة حديد، فإنه يلزم توفير أربعـين قاطرة يقطر كل منها 25 عربة سكة حديد لنقل هذه الحمولة.

كما يُمكن أن يُحدث تطوير القناة على هذا النحو، ثانياً الاتساق الكامل مع اتجاهات تطور منظومة النقل البحرى، حيث يتمثل الاتجاه الأول فى التوسع فى بناء ناقلات الحاويات العـملاقة التى تتجاوز حمولتها عـشريـن ألف حاويـة مكافـئة لتحقيق أعـلى عائـد بالـنسبة للزمن والتكلفة والجهد، والثانى هو الاعـتماد عـلى أقـل عـدد من الموانئ المحوريـة التى يُمكنها أن تُشكل المراكز الرئيسية للتخزين والتوزيع، على أن تقوم حاملات الحاويات الأقل قدرة بالتوزيع على موانئ الدول الأخرى لاستكمال دورة التجارة العالمية، وبذلك يظل الـنقل البحرى هـو الأكبر حجماً والأكـثـر أمناً والأقـل تكـلفة، وسيكون الميناء الرئيسى فى شرق آسيا إما شانغهاى أو هونج كونج أو سنغافـورة، ويُعـتبر ميناء صلالة بعـمان، وميناء شرق بورسعـيـد ميناءين لا غنى عـنهما فى المنظومة، يليهما أحد موانئ غـرب إسبانيا للوصول إلى أوروبا وأمريكا الشمالية. وللحديث بقية إن شاءالله.

محافظ بور سعـيـد سابقاً