رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة فى حب الوطن


أعجبتنى هذه الرسالة من المواطنة مى حسنإسماعيل إمام، من سكان منطقة الهرم، وهى مرسلة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وما على الرسول إلا البلاغ. الرسالة واضحة جداً وبسيطة، وتعبر عن الإسهام الشعبى فى علاج الخلل أو الخطأ القائم فى المجتمع، ولو فكرياً، بالاقتراحات التى ينبغى أن تلقى اهتمام المسئولين على جميع المستويات.

وتدل الرسالة كذلك على ثقة معظم الشعب بالقيادة، وإلا انقطعت الصلة مع ضعف أو انعدام تلك الثقة. وتدل الرسالة على النظرة الأبوية للرئيس، فالشعب يخاطب الرئيس بصفة الأب أو الوالد، وهذا ينبع من الشعور بالأسرة الواحدة فى الأفراح والأتراح رغم المعاناة. الرسالة تقول: «فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الأب عبدالفتاح السيسى، نحن نريد أن نضع أيدينا معك لبناء هذا الوطن. ونريد من يأخذ بأيدينا ويضعنا على بداية الطريق. أكبر قوة غير مستغلة فى مصر هى القوة البشرية. وإن تم استغلالها صح نهضت مصر، وان تم استغلالها خطأ، سقطت فى بحر الإرهاب. أنا أقدم رؤية بسيطة منى لإنشاء مركز تابع لرئاسة الجمهورية، ولو يكون اسمه: بداية جديدة لعلاج البطالة. ويعمل هذا المركز على حصر نسبة البطالة الحقيقية وتصنيفها، من حملة المؤهلات العليا وفوق المتوسطة والمتوسطة، ويكون هذا عن طريق المحليات فى كل محافظة. ثم يبدأ المركز فى تشجيع المراكز الخاصة بالتدريب والكورسات لتنمية مهارات هؤلاء الشباب، ووضعهم على الطريق الصحيح للعمل. أنا عارفة أن هناك مراكز تدريبية كثيرة، لكن مع ذلك هناك فئة كبيرة من الشباب العاطلين، ليس لديهم المقدرة المالية لأخذ كورسات لتأهيل نفسه لسوق العمل. وبدل ما الشباب يأخذوا 200 جنيه لوضع قنبلة، وتفجير أبراج هنضعه على الطريق الصحيح، وأيضاً هنعالج حالات الاحتقان المتواجدة داخل معظم البيوت المصرية من آباء وأمهات صرفوا على تعليم أولادهم الآلاف، وفى النهاية الشباب جالس فى البيت بلا عمل، وأصبح عمره يقترب من الثلاثين، دون أن يُكَوِّن نفسه أو يتزوج. وهذا حال أسر كثيرة فى مصر. الشباب ينزلون إلى المظاهرات، حتى وإن كانت طريقة خطأ، فى التعبير عن غضبهم، وأيضاً من المهم مشاركة المجتمع المدنى، ويتمثل هذا فى الشركات والهيئات سعياً، فى تمويل هذا المشروع، وتوفير مدربين فى التخصصات المختلفة لمساعدة هؤلاء الشباب. وتبقى تحت بند تنمية المجتمع المدنى. ونحن نحتاج إلى هذا لننهض بالوطن. لسنا فى حاجة إلى من يدعو إلى مظاهرة لبس الحجاب أو مظاهرة لخلع الحجاب، وإثارة بلبلة وسط الناس. لكن محتاجين ثورة على البطالة وعلى الجهل، لكى ننجح فى أن ننهض بمصر لتكون أفضل دولة بالعالم. أنا أتعجب من تقدم الدول الأوروبية التى يعمل بها المسلم بجانب المسيحى، بجانب الهندوسى، بجانب البوذى. كلهم يعملون دون وجود أى خلافات بينهم. كلهم يسعون إلى النهوض ببلدهم، لماذا لا نسعى لزراعة هذا فى الشعب المصرى؟ وشكراً وحفظك الله لنا، أباً لجميع المصريين المخلصين» انتهت الرسالة. رأيت هذه الرسالة معبرة، ليس فقط لمحتواها، وضرورة الاهتمام بالثروة البشرية العاطلة عن العمل أو العاملة، بل الاهتمام بتدريبها وترقيتها وتنمية قدراتها حتى تكون صالحة للعمل المتميز سواء داخل الوطن أو خارجه. ولكن هذه الرسالة من فتاة مقعدة، لم يشغلها مرضها عن الشعور والاهتمام بمشاكل الوطن. قد يكون ما تقترحه صحيحاً أو غير صحيح، وقد يكون قائماً أو غير قائم. ونظراً لثقة تلك الفتاة فى مؤسسة الرئاسة، تقترح مركزاً تابعاً للرئاسة، وهذا فى ظنى نظراً لضعف الثقة فى الوزارات والمؤسسات الأخرى التى لا تقوى على حل مشاكل الوطن كل فى اختصاصه. ثم تختم الفتاة الرسالة بأن يحفظ الله الرئيس السيسى أباً لجميع المصريين المخلصين، ولكن الأب لا ينسى أولاده حتى غير المخلصين، بل يسعى دائماً إلى إصلاحهم ووضعهم على الطريق الصحيح، والسعى لتأهيلهم لمستقبل أفضل أو لعلاجهم عند المختصين أو حتى وضعهم فى مستشفى الأمراض النفسية، رغبة فى العلاج الصحيح. دائماً أذكر ما قاله ابن القيم عن الهمة، وهذا أهم ما فى الموضوع والرسالة «المسافر إلى الله تعالى، بحاجة إلى همة تسيره وترقيه، والى علم يبصره ويهديه». هذه الرسالة تنبع من الهمة، ومحالة إلى أهل العلم للتطبيق.