رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قواتنا المسلحة.. أمل مصر


القوات المسلحة، هى حجر الزاوية فى بناء دولة قوية ومتحدة، قادرة على حماية أمنها واستقرارها، وضمان مستقبل مشرق لأبنائها.
دور القوات المسلحة المصرية وما تقوم به من جهود على كل الأصعدة تنطلق من الثوابت المصرية الوطنية التى جاءت من أجل إحلال الأمن والسلام والطمأنينة وتحقيق المعانى السامية، ويحق لكل مصرى أن يفتخر بدور هذه المؤسسة الوطنية فى كل معارك الشرف التى خاضتها وتخوضها.
من يتابع أخبار الحروب حولنا فى غزة والسودان، وما حدث فى ليبيا وسوريا والعراق، يسجد لله شكرًا أن جنّبنا الله ويلات تلك المشاحنات والحروب، بفضل رجال أسسوا لجيش قوى قادر على فرض احترام مصر على الجميع.
وما يحدث على حدودنا فى غزة يكشف عن قوة الجيش المصرى وثباته، رغم كل الاستفزازات التى يقوم العدو والدول المؤيدة له، وبعض المنظمات الإرهابية التى تريد الزج بالجيش فى حرب لا يعرف مداها أحد.
منذ وقت ليس بعيد، كانت حدودنا الغربية والشرقية تغلى فى ليبيا، كانت تركيا بقواتها وقوات حلف «ناتو» على أهبة الاستعداد لغزو ليبيا واحتلال منابع النفط فيها، وأغرقت طائرات حلف «ناتو» صحراء ليبيا بكل أنواع الأسلحة والذخائر، كانت تلقيها فى الصحراء لتأخذها العصابات الإرهابية لتهربيها عبر مصر إلى سيناء فى غيبة وانشغال قواتنا المسلحة فى تأمين البلاد فى أعقاب ما عرف وقتها بـ«الانهيار الأمنى».
وتحولت غزة إلى ممرات وأنفاق لتهريب السلاح والمخدرات داخل البلاد وتهريب السلع المصرية المدعومة خارجها، وأصبحت منطقة شمال بؤرة الإرهاب ومركزًا لكل الجماعات الإرهابية التى تساندها «حماس».
ولولا يقظة جيشنا ووقوفه بحسم أمام تلك الأطماع على الحدود لكان لمصر شأن آخر، وها هى حدودنا الجنوبية تشتعل بصراع الإخوة فى السودان، ولولا قواتنا المسلحة لحدث فى مصر الكثير. 
كانت هناك خطة جهنمية تسعى إليها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل القضاء على آخر جيش قوى فى المنطقة، وفق خطة محكمة. ظهرت من خلال سياستها فى الشرق الأوسط منذ السبعينيات. 
فى تلك الفترة كانت هناك أربعة جيوش قوية فى مواجهة جيش إسرائيل، وهى جيش إيران، جيش العراق، جيش سوريا، وجيش مصر. 
فى تلك الفترة أيدت أمريكا عودة الخمينى إلى إيران، بعد أن كان منفيًا فى فرنسا، وكانت عودته على أنقاض حكم الشاه، وكان الخمينى وقتها يعيش فى فرنسا، كانت إيران وقتها تمتلك أكبر قوة ضاربة، يليها جيش العراق، ثم الجيش السورى. وبدخول الخمينى وقيامه بفرض الدولة الدينية بدأت الولايات المتحدة، ومعها حلفاؤها، فى تأليب خصوم الخمينى السابقين عليه، وأبرزهم صدام حسين، وأدخلتهما أمريكا فى سلسلة متصلة من الحروب الطاحنة.
وعندها بدأت الولايات المتحدة فى تنفيذ خطة ضرب الجيوش العربية التى تشكل تهديدًا محتملًا لإسرائيل، فأوعزت إلى صدام حسين بغزو الكويت فى بداية التسعينيات، وأرسلت له السفيرة أيرل جلاسبى لتبلغه بسكوتها لو قام صدام حسين بذلك. وخلال أسبوع كان صدام يحتل الكويت، وبدأت أمريكا تعد خطتها التى تدرب عليها الجنرال شوارسكوف فى صحراء نيفادا الأمريكية، وأنذرت صدام بالخروج من الكويت، وهى تتمنى أن يرفض، وبدأت فى الالتفاف حوله ومحاصرته سياسيًا ودوليًا وعربيًا عن طريق التحالف الدولى ضده، وأوعزت إلى مبارك أن يدعوه إلى الخروج من الكويت، وهى تعلم أن صدام لم يكن يحترم مبارك، وأنه يعاند ويكابر. إلى أن اكتملت الخطة. وفى مارس 2003 تم الهجوم على الجيش العراقى، وتم تدميره بالكامل. 
وقامت بتعيين بول بريمر حاكمًا على العراق، وبدأ فى فك وحل الجيش العراقى رسميًا بموافقة الثوار العراقيين. 
وبهذا تخلصت أمريكا من الجيش العراقى. 
ثم بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تحاصر إيران بفكرة الأسلحة النووية، وبدأت تراقب الجيش الإيرانى وتسلحيه، وفرضت على إيران حصارًا اقتصاديًا وسياسيًا، وها هى تستعد للانقضاض عليه.
وتخلصت أمريكا من أكبر جيشين فى المنطقة. 
يتبقى الجيش المصرى والجيش السورى. 
حتى جاءت الألفية وبدأ الربيع العربى، وقامت ثورة يناير فى مصر، وكان موقف أمريكا واضح التأييد لمبارك، ولكنهم عندا لمسوا إصرار المصريين على رحيله، لم تتردد، وأشارت له بالرحيل. 
كانت الخطة الأمريكية لتدمير الجيش تنطلق من زاويتين:
الأولى: زعزعة ثقة الشعب فى القوات المسلحة عن طريق إهانة رجالها واتهامهم بقتل المتظاهرين، ومحاولة البقاء فى الحكم. ووصل الأمر إلى حد المناداة بسقوط المجلس العسكرى، بل ظهر بعض الكتابات للفصل بين المجلس العسكرى والقوات المسلحة. 
والثانية: التعتيم على إنجازات الرؤساء السابقين لمبارك باعتبارهم من القوات المسلحة، وإظهار ديكتاتورية جمال عبدالناصر وأنور السادات ومبارك باعتبارهم من العسكريين، ومحاولة الحد من تولى الأكفاء من رجال القوات المسلحة المناصب المدنية فى الدولة.
الغريب أن بعض الأحزاب الراديكالية والليبرالية واليمينية انساقت إلى تلك الدعوات وراء مصالحها الخاصة المحدودة.
إلا أن جيشنا بقى صامدًا أمام تلك المحاولات.