رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى انتظار قائمة العار

رسميًا، سيعلن أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، الثلاثاء، عن «قائمة العار»، الخاصة بانتهاك حقوق الأطفال فى الصراعات، التى تصدر سنويًا، منذ سنة ٢٠٠٢، بناءً على طلب من مجلس الأمن، والتى بات فى حكم المؤكد أنها ستشمل «الجيش الإسرائيلى»، لأول مرة، بعد أن كشفت جريدة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن فشل كل جهود إقناع «جوتيريش» بالتراجع عن هذه الخطوة.

خبر إدراج جيش الاحتلال على «قائمة العار»، عرفناه من جلعاد إردان، السفير الإسرائيلى لدى الأمم المتحدة، الذى أعلن، فى ٧ يونيو الجارى، عن تلقّيه اتصالًا تليفونيًا من مدير مكتب الأمين العام، يبلغه فيه بالقرار، ونشر فى حسابه على شبكة «إكس»، مقطعًا من هذا الاتصال، يرد فيه على محدّثه بأنه يشعر «بصدمة عميقة واشمئزاز، من هذا القرار المخزى». ولاحقًا، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى، فى بيان، إن الأمم المتحدة أدخلت نفسها فى القائمة السوداء للتاريخ عندما انضمت إلى أنصار من وصفهم بالقتلة، زاعمًا أن «الجيش الإسرائيلى هو الجيش الأكثر أخلاقية فى العالم، ولن يغير أى قرار سخيف هذا الواقع»!

مرات عديدة، طالب الأمين العام للأمم المتحدة دولة الاحتلال بوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، محذّرًا من أن القطاع يتحوّل إلى «مقبرة للأطفال». كما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، أن الجيش الإسرائيلى قتل أكثر من ١٣ ألف طفل وأصاب عشرات الآلاف الآخرين، خلال عدوانه المستمر على القطاع منذ ٧ أكتوبر الماضى. ولشبكة «سى بى إس» الأمريكية، قالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية للمنظمة، إن هذا المعدل من الوفيات بين الأطفال لم يسبق تسجيله، تقريبًا، خلال أى صراع آخر. 

اللافت، هو أن دولة الاحتلال لم يتم إدراجها على «قائمة العار» طوال السنوات الـ٢١ السابقة، مع أن التقرير الأممى عن «الانتهاكات الجسيمة المؤكدة»، الصادر السنة الماضية، أكد أن القوات الإسرائيلية مسئولة عن إصابة ٩٧٥ طفلًا، وشنت ١١٠ هجمات على مدارس فى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. كما سبق أن حمّلت الأمم المتحدة إسرائيل، مسئولية مقتل وإصابة نحو ٩ آلاف طفل، بين سنتى ٢٠١٥ و٢٠٢٠، إضافة إلى أكثر من ٢٣ ألف انتهاك جسيم تم الإبلاغ عنها، ولم يتم التحقق منها!

المهم، هو أن قرار الإدراج على «قائمة العار»، الذى سيدخل حيّز التنفيذ بحلول نهاية يونيو الجارى، والذى لا يتضمن أى عقوبات أو عواقب قانونية على الدول والكيانات المدرجة، وجدته دولة الاحتلال فرصة لفرض عقوبات، أو مزيد من العقوبات، على الأمم المتحدة. إذ نقلت جريدة «فاينانشيال تايمز»، الأربعاء الماضى، عن «مصادر مطلعة» أن الحكومة الإسرائيلية «تدرس اتخاذ إجراءات بعيدة المدى ضد الوكالات الأممية فى إسرائيل والأراضى الفلسطينية»، لافتة إلى أن مجلس الوزراء الإسرائيلى ناقش مجموعة من الخيارات، فى اجتماع عقده مساء ٩ يونيو، من بينها «إبطاء أو عدم تجديد تأشيرات الموظفين الأمميين، ومقاطعة مسئولين رئيسيين، وإنهاء مهام وطرد بعثات الأمم المتحدة»! 

الجريدة البريطانية نفسها نسبت إلى مصادر عديدة أن العقوبات الإسرائيلية قد تشمل «المنسق الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط»، الذراع السياسية الرئيسية لجهود الأمم المتحدة فى إسرائيل والأراضى الفلسطينية. ولعلك تعرف أن إسرائيل سبق أن اتهمت موظفى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «أونروا»، بـ«المشاركة فى هجمات ٧ أكتوبر»، واستهدفت العديد من مدارس ومنشآت الوكالة بزعم أن حركة «حماس»، تستخدمها كمنشآت عسكرية، ولا تزال مستمرة فى استهداف موظفى الوكالة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن «قائمة العار»، المُنتظر إعلانها اليوم، رسميًا، ستشمل، أيضًا، حركتى «حماس» و«الجهاد الإسلامى»، بزعم أن الأمم المتحدة تحققت من ارتكابهما ١١٦ و٢١ انتهاكًا جسيمًا، على الترتيب، مقابل ٥ آلاف و٦٩٨، ارتكبتها قوات دولة الاحتلال، التى تواصل عدوانها وانتهاكها للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة لأمم المتحدة وأوامر محكمة العدل الدولية.