رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرة واقعيةٌ فى أحداث مأساوية


حديثى اليوم يأتى بمناسبة المأساة التى وقعت يوم الأحد 8/2/2015 بمحيط استاد الدفاع الجوى، حيث احتشد عدة آلاف من المواطنين محاولين دخول الاستاد عنوة لمشاهدة مباراة فريقى الزمالك وإنبى فى الدورى العام، وعند منعهم قام بعضهم بإحراق سيارات للشرطة وقطعوا الطريق وأشاعوا الهرج والمرج والتدافع بين الجموع الغفيرة.
مما أدى إلى سقوط ٢٢ قتيلاً وأكثر من عشرين مصاباً. والحادث على هذا النحو رغم فظاعته يمكن اعتباره من الحوادث المألوفة فى كل دول العالم، ولكن ما يدعونى للحديث اليوم هو الآراء والتعليقات التى تناولت الحادث، وهى أقوالٌ بظاهرها ومضمونها ترسخ لعادة مصرية سيئة تعيق أى شعب عن الإصلاح ومعرفة الطريق الصحيح للمستقبل الأفضل، وهى عادة التغافل أو التغاضى عن خطأ النفس والاستغراق فى البحث عن الغير الذى نحمّله كل الأوزار ونصب عليه جام الغضب جراء ما أصابنا من فشل أو إخفاق أو آلام.

لقد اعتدنا للأسف الشديد فى كل نوازلنا ومشاكلنا على التنقيب عن أى ظل للحكومةلنلقى عليها اللوم ونحملها المسئولية وكأننا شعبٌ مازال طفلاً رضيعاً لاحول له ولاقوة إلا من ثدى أمه التى لم ينفطم عنها. ولكن الأخطر والأسوأ أثراً أن ينتهج النخبة هذا السلوك المعيب، تضليلاً أو نفاقاً للشعب وهو ما ينعكس بآثار وخيمة على التكوين والسلوك الاجتماعى، ويحول دون الإصلاح المجتمعى والتقدم المنشود.

أعود إلى موضوع حديثى عن ذلك الحادث المأساوى الذى أدمى قلوبنا، فأجد أن كثيراً من المعلقين صوّب سهام الاتهام لرئيس نادى الزمالك وحمّله الخطأ والمسئولية لمجرد أنه طلب وأصر على عودة الجمهور لحضور المباريات، وهو اتهامٌ أراه على غير منطق وقد تشوبه ضغائن شخصية، كما أن تصريحاته العنترية لا تدفع عاقلاً للخطأ. وهناك من راح يصب اللوم والسباب على اتحاد الكرة ووزارة الرياضة وكأنهما من دفعا هذا الجمهور للحضور الخاطئ ولم يوفرا له سبل الحماية والدخول المريح الآمن إلى الاستاد! وأما البعض الآخر وكعادته السقيمة فقد وجه سهام الاتهام إلى وزارة الداخلية، لأنها نفذت القانون ومنعت غير حاملى التذاكر من الدخول، ثم تصدت بأبسط الوسائل وهو الغاز لتفريق المعتدين على الممتلكات العامة بالتخريب والتعطيل!!

إن النظرة الواقعية الموضوعية لهذا الحادث من منطلق الحرص على عدم تكراره، تدعونا إلى الكف عن مثل تلك الاتهامات المرسلة والتبريرات العقيمة التى تخلق مناخ الاحتقان وترسخ للسلوك المعيب. إن الحادث فى حد ذاته لم تتسبب فيه أى جهة رسمية، أما إذا تناولناه بالفحص والتصنيف لجمهور المحتشدين، فسنجدهم كالآتى: (1) فئة ضئيلة قد تكون من عناصر التيار الإرهابى الذى نحاربه، جاءت بقصد الإثارة والتحريض والتخريب، وهى تعلم أن مثل تلك التجمعات الجماهيرية هى أنسب مناخ لبث سمومها وارتكاب أعمالها الآثمة. وهذه الفئة تتحمل المسئولية الجنائية ويتعين على أجهزة الأمن البحث عنها والقبض عليها وتقديمها للعدالة. (2) الفئة الثانية هى جمهور البلطجة الذين يعرفون أن لاحق لهم فى الدخول، ولكنهم عقدوا العزم على استخدام العنف والإجرام لنيل غرضهم،ومثلُ هؤلاء متوقعٌ وجودهم فى أى مناسبة مهما كانت الضوابط والقيود، ولا مناص من مواجهتهم أمنياً بكل قوة وحسم. (3) أما الفئة الثالثة فهم أصحاب النوايا الحسنة جاءوا يحدوهم الأمل فى الحصول على تذاكر من مكان المباراة، ولكن كان عليهم فور تبينهم للمشهد الانصراف دون تداخل مع الفئتين السابقتين، كما أن الخطأ يطال ذويهم لإخفاقهم فى النصح والتوجيه والإرشاد، فالضحايا فى مثل تلك الحوادث غالباً ما يكونون من هذه الفئة. وأخيراً فعلينا أن نحاسب أنفسنا قبل أن نُحاسب عليها وأن نزن أعمالنا قبل أن تُوزن علينا. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل،،

■ لواء بالمعاش