رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجلس الشورى بين الإبقاء والإلغاء فى الدستور الجديد


القول بوجود حكومة مسئولة أمام مجلس واحد له وحده السيادة سوف ينتهى إلى أن تصبح هذه الحكومة تابعة وليس لها أى استقلال تجاهه، أما الازدواج فإنه على العكس يسمح للحكومة بأن ترتكز على أحدهما لمواجهة المجلس الآخر وذلك لمحاولة إنجاز سياستها.

مجلس الشورى هو أحد غرفتى البرلمان المصرى الذى يتكون من غرفتين هما مجلس الشعب ومجلس الشورى، فهو مجلس نيابى ذو اختصاص تشريعى، والشورى أحد مبادئ الحكم فى الإسلام، وقد شهدت مصر تطورات متعاقبة للشورى فى تاريخها الحديث عندما أنشأ نابليون «ديوان القاهرة» سنة1799- مركزاً للشورى وتبادل الرأى.

وكانت البداية الأولى لتطور الحياة النيابية فى مصر مع إنشاء «المجلس العالى» الذى أسسه محمد على فى نوفمبر1824ثم مجلس المشورة فى عام 1829 الذى قام محمد على بإنشاء «مجلس المشورة» ثم مجلس شورى النواب فى عام 1866 الذى أنشأه الخديو إسماعيل مجلس شورى النواب، الذى يعد البداية الحقيقية للمجالس النيابية فى مصر ثم مجلس شورى القوانين فى أول مايو عام 1883 وأثناء الاحتلال البريطانى، أصدر الخديو توفيق القانون النظامى ثم الجمعية التشريعية فى عام 1913 تم إنشاء الجمعية التشريعية ثم المجالس النيابية فى ظل دستور 1923

ثم ألغى دستور 1923 بصدور دستور 1930 فى الثانى والعشرين من أكتوبر 1930 إلا أن دستور 1930 لم يعمر طويلاً. ثم أنشئت المجالس النيابية منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 ثم دستور مارس 1958 المؤقت ثم دستور مارس 1964 المؤقت ثم دستور سبتمبر 1971 الدائم ثم نظام المنابر السياسية وتعديل دستور 1971 وموافقة الشعب على هذا التعديل فى الاستفتاء الذى جرى يوم 22 مايو 1980 وأضيف بموجب هذا التعديل باب جديد إلى الدستور تضمن الفصل الأول منه بيان الأحكام الخاصة بهذا المجلس وكان أول اجتماع له فى أول نوفمبر 1980 ثم جاء تعديل دستور 1971 لسنة 2007 قد تضمنت التعديلات الدستورية فى مارس 2007 تعديلاً دستورياً فى اختصاصات مجلس الشورى الواردة فى المادتين 194، 195 من دستور 1971 قبل تعطيله فى 13 فبراير 2011، حيث أصبحت موافقة المجلس وجوبية، فيما يتعلق بعدد «33» مادة من مواد الدستور المشار اليه.

ظهر للوجود فى الحياة البرلمانية المصرية فى الأول من نوفمبر عام 1980، حيث عقد أولى جلساته، عقب الموافقة على إنشائه دستوريا طبقا لنتيجة الاستفتاء على إنشائه الذى أجرى يوم 22 من مايو عام 1980، بإضافة باب جديد إلى الدستور هو الباب السابع تضمن اختصاصاته وتشكيله، ثم إصدار القانون بانتخاب عدد 140 عضواً منتخباً وصدور القرار الجمهورى رقم 542 لسنة 1980 بتعيين 70 عضواً ليتكون المجلس فى أول تشكيل له من 210 أعضاء، ثلثاهم بالانتخاب والثلث الباقى بالتعيين وفقاً لأحكام الدستور والقانون.

والجدير بالذكر أن عدد أعضاء المجلس قد وصل فى آخر تشكيل إلى 270 عضواً، 180 عضواً منتخباً، 90 عضواً معيناً، ثم جاء الإعلان الدستورى الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 30 مارس 2011 ليحدد طبيعة تشكيل مجلس الشورى، ومدة عضويته فى المادتين 35، 36، ثم ليحدد اختصاصات المجلس فى المادة 37 على النحو التالى:

«يتولى مجلس الشورى فور انتخابه دراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بالحفاظ على دعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وحماية المقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة.

ويجب أخذ رأى المجلس فيما يلى:

1- مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

2- مشروعات القوانين التى يحيلها إليه رئيس الجمهورية.

3- ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية.

ويبلغ المجلس رأيه فى هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب.

ورأينا آراءً فى اللجنة التأسيسية تطالب بإلغاء مجلس الشورى وآراءً تطالب بالإبقاء عليه وآراءً تطالب بتغيير المسمى إلى مجلس الشيوخ، فطبقاً لدساتير الدول المقارنة، ففى الدستور الأمريكى نرى أن لمجلس الشيوخ دوراً مهماً فى الحياة السياسية وصلاحيات قوية، بل يختص وحده بمحاكمة رئيس الدولة والتصديق على المعاهدات والتعيينات فى الوظائف الكبرى، فلماذا لا يتم تفعيله فى مصر هكذا.

فضلاً عن مزايا الأخذ بازدواج السلطة التشريعية فهو يلعب دور الملطف لسلطة المجلس النيابى ويعمل على تفادى تجاوزاته وتسلطه والحد من جبروته ويشكل أملاً للأقلية داخل المجلس فى إدخال التعديلات على القوانين وضماناً لحريات الأفراد وحقوق الإنسان هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بالنسبة للعلاقة بين السلطات العامة فإن المجلس يمكن أن يلعب دوراً كبيراً كحارس للدستور وتنظيم تطبيقه والقوانين الصادرة ويسمح وجود هذا المجلس الثانى بالمحافظة على مبدأ الفصل بين السلطات فصلاً متوازناً ويمنع أعضاء المجلس النيابى من التوجه بمجلسهم إلى النظام الاستبدادى الجماعى عن طريق المجلس الواحد.

فإن القول بوجود حكومة مسئولة أمام مجلس واحد له وحده السيادة سوف ينتهى إلى أن تصبح هذه الحكومة تابعة وليس لها أى استقلال تجاهه، أما الازدواج فإنه على العكس يسمح للحكومة بأن ترتكز على أحدهما لمواجهة المجلس الآخر وذلك لمحاولة إنجاز سياستها.

ومن ناحية ثالثة فإن مساءلة الحكومة أمام المجلسين يمكن أن يحقق التوازن فى إصدار القوانين ويكون له رأيه فى السياسة العامة، فأهيب باللجنة التأسيسية العبرة ليست بالمسمى، العبرة باختصاصه المعهود إليه ومباشرته، فأملنا أن يتم تفعيله على الشكل الأمثل الذى يخدم الصالح العام حتى تتحقق الديمقراطية السليمة التى ينتظرها المصريون والعالم أجمع من دستور الثورة.

■ هيئة قضايا الدولة