رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكفاءة.. معيار الاختيار والتقديم


فى هذه الرسالة يرسى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قاعدة إدارية.. تصلح الحال والأحوال.. قاعدة فيها الفلاح والنجاح.. قاعدة لكل رئيس.. لكل مربٍ.. لكل من له صلاحية الاختيار.. إذا أراد لبلده السيادة والريادة.

كيف تختار محافظاً؟!!

كيف تختار مستشاراً؟!!

كيف تختار وزيراً؟!!

كيف تختار مديراً لقطاع..مديراً لهيئة.. مديراً لمشروع؟!!

أعلنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى هذه الرسالة التى بعثها مع الوليد بن الوليد إلى خالد بن الوليد: «لو جاءنا خالد لقربناه».

قربناه لكفاءته العسكرية.

قربناه لخبرته الاستراتيجية.

قربناه لعقله الرشيد.

قربناه لماضيه التليد فى الجانب العسكرى.

وبالفعل يسلم خالد ويتوج من ساعتها.. ويقرب من لحظتها.. وفى يوم مؤتة يقتل زيد بن حارثة.. ويلحق به عبد الله بن رواحة.. ثم يقتل جعفر بن أبى طالب.. وترجع الراية إلى خالد بن الوليد.. صاحب الكفاءة والخبرة والعقل الرشيد.. فيجعل الله على يديه النجاة.

حيث خط خطة محكمة للانسحاب.. دون ملاحقة الروم لهم.. ونجحت الخطة ونجا المسلمون.. وسمى من يومها سيف الله المسلول.

الكفاءة والخبرة هما معيار الاختيار

الناظر لهذا الحدث يجد أن خالد حديث عهد بإسلام.. خالد منذ أيام كان على دين قومه.. منذ أيام كان حرباً على رسول الله والإسلام.. منذ أيام كان سبباً فى قتل سبعين من المسلمين فى أحد.

كل ذلك لم يلتفت إليه رسول الله.. أهم نقطة: أنه صاحب كفاءة وخبرة فى المجال الذى اختاره فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

لم يلتفت رسول الله إلى سنوات التزامه.. وكم مر على إسلامه.

ركز (صلى الله عليه وسلم) على الكفاءة والخبرة.. التى كانت سببا فى تحقيق ما يرجوه كل رئيس وكل مربٍ.

فيا من تريدون لمصر السيادة والريادة.. لابد من التركيز جيداً على ما ركز عليه محمد (صلى الله عليه وسلم).. وهما الكفاءة والخبرة.. بعيداً عن الحزب والجماعة.

عمرو بن العاص رجل المهمة

اليوم يوم ذات الرقاع.. وفى القوم أبو بكر وعمر.. وينظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الجيش.. ويؤمر عليهم عمرو بن العاص.

سبحان الله موجود أبو بكر وعمر.

عمرو بن العاص أسلم منذ سويعات.

عمرو بن العاص منذ ساعات كان حرباً على رسول الله والمسلمين.

الكفاءة والخبرة لهذه المعركة زماناً ومكاناً هو عمرو بن العاص.. فاختاره رسول الله لهذه المهمة وجعله قائدها.

والمتابع لهذه الغزوة يجد أن عمرو فعل أموراً جعلها الله سببا فى النصرة.. وتحقيق ما يرجوه رئيس البلاد.. وكان عند حسن ظن النبى.

ملاحظة..

لابد أن يراعى أن الكفاءة والخبرة لا علاقة لهما بالمنزلة عند الله ورسوله.. فأبو بكر وعمر أعلى منزلة من عمرو عند الله ورسوله والمؤمنين.

والأعجب ما كان فى الهجرة

اختار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلاً ليس على دينه هو «عبد الله بن أريقط».. دليلاً له فى أخطر رحلة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).. رحلة لا تحتمل الخطأ.. رحلة لا تحتمل التجربة.. فهى رحلة استراتيجية.. رحلة بناء الدولة.. رحلة التمكين.. رحلة التشريع.. رحلة أستاذية العالم.

فكانت الكفاءة والخبرة هما المعيار فى الاختيار من جانب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لهذا الرجل.. بالإضافة إلى الأمانة حيث إنه ليس على دينه.

لا مكان عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للمجاملة والمحسوبية

هكذا كانت قيادة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. ما عرف يوماً فى حياته المجاملة والمحسوبية.. فى الشدة والقتل يوم بدر يقدم أقاربه «حمزة وعليا والحارث».

فى إقامة العدل والقسط يقول: « لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها».

ويوم بدر كشف عن بطنه ليقتص منه سواد بن غزية. فيا من تريدون لمصر السيادة والريادة

عليكم بالكفاءة..عليكم بالخبرة..عليكم بأصحاب العقول الذين يستطيعون أن يخططوا لبناء هذا الوطن الحبيب.

لا مجال اليوم لمحاباة أو محسوبية أو مجاملة.

والله أسأل لكم التوفيق والسداد.

■ داعية إسلامى