رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدعاء.. سلاح عابر للقارات


«إن ربى قريب مجيب».

سبحانه يتنزل وهو العلى..

سبحانه يتودد وهو الغنى.. سبحانه يتقرب وهو الولى يتنزل فى ثلث الليل الآخر.. هل من سائل فأعطيه ؟.

هل من مستغفر فأغفر له؟.

هل من تائب فأتوب عليه؟.

هل من كذا؟..هل من كذا؟.. حتى تطلع الشمس من مغربها.

إذا ضاقت عليك الدنيا فقل: يا الله

إذا ادلهمت بك الأمور فقل: يا الله

إذا كنت على فراش المرض فقل: يا الله

إذا وقعت فى الأسر فقل: يا الله

إذا بارت الحيل وضاقت السبل فقل: يا الله

يا الله.. يا الله.. يا الله.. «أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء»

يأتى رجل إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) فيقول له: يا رسول الله.. ءالله بعيد فنناديه ؟.. أم قريب فنناجيه؟

فنزل قوله تعالى:

«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى......»

روائع البيان..

كلما قرأت هذه الآية اطمأنت نفسى.. وهدأ روعى.. واستراح صدرى.. ونامت عينى.. لما فيها من بديع اللفظ المطمئن والمؤنس.

مبتدأ بقوله «قريب».. «قريب».. قريب من السائلين.. فما بالك بالسائرين

“قريب”.. يتنزل وهو العلى.. ويتودد وهو الغنى

«قريب».. قرب إحاطة وعلم وحفظ.. فلا حاجة إلى الواسطة.. ولا إلى رفع الصوت فى الطلب

«قريب» دون فقل إنى قريب.. حيث حذفت قل التى توهم البعد.. وتمثل الواسطة

وبعد ذلك لفظة «عبادى».. «عبادى» تشريف ما بعده تشريف.. أن تضاف إلى مولاك الكريم سبحانه.

وحسب نفسى عزا بأنى عبد

يحتفى بى بلا مواعيد رب

هو فى قدسه الأعز

ولكن ألقى متى وأين أحب

ثم قوله تعالى:

« أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ»

يا لها من رقة وانعطاف وإيناس وحنو.

لم يقل أسمع الدعاء..

وإنما عجل بالإجابة مباشرة..» أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ»

«دعان» بلا واسطة.. وتوجه إلى وحدى.. وقصد بابى.. وخصنى بالدعاء.. والتجأ إلى حقيقة.. بحيث ذهب عن نفسه إلى.. وشعر قلبه أنه لا ملجأ من الله إلا إليه.

«الداع.. دعان «.. حذفت الياء من اللفظين.. دليل على أن الأمر مبنى على التيسير والتخفيف.. وأن الدعاء اليسير يستجاب كالدعاء الكثير.. فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب.

«فليستجيبوا لى».. دون « فليجيبوا»..لأن الاستجابة هى طلب الإجابة

.. ليبين بأن العباد متى تحروا إجابته فإنه يرضى عنهم.. فالاستجابة تقتضى عناية واستعداداً وإقبالاً واهتماماً وقوة فى أخذ الأمر.

إن ربى واسع الكرم..

من رحمته وكرمه أنه لم يقل للعبد: أجب دعائى حتى أجيب دعاءك.. وإنما أجاب عبده ابتداءً.. تفضلاً وكرماً.. فإجابته سبحانه متقدمة على اشتغال العبد بطاعته.

يا رب إنى قد أويت لكل مأوى فى الحياة

فلم أجد مأوى سوى مأواك

وتلمست نفسى السبيل إلى النجاة

فلم أجد منجى سوى منجاك

وبحثت عن سر السعادة جاهداً

فوجدت هذا السر فى تقواك

فليرض عنى الناس أو فليسخطوا

أنا لم أعد أسعى لغير رضاك

يا رب نسألك رضاك والجنة.. ونعوذ بك من سخطك والنار.

■ داعية إسلامى