رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

.. ويستمر مسلسل الأكاذيب

على مدى تاريخ القضية الفلسطينية كانت مصر هى الدولة الأولى والوحيدة التى وقفت بجيشها وشعبها لمقاومة المحتل الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية واعتبرتها قضية القضايا.... فمن أجلها خضنا الحروب وبسببها سقط منا آلاف الشهداء وعلى طول امتدادها تدخلنا حربًا وسلمًا لصالح الشعب الفلسطينى وأيضًا من أجل أن يسود السلام فى المنطقة للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى.
منذ أحداث السابع من شهر أكتوبر الماضى وتحاول مصر أن ترد للشعب الفلسطينى حقه فى أن تكون له دولة مستقلة معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وتمسكت وبقوة برفض فكرة التهجير القسرى لسكان قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر منفذ رفح البرى وكان موقفها معلنًا وصريحًا وحتى بعد أن احتلت القوات الإسرائيلية منفذ رفح من الناحية الفلسطينية استمرت مصر على موقفها بكل حسم وحزم.
وافقت مصر على الوساطة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى بناءً على طلبهما على الرغم من علمها مسبقًا من خلال خبرتها الطويلة فى التفاوض مع إسرائيل بأن أسلوب الخداع والمماطلة هو العنصر الغالب معهم، ومع ذلك فقد وافقت على التدخل حقنًا للدماء وسعيًا لإيقاف تلك المجازر غير الإنسانية ولا الأخلاقية التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، وبالفعل تمت الموافقة فى يوم 6 من الشهر الحالى على اقتراح وقف إطلاق النار وبدأ المفاوض المصرى فى التحرك بين كلا الجانبين متحملًا تلاعب الجانب الإسرائيلى من ناحية... وتعنت قيادات حركة حماس من ناحية أخرى، وبدا أن الأمور قد بدأت تصل إلى حلول موضوعية لكلا الطرفين، وكذلك للولايات المتحدة الأمريكية الحليف الرئيسى لإسرائيل وأيضًا العديد من الدول الأوروبية...وهنا استشعرت الحكومة اليمينية الإسرائيلية بحرج موقفهم ودخولهم فى دائرة حقيقية قد تجبرهم على إنهاء العدوان دون أن يتحقق لهم الهدف المنشود وهو تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة...وهو إنجاز يحسب للمفاوض المصرى...وبناءً على ذلك قاموا باختلاق ادعاءات وأكاذيب وهمية بأن هناك خلطًا فى أوراق التفاوض وأن الاقتراحات التى تم تقديمها للجانب الإسرائيلى تم إدخال تعديلات عليها لصالح الجانب الفلسطينى ولجأت إلى وكالة CNN الأمريكية لتصدير صورة غير حقيقية لتلك الادعاءات الكاذبة كوسيلة من وسائل الضغط على مصر التى أعلنت وما زالت تعلن عن رفضها الاحتلال الإسرائيلى لقطاع غزة بل وأعلنت منذ قليل عن أنها تفكر جديًا فى الانسحاب من الوساطة بين الطرفين ما لم تكذب الحكومة الإسرائيلية تلك الادعاءات وتنسحب من منفذ رفح وتلتزم بما سوف يتم الاتفاق عليه بين جميع الأطراف.
إن ما يحدث حاليًا من الجانب الإسرائيلي من ادعاءات وأكاذيب تحاول تصديرها للمجتمع الدولى يؤكد لنا الحقائق التالية:
1-إن مصر نجحت بالفعل فى تحقيق إنجاز يحسب لها فى الدور التفاوضى الذى قامت به والذى ترتب عليه كشف الوجه الخبيث للجانب الإسرائيلى الذى لم يكن يتوقع أن يحققه المفاوض المصرى والذى وضعها فى خانة من الصعب الفكاك منها.
2- إن إسرائيل لا ترغب فى تحقيق أى اتفاق أو سلام حقيقى مع الشعب الفلسطينى وإن ما حدث كان من قبيل كسب الوقت من خلال التسويف والمماطلة، وإذا لزم الأمر تشويه دور المفاوض وادعاؤه بعدم الحياد.
3-إن مصر قادرة على كشف أكاذيب إسرائيل، وذلك على ضوء العقود الطويلة التى تعاملت فيها مع إسرائيل، وهو الأمر الذى انعكس على رد فعلها القوى والسريع ومطالبة القناة المشبوهة بتحديد مصدر تلك المعلومات الكاذبة والمغلوطة.
4-إن هناك أيدي خفية فى الداخل المصرى تلعب دورًا دنيئًا فى تقليص أو تحجيم أو تقزيم الدور الذى تقوم به مصر بكل أمانة وشفافية وإنه من الممكن أن تكون هناك قنوات اتصال مع العدو الصهيونى أو مع شبكات الأنباء العالمية المأجورة.
5-إن هناك سيطرة يهودية واضحة على وسائل الإعلام الأجنبية خاصة الأمريكية ما زالت تروج لإسرائيل فى أنها تستخدم حقها المشروع فى الدفاع عن شعبها، متناسية أن آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة بأحدث الأسلحة الأمريكية تقوم كل ساعة بقتل العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء من الشعب الفلسطينى بلا رحمة ولا هوادة.
لقد غاب عن إسرائيل وحكامها أن موقف الدولة المصرية ورئيسها عبدالفتاح السيسى لن يتغير تجاه القضية الفلسطينية مهما كانت الضغوط التى تمارس عليها.. وهى تدرك أن هناك التزامًا تاريخيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا تجاه الشعب الفلسطينى ولن يثنيها أى ادعاءات أو أكاذيب أو مؤامرات عن استكمال دورها فى  تحقيق السلام المبنى على العدل مدعومًا بتأييد الشعب الفلسطينى الحقيقى والإرادة السياسية والشعبية المصرية الأصيلة الصادقة الشريفة.. وتحيا مصر.