رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مليحة.. "الدستور" ترصد كيف استطاع المسلسل المصرى شرح أبعاد القضية الفلسطينية للأجيال الجديدة

مسلسل «مليحة»
مسلسل «مليحة»

بعد ساعات من انطلاق الحلقة الأولى لمسلسل «مليحة»، إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، مساء الثلاثاء، مع بدء النصف الثانى من شهر رمضان الجارى، على قنوات «الحياة» و«سى بى سى» و«أون» ومنصة «واتش إت»- احتل العمل صدارة «الترند» عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومحرك البحث «جوجل».

وخطف المسلسل الأنظار، بداية من التتر غير التقليدى، حتى المقدمة التاريخية؛ مرورًا بعرض الأحداث والشخصيات الرئيسية، ما بين ٣ أماكن، هى مصر وليبيا وفلسطين، ونجح فى إدخال المشاهدين فى صلب الحكاية، باستخدام أدوات فنية محترفة، صانعًا انطلاقة قوية للعمل، نسعى لتحليلها خلال السطور التالية.

مقدمة تاريخية الغرب كره اليهود وللتخلص من مؤامراتهم أعطاهم وطنًا بديلًا فى القدس

قبل عرض التتر، خطف المسلسل أنظار المشاهدين، بعرض مقدمة تاريخية عن تاريخ فلسطين قبل أكثر من ١٠٠ عام، من خلال مشهد لجد وحفيده، وقدم دور الجد الفنان القدير سامى مغاورى، وتم مزج التعليق الصوتى بمشاهد أرشيفية.

وبدأت المقدمة بسؤال من الطفل لجده قائلًا: «ليش يا جدى إسرائيل بتقتل الفلسطينيين، ليش الأطفال تموت، ليش ما يعيش الناس فى سلام»، ليبدأ الجد فى الإجابة التى تستعرض حقائق تاريخية، قائلًا: «كانوا عايشين يا ولدى فى سلام لحد ما صار اللى صار.. هذه حكاية قديمة ممكن نحكيها من ١٠٠ سنة، وممكن أكتر.. قبل أكتر من ١٠٠ سنة كانت فلسطين أرض سلام.. المسلم المسالم جانب أخيه المسيحى، جار اليهودى، كانوا بيزرعوا، ويصنعوا، ويتاجروا مع بعض، ووقت الصلاة كان المسلم فى المسجد الأقصى، والمسيحى فى كنيسة القيامة، واليهودى عند حائط المبكى، والكل بيقول يا رب، ما كان فيه كُره فى فلسطين».  وتابع: «الكره ما كان فى فلسطين، الكره كان فى البر التانى عند الغرب.. كره ضد اليهود، معظم الأوروبيين كرهوهم، منهم اللى طردهم واللى اضطهدهم، وفى الزمن هذا ظهر واحد اسمه هرتزل، صحفى، وبينشر مقالات وقصص للمسرح، يهودى حاسس بالاضطهاد، وهرتزل قعد يفكر كيف أوروبا تحب اليهود، ولما ما لقاش حل، كتب إن الطريقة الوحيدة للبعد عن كراهية أوروبا، إنه يبقى فيه دولة لليهود»، مكملًا: «سنة ١٨٩٧ نظم أول مؤتمر، ليحول دولة اليهود من مجرد فكرة لواقع، سألوا بعض: طيب دولتنا هتكون وين؟ هرتزل قال: فلسطين، عينهم على القدس».

ويبدأ الجد فى الرد على سؤال الحفيد: «لماذا يساعدهم الغرب رغم كراهيته لهم؟»، قائلًا: «الغرب شاف فى هجرتهم التخلص من المؤامرات، وهرتزل كتب إن الدولة اليهودية هتكون جدار دفاعى عن أوروبا فى آسيا، وهتكون قلعة أمام الحضارة البربرية، وبدأوا ينفذوا مخططهم وحاولوا يشتروا الأرض والنفوس بالمال، ولما ما قدروش وقامت الحرب العالمية الأولى، لحد ما صحيوا الفلسطينيين فى يوم تحت صوت ضرب النار، ولقوا نفسهم تحت الاحتلال الإنجليزى».

التتر مزيج بين صوت أصالة و«الترويدة» ومشاهد للنكبة وللدعم المصرى للقضية

استعان صناع العمل بالنجمة أصالة لغناء أغنية تتر المسلسل، التى تحمل اسم «أصحاب الأرض»، مصحوبة بـ«الترويدة»، وهى من فلكلور الغناء الفلسطينى، بألحان حسين نازك، وتوزيع أحمد ضياء، وميكس ماستر أسامة الهندى، وفكرة وإخراج عادل رضوان.

تتر المسلسل كان من أكثر الفيديوهات انتشارًا عبر مواقع التواصل الاجتماعى خلال الساعات الماضية، حيث أطلق العديد من الرسائل الوطنية، الداعمة للقضية، وظهرت فى بدايته صور لسيدات من أهل فلسطين يقرأن القرآن، فى إشارة إلى الجذور التاريخية، مع عرض صورة السيدة مريم والسيد المسيح فى الأراضى المقدسة، والمزج مع مشاهد لورق الزيتون المحروق، وإظهار مجموعة من الشياطين القادمين فى مراكب من البحر إلى أرض فلسطين، فى إشارة لبداية اغتصاب العصابات الصهيونية أراضى بيت المقدس. 

على الجانب الآخر، عرض الكليب مشاهد من الحضارة المصرية، فى دلالة على أن مصر تقف داعمة ومساعدة بشكل دائم لأهلنا فى فلسطين، كما ظهرت شخصية «حنظلة» التى رسمها الفنان ناجى العلى، التى تعد رمزًا للهُوية الفلسطينية. 

إشادات عربية مستوى فنى رائع وعرض جيد للأحداث

حصل المسلسل على إشادات واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعى بمجرد إطلاق الحلقة الأولى منه، وامتد ذلك من مصر إلى عدد من الدول العربية التى تابع مشاهدوها العمل.

وعبّر عدد من الكتّاب والفنانين عن إعجابهم بمستوى الحلقة الأولى من المسلسل، خاصة التتر المميز له، وربط الأحداث مع بعضها بشكل جيد، ليتصدر المسلسل الترند فى الساعات الأولى من طرح الحلقة.

كما تناول عدد كبير من وسائل الإعلام العربية الفنيات التى شهدتها الحلقة، مشيدًا بالعمل وبمستواه الفنى.

الأداء التمثيلى تجسيد تلقائى لشخصيات أسرتَى «دياب» و«مليحة»

أظهرت الحلقة الأولى معظم أبطال العمل، وهم الفنان دياب الذى قدم دور ضابط حرس حدود فى القوات المسلحة المصرية، والفنانة ميرفت أمين التى قدمت دور والدته، والفنان أمير المصرى الذى قدم دور شقيقه.

على الجانب الآخر، ظهرت الفنانة الفلسطينية الشابة سيرين خاص، فى دور «مليحة»، كما ظهرت أسرتها، وضمت الفنان أنور خليل الذى قدم دور الجد، وكذلك باقى أعضاء الأسرة، من خلال الفنانة ديانا رحمة، والفنانة رحاب الشناط، والفنان مروان عايش. واستطاع المخرج الكبير عمرو عرفة أن يقدم تمهيدًا مميزًا للحكاية فى الحلقة الأولى من العمل، مع صورة وكادرات أبهرت الجمهور.

السيناريو ربط درامى للأحداث فى 3 أماكن «مصر وليبيا وفلسطين»

صنع سيناريو العمل للكاتبة رشا عزت مجموعة من الخيوط الدرامية بشكل مميز، وكانت البداية من ليبيا عام ٢٠١٢، حيث توجد عائلة مليحة، بعد أن استقرت هناك قبل سنوات، بعد تهجيرها من الأراضى الفلسطينية. على الجانب الآخر، نسج السيناريو مما حدث فى مصر خلال تلك الفترة، التى شهدت اضطرابات فى المنطقة، وعمليات تهريب السلاح، والعمليات الإرهابية فى عدة أماكن، شخصية الضابط أدهم ضابط حرس الحدود. وربطت الحلقة الاضطرابات فى ليبيا والعمليات الإرهابية هناك، بما حدث لعائلة «مليحة» قبل ١٢ عامًا، خلال هجوم العصابات الصهيونية عليها وطردها من منازلها خلال فترة الانتفاضة، وتتذكر «مليحة» خروجها من أرضها، وهى تخبر والدتها بأنها ستعود إلى بلادها من جديد، مهما حدث، لتقدم الحلقة صورة مترابطة للكثير من الأحداث، التى حدثت خلال الفترة الماضية، وما مرت به الدول العربية فى مصر وليبيا وفلسطين.