رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشيدا بـ "مسلسل الحشاشين"

ناقد مغربي : مسلسل الحشاشين عمل محترف يستحق المتابعة

مسلسل الحشاشين
مسلسل الحشاشين

أشاد الناقد المغربي فؤاد زويريق، بصناع مسلسل الحشاشين، وقصته وإخراجه وكافة عناصره الفنية ومفرداته، وذلك عبر حسابه الشخصي بموقع فيسبوك.

هناك حد فاصل بين التاريخ والفن السينمائي والدرامي

 

وقال زويريق: ما زلت أتذكر سنة 2005 عندما عرض فيلم '' مملكة السماء '' للمخرج ريدلي سكوت وكيف تعرض لحملة انتقادات كبيرة من طرف المؤرخين الغربيين، ومهاجمتهم لمخرجه ووصفهم له بالمدلس والمزور، نفس الشيء أو بدرجة أقل فيلم دارين أرنوفسكي '' نوح '' الذي صدرت ضده فتاوى دينية في العالم الإسلامي فيلم "الخروج: آلهة وملوك" لريدلي سكوت انتقد وهوجم أيضا وتعرض لحملات المقاطعة والمنع في الكثير من الدول الإسلامية، فكلما أنتج فيلما تاريخيا أو مستوحى من أحداث تاريخية، تعرض صانعوه للانتقادات والهجوم، وفي الأخير يعرض الفيلم ويستمتع جمهوره ويجني صانعوه أرباحا خيالية.
وعن مسلسل الحشاشين لفت إلى: هناك حد فاصل بين التاريخ والفن السينمائي والدرامي، ولا يجوز الخلط بينهما، مخطئا من يظن أن باستطاعة التاريخ الاعتماد على الأفلام والمسلسلات لتحقيق المعرفة ونشر الحقائق التاريخية، لكن باستطاعة الفن السينمائي والدرامي الاعتماد على التاريخ لصناعة المتعة والترفيه، والاعتماد هنا ليس حرفيا أو كليا بل جزئيا حيث يختار من التاريخ ما يراه مناسبا له دراميا مع إضافة بهارات تخيلية تخدم أحداثه وتجعلها قابلة للاستهلاك، إذا فالحقائق التاريخية في الفن نسبية وتختلف باختلاف الرؤية الدرامية والفنية لصانع المحتوى.

الحقائق التاريخية لا توجد سوى في المراجع

 

وتابع “زويريق” حديثه عن مسلسل الحشاشين لافتا إلي: الحقائق التاريخية لا توجد سوى في المراجع والكتب والأبحاث الأكاديمية، وليس بالضرورة تواجدها في عمل سينمائي أو درامي، فالتاريخ علم، والسينما أو الدراما فن وترفيه وصناعة وتجارة تخضع للمنافسة ومتطلبات السوق. ومن السذاجة محاكمة عمل فني ما ــ سواء كانت هذه المحاكمة قانونية أو شعبية أو دينية- بتهمة التزوير وعدم التزامه بالحقائق التاريخية، فالمفروض أن الفن لا حدود تحده لأنه ببساطة يعتمد على الخيال، والخيال كما يعلم الجميع أوسع من الكون.

 

مسلسل الحشاشين تكلم إبداعا وفنا بلسان تاريخي

 

وهذا ما جرى لمسلسل الحشاشين الذي استوحى أحداثه من سرديات متعددة تهم شخصية اختلف حولها تاريخيا، بل هناك من يشكك في وجودها أصلا، الدراما أو السينما كالأدب، فهناك روايات استقت من جماعة الحشاشين أحداثها، ووظفتها بما يتناسب وخطها السردي، ولا أحد طالب بحرقها أو تمزيقها لأنها زيفت التاريخ وحورته ، مسلسل 'الحشاشين' أو '' الحشاشون '' تكلم إبداعا وفن بلسان تاريخي، ونأى عن نفسه الدخول في جدليات فلسفية وفكرية معمقة متداخلة مع المعارف الدينية لإيصال رسالة ما، فخطابه شفاف واضح وبسيط، وهذا يظهر جليا من خلال الحوار المتداول بين الشخصيات بما فيها العلماء، مما يفسر لنا أن الاهتمام الرئيسي لصناع العمل هو الصورة بكل أبعادها الفنية، مسلسل الحشاشين فيه اجتهاد فني واضح، رفعه إلى مقام الدراما المتميزة ليس في هذا الموسم فقط، بل في تاريخ الدراما التاريخية المصرية، وأنا هنا أتكلم إبداعا وفنا، ومن هذه الناحية فالعمل يستحق المتابعة بما يمنحه لنا من متعة بصرية، يرافقها سرد متقن وسلس للأحداث دون ارتباك إلى حد الآن، بسبب قوة السيناريو وحبكته المطرزة بعناية، هل أنا بهذا أرمي الورود؟ نعم أنا كذلك، لكن ليس اعتباطا ولا مجانا، بل لأن العمل- وبعيدا عن أي جدل بيزنطي- يستحق فنيا وإبداعيا.

 

مسلسل الحشاشين إخراج محترف متناسق مع قوة السيناريو

 

واستكمل زويريق”: المسلسل لا يقدم لنا صورة بصرية بديعة فقط، ولا إخراجا محترفا متناهيا ومتناسقا مع قوة السيناريو، بل يقدم لنا أيضا طبقا متنوعا وممتعا من فن التشخيص، من خلال مشخصين موهوبين لهم ما يكفي من رصيد لدى جمهورهم، كريم عبد العزيز، الذي أثبت منذ انطلاقته الأولى بأنه ليس ذاك الممثل الصدفة، الذي وجد نفسه فجأة داخل الوسط الفني بفضل أبيه المخرج محمد عبد العزيز، بل هو ذاك الشخص الذي اقتحم مجال التمثيل وهو كله طموح وإرادة لتحقيق الأفضل في كل عمل يشارك فيه، مشخص مكافح ومواظب ومداوم على صقل قدراته الفنية، وجعلها أكثر دينامية وليونة للتأقلم مع كل شخصية يؤديها، وهذا ما لمسناه مجددا في هذا العمل حيث يلبس عباءة التاريخ بكل يسر وسلاسة.
واختتم“ زويريق حديثه عن مسلسل الحشاشين مشددا على: باختصار هذا العمل الدرامي هو في الأخير عمل فني ترفيهي، قد تتفق مع محتواه وقد تختلف، ويبقى لك الاختيار في مواصلة مشاهدته من عدمها أو البحث عما يروي عطشك، فالقنوات حاليا تعج بمئات الأعمال الدرامية، شخصيا أعتبره عملا دراميا محترفا في كل عناصره، وترمومترا يظهر مستوى صناعة الدراما في مصر، أما من أراد الوقوف على الحقيقة التاريخية فسبل المعرفة متعددة ومتنوعة وحتما لا الدراما ولا السينما منها...

 

منشور الناقد المغربي فؤاد زويريق
منشور الناقد المغربي فؤاد زويريق