رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"وول ستريت جورنال": معاناة أكثر من مليون شخص فى غزة من ظروف تشبه المجاعة

غزة
غزة

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في عددها الصادر صباح اليوم الثلاثاء، أن أكثر من مليون شخص في قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل، أي حوالي نصف سكان القطاع، يعانون من ظروف تشبه المجاعة، وفقًا لتقديرات جديدة صدرت عن خبراء في مجال الأمن الغذائي وجدوا أدلة على انتشار المجاعة على نطاق واسع وزيادة حادة في وفيات الأطفال نتيجة لذلك.


وأفادت الصحيفة، في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني حول هذا الشأن، بأن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات كارثية من الجوع في غزة تضاعفوا اعتبارًا من شهر ديسمبر الماضي، مع استيفاء الجزء الشمالي من القطاع بالفعل لبعض معايير المجاعة الكاملة، وفقًا لتقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أو ما يعرف اختصارًا باسم "IPC"، وهي مبادرة تجمع خبراء من الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ومجموعات البحث، وذكر تقرير اللجنة الدولية للأمن الغذائي أن المجاعة في شمال غزة- التي كانت تشكل خطرًا في السابق- أصبحت الآن وشيكة، ومن المتوقع أن تحدث من الآن وحتى نهاية شهر مايو المقبل.


وسواء من حيث الأعداد أو نصيب الفرد، تشهد غزة حاليًا أزمة الجوع الأكثر حدة في أي مكان في العالم، وفقًا لـIPC، ويقول خبراء انعدام الأمن الغذائي إن السرعة والحجم الذي تدهور به الأوضاع هناك ليست له سابقة حديثة، ففي شمال غزة، يعاني حوالي 30% من الأطفال دون سن الثانية من سوء التغذية الحاد، بحسب IPC، مقارنة بـ0.8% قبل الحرب.


وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن الأرقام التي صدرت أمس الإثنين، في هذا الشأن تمثل التقييم الأكثر خطورة لأزمة الجوع الشديدة في غزة حتى الآن، وهو سيناريو يضاعف الخسائر البشرية للحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى دعوات، بما في ذلك من الولايات المتحدة، للوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.


وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، التي أسهمت في تقرير IPC: "الأشخاص في غزة الآن يتضورون جوعًا حتى الموت، إن السرعة التي انتشرت بها أزمة الجوع وسوء التغذية التي هي من صنع الإنسان في غزة أمر مرعب، لم يتبق سوى نافذة صغيرة للغاية لمنع حدوث مجاعة كاملة، وللقيام بذلك نحتاج إلى الوصول الفوري والكامل إلى الشمال، إذا انتظرنا حتى يتم إعلان المجاعة، فقد فات الأوان، وسيموت آلاف آخرون".


وأشارت الصحيفة الأمريكية، في تقريرها، إلى أن القيود الإسرائيلية بالإضافة إلى الفوضى والقتال العنيف أدت إلى إعاقة قوافل المواد الغذائية المتجهة إلى شمال القطاع، حيث لا يزال يعيش حوالي 300 ألف شخص في حين فر الجزء الأكبر من السكان إلى الجنوب في الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب، ولجأت الأسر في جميع أنحاء القطاع، وخاصة في شمال غزة، إلى استراتيجيات التكيف مثل تخطي وجبات الطعام أو خلط الدقيق مع علف الحيوانات لصنع الخبز أو استهلاك الأطعمة البرية أو منتهية الصلاحية، وقال سكان محليون إن الآباء يمضون أيامًا كاملة دون تناول الطعام، لتوفير ما لديهم من القليل لأطفالهم.


وتقول آلاء فلاح، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 30 عامًا وتعيش في شمال غزة، في تصريح خاص لمراسل الصحيفة، إنها فقدت 12 كيلوجرامًا، أي حوالي 26 رطلًا، منذ بدء الحرب، وكثيرًا لا تأكل لضمان أن يتمكن أطفالها من ذلك، إن الدقيق، مثل الحبوب الأخرى، يكاد يكون من المستحيل العثور عليه.


وأضافت "وول ستريت جورنال" أن شمال غزة تفي بالفعل بأحد المعايير الثلاثة اللازمة لتحديد المجاعة وفقًا لـ IPC، وهي النقص الشديد في الوصول إلى الغذاء وارتفاع مستويات سوء التغذية الحاد ووفيات الأطفال، وأوضح تقرير IPC أن شمال غزة من المحتمل أن تكون قريبة للغاية من عتبات مستوى المجاعة أو قد وصلت إليها بالفعل، مضيفًا أن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة.


وأوضحت الصحيفة أنه من النادر جدًا الإعلان عن المجاعة، فمنذ إنشاء IPC قبل عقدين من الزمن، لم تحدث سوى مجاعتين رسميتين فقط: في جنوب السودان في عام 2017، وفي الصومال في عام 2011.


من جهتها؛ قالت زينة جمال الدين، الباحثة في كلية لندن للحفاظ على الصحة والطب الاستوائي، والمؤلف الرئيس لدراسة حديثة حول معدل الوفيات المفرط في غزة، والتي أسهمت في إعداد تقرير IPC: "إذا ظلت الظروف على حالها، فإن توقعاتنا لمدة ستة أشهر تظهر أن نصف الأطفال سيعانون من سوء التغذية الحاد، وسيكون لهذه الأرقام تأثير مباشر على معدل الوفيات، هذه أرقام لا نراها في أي مكان آخر".


وقبل الحرب، كانت تدخل نحو 600 شاحنة إلى القطاع يوميًا، منها حوالي 150 شاحنة تحمل الغذاء، وفي الوقت الحالي، يصل ما معدله أقل من 200 شاحنة يوميًا إلى قطاع غزة، وفقًا للأمم المتحدة، التي تشرف على توزيع معظم المساعدات في القطاع، حيث تسيطر إسرائيل بشدة على الوصول إلى الشمال، وكثيرًا ما منعت بعثات المساعدات لأسباب أمنية.