رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد الشهاوى عن اللقاء الأول مع صلاح فضل: فتح لى طريقى

أحمد الشهاوي
أحمد الشهاوي

تحدث الشاعر الكبير أحمد الشهاوي عن لقائه الأول بالناقد الراحل  صلاح فضل، وذلك على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يقول الشهاوي: "قبل ثلاثين عامًا التقيتُ صلاح فضل أوَّل مرة، وكان وقتها في الخمسين من عمره، وكنتُ في السابعة والعشرين، رأيته في الإذاعة المصرية، إذ جاء ملبيًّا دعوة واختيار الإذاعية المصرية نجوى وهبي، التي كانت تعدُّ وتقدم برنامج (كتابات جديدة) على موجة البرنامج الثاني (البرنامج الثقافي الآن)؛ وكان برنامجًا مهمًّا وشهيرًا وقتذاك، يتناول الأعمال الإبداعية الجديدة؛ لمناقشة كتابي الشعري الأول "ركعتان للعشق" الذي صدر في سنة 1988 ميلادية.

وأضاف: "ويومها دلَّني عليَّ، وفتح لي طريقي، وبحدسِه أمسك يميني وقال لي: هذا معراجك فطِرْ، وبتجرُّده قال مُحذرًا: إياك والصحافة التي تعمل بها؛ فهي تحرق وتلتهم دون رحمةٍ، وتُفسِد الذوقَ الشعريَّ وتسطِّحه، وتسيِّد نموذجًا شعريًّا ما لا يشبهك، ليس هو خطُّك أو اتجاهك، انشغل بذاتك وكُن نفسك، ولا تسافر إلا فيك، واشتغلْ على تصوُّفك واعلُ معه، ووظِّف ما تعرف من تراثٍ شعري ونثريٍّ وصوفيٍّ؛ لأنه سينجِّيك من ذلل المُحاكاة والتقليد، ويبعدك عن أسْرِ النموذج الغربي الذي انتهجه كثيرون قبلك ومعك.

وتابع: "كان درسه النقديُّ المبكِّرُ لشاعرٍ لا يعرفه (سأكون جارًا له في المعادي بعد لقائنا الأول بأشهرٍ دون أن أدري أين كان يسكن، وستتعدَّد وتتكرَّر لقاءاتنا وأسفارنا معًا، ونصير صديقين، أسرُّ له، ويسرُّ لي)، ويبدأ طريقه الأوَّل، درسًا مهمًّا لي، إذ لم تكن نصائح أو وصايا من أستاذ أكاديميٍّ قادمٍ من إسبانيا (حيث دراسته)، بل كانت كشفًا للرؤية، وحدسًا بما هو آتٍ، شرط الاهتمام بالتكوين الثقافي والمعرفي، من دون التعويل على ما هو عرفاني وحدسي وفطري فقط، مبتعدًا عن الهُتاف والمباشرة.

وأكمل: "كان درس صلاح فضل النقدي هو الأول لي في حياتي الشعرية؛ ولذا أعتزُّ به، ولا يغيبُ عنِّي أبدًا، ودائمًا ما أردِّده وأعيدُه، كأنني أذكِّر نفسي به؛ كي لا أحيدَ عن المسار الذي رأيتُ نفسي فيه".

وواصل: "ابتعد صلاح فضل معي عن اليقين، كأنه يمنحني بردة الشكِّ، والسؤال، والجدل، ويبتعد بي عن الحتم الأكاديميِّ الذي لا يتواءمُ مع فوضى الشاعر غير المرتبة، وجنونه المحبَّب، ونزواته مع اللغة والتشكيل".

واستطرد: "لا شك أن هناك مشتركًا بيننا، على الرغم من تباينات العُمر، والتكوين الثقافي والفكري والمعرفي، ولعلَّ التربيةَ الأزهريةَ، والاستفادةَ من النصِّ الدينيِّ، ومعه النص التراثي شعرًا ونثرًا، قد قرَّب بيني وبين صلاح فضل، الذي كان عونًا معرفيًّا لي مع محمد عبدالمطلب ومحمد حافظ دياب وسواهما في محنتي مع الإخوان المسلمين، والأزهر".

واختتم: "أنا مثله قد زاوجتُ بين القديم والحديث، بين النصِّ العربيِّ والنصِّ الآخر، وهو ما يبرز امتياز صلاح فضل وأصالته، وتدفُّق نهر معرفته المتنوِّعة والمتشابكة في ضفيرةٍ يندر أن نجدها بين مُعاصريه".