رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تضامن وتجاهل وهجوم.. كيف تعامل العالم مع الانتهاكات الاسرائيلية ضد الفلسطينين؟

فلسطين
فلسطين

شهد العالم خلال الأسابيع الماضية تصاعدًا كبيرًا في وتيرة الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث قامت قوات الاحتلال بشن حملات اعتقال واسعة وتنفيذ عمليات إعدام ميداني بحق الفلسطينيين بزعم محاولتهم تنفيذ عمليات طعن أو إطلاق نار. 

كما شنت إسرائيل هجومًا واسع النطاق على قطاع غزة طال منشآت مدنية وبنى تحتية، في حين تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين آلاف القتلى بينهم أطفال ونساء، ورغم ضخامة الانتهاكات الإسرائيلية إلا أن ردود الفعل الدولية تراوحت بين التجاهل والتضامن، فيما لم تتخذ أي إجراءات عملية لوقف العدوان على الفلسطينيين.

و سنسلط الضوء في هذا التقرير على مواقف الدول العربية والغربية والمنظمات الدولية إزاء الهجمات الإسرائيلية، ومدى التزامها بتطبيق قواعد القانون الدولي وحماية المدنيين الفلسطينيين.

بداية، الدول الغربية كان رد فعل عدد من حكوماتها يمثل تجسيدًا لممارسة "العقاب الجماعي" على الشعب بأكمله، وأبرز مظاهر التواطؤ في ممارسة العقاب الجماعي على مواطني غزة، ما يلي:

الموقف الأوروبي: تعليق برامج المساعدات التنموية لفلسطين.. و"جيرالد فورد" في سواحل "المتوسط" لدعم إسرائيل

منح الرئيس الأمريكي جو بايدن، منح إسرائيل تفويضًا مطلقًا فيما تقوم به بزعامة "نتنياهو" المتمثلة في "تدمير حماس نهائيًا"، وقال: "سيكون خطأ أن تحتل إسرائيل غزة"، ودعا إلى حماية المواطنين وعيّن مبعوثًا خاصًا للمساعدة الإنسانية، قائلًا: "يجب أن يكون هناك طريق لإقامة دولة فلسطينية"، ورغم ذلك فقد أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات ضخمة قرب السواحل في دعم واضح لاستمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة، أيضًا شاهدنا الصمت الأوروبي والأمريكي على تدمير إسرائيل للبنية التحتية وقطع خطوط الإمداد واستهداف المرافق الطبية والمياه وإحكام الحصار.

ولم يختلف موقف باقي الدول الأوروبية كثيرًا، فقد علّق الكثير منها برامج المساعدات التنموية للسلطة الفلسطينية والمنظمات الإنسانية في الأراضي المحتلة، ما يضر بالشعب الفلسطيني. 

أما في فرنسا، فقد حظرت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين وتم قمعها، لأنها تندد بالجرائم الإسرائيلية، كما حذرت رئيسة الوزراء البريطانية الشرطة من مظاهرات مؤيدة لحماس، مع المطالبة بقمع أي رموز معادية لإسرائيل، وغيرها من الدول التي اشتركت في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.

روسيا والصين: ما يحدث عقاب جماعي ضد الفلسطينيين

وعلى صعيد آخر، أعربت روسيا والصين عن استنكارهما لما تقوم به إسرائيل من عقاب جماعي ضد الفلسطينيين، كما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقارنة الحصار على غزة بحصار مدينة لينينغراد خلال الحرب العالمية الثانية (هي عملية عسكرية من قِبل قوات دول المحور للاستيلاء على مدينة لينينغراد -مدينة سانت بطرسبرج الروسية الآن- أثناء الحرب العالمية الثانية، واستمر الحصار من 9 سبتمبر 1941، إلى 18 يناير 1943 عندما استطاع السوفييت فتح معبر بري إلى المدينة).

المنظمات الدولية تبرر لـ"إسرائيل" وتدين العقاب الجماعي للفلسطينين

أما عن المنظمات الدولية، فيمكن وصف موقفها بـ"المائع"، لأنه لم يتدخل أحد منهم بشكل فعلي لوقف تلك المجازر التي تحدث كل يوم في فلسطين، رغم أنها معارضة لكل الأعراف الدولية وقوانين حقوق الإنسان.

أدانت منظمة الصحة العالمية بشدة الغارة على مستشفى المعمداني في غزة، والتي راح ضحيتها ما يزيد عن 500 شهيد، وقالت إن المرضى ومقدمي الرعاية كانوا يحتمون به، وأن هناك مئات الضحايا.

أما منظمة هيومن رايتس ووتش، ركزت على اعتداءات الجانب الفلسطيني ومحاولة تبرير الرد الإسرائيلي، مع التقليل من شأن الانتهاكات الإسرائيلية.

وبالنسبة لمنظمة العفو الدولية، فكانت أكثر موضوعية، إلا أنها تبنت هي الأخرى نهجًا تبريريًا نوعًا ما للانتهاكات الإسرائيلية، مع إدانة أكثر حدة لسياسة العقاب الجماعي.

وبشكل عام، لم ترتق معالجات تلك المنظمات لمستوى الإدانة اللازمة تجاه ما يرتكبه الاحتلال من جرائم بحق المدنيين الفلسطينيين.

الدول العربية: نستنكر القصف الإسرائيلي 

ونتطرق إلى موقف الدول العربية، التي اتفقت في إصدار بيانات رسمية تستنكر ما تفعله إسرائيل من عمليات إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، لإجباره على ترك أرضه وقتل القضية الفلسطينية للأبد، وذلك خاصة بعد قصف مستشفى المعمداني في غزة، التي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية، أعلن بيان لوزارة الخارجية، أن المملكة تستنكر القصف الإسرائيلي على مستشفى المعمداني، وأضاف أن "هذا التطور الخطير يفرض على المجتمع الدولي التخلي عن معاييره المزدوجة"، مطالبًا بفتح ممرات آمنة فورًا لإرسال المساعدات إلى غزة.

وفي لبنان، أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني، الأربعاء يوم حداد وطني على الضحايا في غزة، مع تنكيس الأعلام، قائلًا إن "المذبحة التي استهدفت المدنيين العزل في المستشفى شكلت عارًا في تاريخ البشرية".

وفي الأردن، قال الملك الأردني إن "مجزرة مستشفى المعمداني جريمة نكراء يجب عدم السكوت عنها"، حسب بيان الديوان الملكي، مطالبًا بوقف الهجوم الشرس على غزة فورًا، لأنه ينافي القيم الإنسانية ومخالف للقانون الدولي.

أما قطر، أدانت وزارة الخارجية القطرية، قصف مستشفى المعمداني، واعتبرته مذبحة وحشية وجريمة بحق المدنيين وتطالب بمحاسبة إسرائيل عن جرائمها.

وأعلنت عُمان إدانتها استهداف المستشفى من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ووفاة مئات من المدنيين، وهو ما يشكل جريمة حرب وإبادة وانتهاكًا للقانون الدولي والأخلاق، وعبرت عن مواساتها لذوي الضحايا. 

فيما أدان السفير أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، قصف مستشفى المعمداني في غزة، وقال إن على الغرب وقف هذه المأساة فورًا.

وحاولت مصر والأمم المتحدة إحلال هدنة بين الطرفين، وحاولت العديد من الدول العربية وبعض الأطراف الدولية أن تدعو الطرفين لحقن الدماء ووقف إطلاق النار، لكن بلا جدوى.