رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانتخاب.. الانتخاب

 بمناسبة الاستحقاق الرئاسي الذي نحن بصدده هذه الأيام تذكرت أغنية لم تنل حظا وفيرا من الذيوع والشهرة رغم بساطة كلماتها وسلاسة لحنها ونجومية مؤديها. 
الأغنية غناها المطرب الراحل محرم فؤاد اسمها "الانتخاب"، وكتبها الشاعر الراحل صلاح فايز. "الانتخاب" أغنية- كما يبدو من اسمها- كانت تدعو المواطنين للقيام بدورهم الوطني والإدلاء بأصواتهم في الاستحقاقات الدستورية وانتخاب من يمثلهم، سواء في البرلمان أو في المناصب التنفيذية. وظني أننا في حاجة إلى تكثيف بث تلك الأغنية هذه الأيام عبر كل إذاعاتنا، بل ولإنتاج أغنيات جديدة مماثلة تحمل ذات المضمون، مثل أغنية "انزل" للمطرب الشاب محمد شاهين، وأغنية "أبو الرجولة" للمطرب الشعبي حكيم.

فضلا عن ضرورة إنتاج تنويهات تحفيزية بمشاركة المحبوبين من نجوم الفن والرياضة، تذاع بكثافة على كافة القنوات والإذاعات، لحث المواطنين على النزول في الانتخابات القادمة بعد أسابيع قليلة للإدلاء بأصواتهم، أو بالأحرى لنيل حقهم الذي كفله لهم الدستور والقانون.

كلي يقين بأن وعي المصريين بأهمية المرحلة التي تعيشها البلاد، وحساسية الأحداث التي تعيشها المنطقة، وحرصهم على استمرار ما بدأته مصر- منذ عقد من الزمان- من بناء وطني عام؛ كل هذه دوافع تحث المصريين على النزول بحماس للإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات.

قد يكون مبرر بعض المواطنين المتكاسلين عن المشاركة هو ما يقولون به من أن الانتخابات محسوم أمرها لصالح الرئيس الحالي. وإذا كان أصحاب هذا الرأي على صواب إلى حد كبير، إلا أن واجبنا أن نذكّرهم بأن مشاركتهم ليست فقط حقا كفله الدستور لكل مواطن تجاوز سن الثامنة عشرة، ويحمل الجنسية المصرية، ويتمتع بكافة حقوقه المدنية والسياسية ولا يمنعه عن هذا أي مانع قانوني كأن يكون قد حكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة قبل أن يرد إليه الاعتبار.                                                         

ومبلغ ظني أنك وأنت متأكد من أن مرشحك الأثير هو ناجح بالتأكيد بحكم شعبيته الكبيرة وسابق إنجازاته التي أنجزها في فترة الولاية الأولى- وهذا في حد ذاته موضع حديث مفصل سيأتي لاحقا في مقال قادم إن شاء الله- أقول إنك وبرغم ثقتك شبه الكاملة في فوز مرشحك إلا أن واجبك الوطني يفرض عليك أن تؤدي دورك الدستوري، وأن تزيد من حصيلة الأصوات الفعلية التي سيحصدها مرشحك لأن نسبة المشاركة وعدد الأصوات هي رسالة يترجمها أهل السياسة ومراكز الدراسات للخارج والداخل على أنها مقياس للشعبية الحقيقية ومدى القبول والرضا الجماهيري الذي يناله مرشحك الذي تراهن على نجاحه دون نزولك ومشاركتك في الانتخاب.                                                                

 65 مليون ناخب مصري يحق لهم التصويت في الانتخابات القادمة أمام 10 آلاف و85 مركزا انتخابيا منتشرة في طول البلاد وعرضها، والرهان الحقيقي أمامنا نحن المواطنين هو أن نحرص على أن نمارس حقنا وأن نؤدي واجبنا في رسالة قوية للمتربصين في الداخل أو الأعداء في الخارج، مفادها أننا شعب يعرف ما له وما عليه، وأن تلك الدعايات الرخيصة التي يمارسها الإعلام المعادي ضد وطننا لا تؤتي معنا أي نتائج ترضي هؤلاء الأعداء، بل على العكس هي تأتي بنتائج عكسية تزيد أبناء مصر وعيا بالخطر المحدق بالوطن والمواطنين.                                                                                  
 وإذا كان هناك ما يبرر موقفك هذا- بعدم المشاركة- لثقتك في فوز مرشحك، فإن الوضع السياسي الملتهب حاليا في الشرق الأوسط كله، وتلك التهديدات الراهنة التي تنذر بانفجار الأوضاع على المستوى الإقليمي، كلها أوضاع تتطلب حكمة قائد وحنكة سياسي وموضوعية رئيس قادر على اختيار مساعديه وليس مضطرا لتوزيع الحقائب الوزارية كترضيات سياسية لحزب أيّده أو تيار سانده. فالمناصب العليا ينبغي أن تكون تكليفا يستهدف الخدمة العامة وليست تشريفا وفواتير انتخابية توزع حسب الأهواء بين الأهل والعشيرة والأنصار.  

نحن إذن في ظرف سياسي يستلزم منا جميعا مساندة قيادة سياسية محنّكة لديها ذخيرة من العلاقات الطيبة مع زعماء دول العالم، ومتمرسة في قيادة البلاد في مواقف سياسية معقدة ومتشابكة شبيهة بما تشهده منطقة الشرق الأوسط حاليا. كل تلك الأخطار التي لا تخفى على أحد، والمحدقة ليس بالوطن وحده بل بالمنطقة كلها، تلزمنا بأن نكون على أعلى درجة من الوعي بضرورة مساندة الوطن بأن نؤمّن فوز مرشحنا الذي تنطبق عليه وتتوافر فيه كل تلك الشروط التي أراها الضمانة الحقيقية التي تحقق لنا المحافظة على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه. وما من ضمانة حقيقية لتحقيق ذلك إلا بالمشاركة في الاستحقاق، حتى وإن وقفنا في طوابير ممتدة لساعات طويلة. ساعتها سنكون قد أرضينا ضمائرنا وأدينا واجبنا وأمّنا وطننا ضد كيد الكائدين ومكر المتربصين.