رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشبكة والصمت الأمريكى

تصرف أمريكي غامض يجعلنا لا نطمئن لنواياها تجاه مصر، ذلك التصرف هو مشاركتها لجريمة شبكة الـ"سي إن إن" التي تقولت على مصر بما لم يحدث، وتأتي مشاركة أمريكا في هذه الجريمة بالصمت الملغز وعدم اتخاذها الخطوات اللازمة لتصحيح ما ورد في تقرير الشبكة التي تفقد مصداقيتها يوما بعد يوم.

مصر بدورها رفضت التقرير الذي  يدّعي أن مصر غيّرت شروط صفقة وقف إطلاق النار في غزة.
وكعادة التلميذ البليد في مهنة الصحافة الذي يستند في بداية تقريره على أكذوبة اسمها مصدر مطلع أو مصدر مقرب، هذه المصادر المجهلة هي بداية الفتنة، وهي المسئولة عن صناعة الأزمات، تدعي الشبكة أن التغييرات التي أجرتها مصر، والتي لم يتم الكشف عن تفاصيلها من قبل، أدت إلى موجة من الغضب والاتهامات المتبادلة بين المسئولين الأمريكيين والقطريين والإسرائيليين، وأوصلت محادثات وقف إطلاق النار إلى طريق مسدود.

طبعا هذا كلام لا يليق بمجلس محلي قروي ولا حتى باجتماعات اتحاد الطلبة، ما بالك ونحن نتحدث عن حرب مشتعلة منذ سبعة أشهر وتدور رحاها على الحدود المصرية وما يستتبعها من مخاطر على الأمن القومي المصري، فهل من المنطق أن تسكب مصر الكيروسين على النار وهي في أمسّ الحاجة لإطفاء هذا الحريق.

مصر اتخذت الخطوات المنطقية في مواجهة هذه الحالة الكاذبة، وذلك بتوجيه الهيئة العامة للاستعلامات خطابا رسميا إلى الشبكة، ترفض من خلاله بصورة قاطعة هذه الادعاءات، صحيح أن الشبكة استجابت ونشرت أجزاء من الرد، ولكن يبقى السؤال عن أسباب صناعة الفتنة والصمت الأمريكي، هل هو استدراج لمصر كي تتخذ خطوات سواء سياسية أو غيرها من شأنها توريط مصر في ما لا تريده؟.

لم يكن اللعب الإعلامي على مصر هو الأول من نوعه، فقد سبق أن واجهت مصر الكثير من المناوشات السياسية والدعائية المعادية، ربما أبرزها الكلام عن معبر رفح والمساعدات الإنسانية وأن مصر هي المتحكمة في غلق وفتح المعبر، وقد ردت مصر مرارا وتكرارا على ذلك، ولكن هناك مَن بقلوبهم مرض، وكذلك لم تكن مصر وحدها التي في مرمى السهام الداعية إلى الفتنة، فقد أصاب دولة قطر بعض من هذه السهام عندما فتحت أمريكا موضوع استضافة الدوحة للمكتب السياسي لحماس، لذلك يمكن القول إن هذه الحرب مفتوحة على كل الجبهات.

الصفقة الأخيرة لوقف إطلاق النار كانت على مرأى الجميع، بحضور رئيس المخابرات المركزية الأمريكية، وبذلت مصر في تلك الصفقة الكثير من أعصابها. بينما الجانب الإسرائيلي كان يرتب في برود لاقتحام رفح المحاذية لحدودنا، وكان فشل الصفقة أمرا طبيعيا ومنطقيا بسبب اختلاف أهداف الأطراف المتفاوضة، وعندما يكون الكلام عن معبر فيلادلفيا واحتلاله، تدخل مصر على الخط المباشر للمواجهة، وتصبح اتفاقية كامب ديفيد في مرمي التجميد، كل هذا يحدث بينما شبكة "سي إن إن" تحيك عن بُعد ثياب جديدة وتحاول دفع مصر كي ترتديها، ومع الصمت الأمريكي، الذي ما زلت أقول عنه إنه مشبوه، يصبح من الواجب التلويح بإمكانية خروج مصر من ألعاب الصفقات وتبادل الأسرى، وقد حدث بالفعل، وجاء هذا على لسان الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، الذي قال: 
"إن ممارسة مصر دور الوساطة في صفقة وقف إطلاق النار وتحرير المحتجزين بالقطاع والأسرى بإسرائيل، تمت بناء على مطالبات وإلحاح متكررين من إسرائيل والولايات المتحدة للقيام بهذا الدور، وهو ما جاء نتيجة إدراكهما مدى الخبرة والحرفية المصرية في إدارة مثل هذه المفاوضات، خاصة أن لمصر تجارب سابقة ناجحة متعددة بين إسرائيل وحركة حماس".

وهنا يتكشف للمتابع أن أمريكا وإسرائيل رغم حاجتهما لمصر في هذه المرحلة الصعبة إلا أنهما لا تدخران جهدا للإيقاع بها في شأن هي لا تريده، لذلك لم يكن خروج وزير الدفاع المصري للإعلام مصادفة، حيث قال إن الجيش المصري مستعد لمجابهة أي مخاطر قد تمس الأمن القومي المصري.