رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طبعة جديدة من "الذرة الرفيعة الحمراء" بمقدمة خاصة لمويان

الطبعة الجديدة
الطبعة الجديدة

أصدر الأكاديمي والمترجم الدكتور حسانين فهمي حسين، الأستاذ بكلية الألسن جامعة عين شمس، مؤخراً، طبعة جديدة (مزيدة ومنقحة)، من ترجمته لرواية نوبل 2012 "الذرة الرفيعة الحمراء" للكاتب الصيني مويان. 

صدرت الطبعة الجديدة عن دار صفصافة للنشروالتوزيع، وتضمنت الطبعة الجديدة مقدمة خاصة للطبعة العربية بقلم مويان بعنوان "النص والجسر" استعرض فيها ذكرياته مع هذا العمل الذي يعد أحد أهم أعمال مويان الروائية، جاء فيها:

"صدرت رواية "الذرة الرفيعة الحمراء" في عام 1986، قبل أربعة وثلاثين عامًا من اليوم. وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي ومسلسل تليفزيوني ومسرحية وغيرها من الأشكال الفنية، وترجمت إلى عشرات اللغات الأجنبية وصدرت طبعاتها في دول عديدة.

وأرى أن السبب الرئيسى في إعجاب الكثير من الجمهور والقراء بهذا العمل، يرجع في الأساس إلى شخصيتيّ "جدي" و"جدتي" هاتين الشخصيتين النموذجيتين اللتين رسمتهما من لحم ودم. هذا بالإضافة إلى الجرأة في التجريب في اللغة والبنية السردية التي أحدثت ضجة كبيرة آنذاك، ونالت استحسان القراء حول العالم. فالنص كالجسر، يبقى شامخًا أمام عوامل الزمن. غير أن الإنسان يتقدم به العمر، في حين يظل النص شابًا. فإعادة قراءة هذا العمل الآن، أشبه بالمشي فوق الجسر الحجري واستعادة الذكريات القديمة معه. فقد احتفظ هذا الجسر بذكريات وحماس الشباب. وبالرغم من أن هناك الكثير من الندم، فإن هذا الندم يبقى ذكرى عزيزة مقارنة بمراحل التجديد المفعمة بالحماس.

وبمناسبة صدور هذه الطبعة الجديدة من الترجمة العربية لرواية "الذرة الرفيعة الحمراء"، فعندما طلب مني الدكتور حسانين فهمي كتابة تقديم لهذه الطبعة الجديدة، وجدتني حائرًا ولا أعرف من أين أبدأ الكتابة، واكتفيت بكتابة هذه المقدمة البسيطة. فشكرًا لمترجمي إلى العربية الدكتور حسانين فهمي حسين، وشكرًا لقراء العربية في كل مكان، وآمل أن تكون هذه الرواية جسرًا يربط بيني وبينهم، وأن أبقى أنا وهم أصدقاء حميميين". 

وجاء في تقديم المترجم د. حسانين فهمي حسين للطبعة الجديدة: من دواعي سروري أن أنتهز هذه الفرصة لكتابة مقدمة للطبعة الجديدة من ترجمتي لرواية "الذرة الرفيعة الحمراء" للروائي الصيني الكبير مويان. أكثر من عشر سنوات مرت على صدور الطبعة الأولى من  الترجمة العربية لهذه الرواية المهمة التي حاز صاحبها نوبل في الآداب عام 2012، والتي كانت قد صدرت بعد حوالي ثلاثة شهور من إعلان فوزه بالجائزة الكبيرة. كانت "الذرة الرفيعة الحمراء" أحد  أهم مسوغات حصول مويان على نوبل، ليكون بذلك أول كاتب صيني يفوز بها. 

أثار صدور الترجمة العربية لرواية "الذرة الرفيعة الحمراء" في مطلع 2013 عن المركز القومي للترجمة الكثير من الأصداء معظمها إيجابية، فتصدرت الترجمة العربية للرواية قائمة المركز القومي للترجمة للكتب الأكثر مبيعًا بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والأربعين، كما تصدرت الرواية القائمة التي أصدرها المركز للكتب الصادرة عنه والأكثر مبيعًا لعام 2013. وحصل بها المترجم على جائزة "الشباب للترجمة" التي يمنحها المركز القومي للترجمة في دورتها الأولى عام 2013. 

وفضلا عن كونها أول عمل يترجم لمويان (الذي لم يكن معروفًا قبل إعلان فوزه بنوبل عند القراء العرب) إلى العربية، فقد كان لـ "الذرة الرفيعة الحمراء" دور كبير في جذب الانتباه إلى ترجمة الإبداع الصيني إلى العربية، وهو ما شهدناه خلال السنوات الأخيرة من صدور ترجمات عربية لعدد كبير من الأعمال الأدبية الصينية لكتاب صينيين يمثلون مختلف الأجيال والتيارات الأدبية في الصين. كما حظت الترجمة العربية للرواية فور صدورها باهتمام ملحوظ من النقاد والباحثين المتخصصين في الأدب الصيني والأدب المقارن، وتناولها عدد من الباحثين المصريين والعرب والصينين في أبحاثهم الأكاديمية، ومن وجهة نظر مقارنة مع عدد من الأعمال الأدبية العربية، من بينها رسالة الماجستير التي تقدمت بها الباحثة الصينية شيو روي لقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 2014 بعنوان: الراوي يتذكر قريته (دراسة مقارنة بين "الأرض" لعبد الرحمن الشرقاوي و"الذرة الرفيعة الحمراء" لمويان). إلى جانب دراسات أخرى قارنت بين "الذرة الرفيعة الحمراء" وأعمال لنجيب محفوظ وخيري شلبي وغيرهم من رموز الإبداع المصري والعربي.

كان لتجربة مويان التي عاشها في طفولته وشبابه أثرها الكبير في مصداقية ما قدمه عن مسقط رأسه وعاداته وتقاليده وثقافة أهله، وهو ما أكد عليه مويان في محاضرة له بعنوان "الجوع والوحدة في تجربتي الإبداعية" قائلًا: الجوع الذي عانيت منه لفترة طويلة جعلني أدرك أهمية الغذاء بالنسبة للإنسان، وأن المجد والإنجازات والمُثل والحب جميعها أشياء تأتي بعد أن تمتلئ المعدة. 

فقد كان الغذاء سبباً في أن أذوق مرارة الذل والمهانة وأن يعاملني بعضهم معاملة الكلاب، وهو نفسه الذي دفعني إلى عالم الإبداع".1 وقد تناول مويان الجوع في أكثر من عمل له خاصة تلك الأعمال التي تنتمي للمرحلة الأولى من مشواره الإبداعي التي امتدت حتى عام 1985 وأبرزها رواية "الصبي سارق الفجل" التي نقلها صاحب هذه السطور للعربية وصدرت عام 2015 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.