رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماهر فرغلى: 25 يناير كشفت الإخوان.. و30 يونيو فضحت تنظيمهم المسلح وتفاصيل خطة «النقاط المؤلمة» لهدم الدولة «2»

ماهر فرغلى
ماهر فرغلى

أكد ماهر فرغلى، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، أن ثورة ٢٥ يناير كشفت الوجه الحقيقى لجماعة الإخوان الإرهابية وتحالفها مع التنظيمات الجهادية المسلحة، وقياداتها الهاربة من السجون أو العائدة من الخارج، بهدف صناعة الفوضى وإدارتها من أجل الوصول للحكم.

وأوضح «فرغلى»، خلال حواره مع برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، الذى تنشر «الدستور» الجزء الثانى منه، أن الجماعة الإرهابية نفذت بعد ثورة ٣٠ يونيو خطة «النقاط المؤلمة»، التى وضعتها لإرباك الدولة المصرية، والتى تضمنت العمل عبر التنظيم المسلح للجماعة ولجانها النوعية، من أجل إجبار الدولة على التفاوض، مشيرًا إلى أن حازم صلاح أبوإسماعيل وتنظيمه «حازمون» كانا يتبنيان أفكار الإرهابى رفاعى سرور، وحاولا صناعة «الفوضى الخلاقة»، ومن ثم «إدارة التوحش» للسيطرة على الدولة.

■ حديثك عن شخصيات يفيد فى رسم صور للحركات الإسلامية ومنها جماعة «الشوقيين» ويوجد كلام كثير فى الأدبيات أنه تم تصنيعها لضرب عمر عبدالرحمن.. فما تعليقك؟ 

شكرى مصطفى كان يعتقد أنه المهدى، وأوصى، قبل إعدامه، بأن تراجع جماعة التكفير والهجرة نفسها قائلًا: «راجعوا ما أنتم عليه»، وبعد هذه المراجعات تفككت جماعته إلى أكثر من جماعة وتنظيم، مثل «التوقف والتبيّن»، و«الشكريين»، وانبثق عن الأولى أكثر من تنظيم مثل «الناجون من النار» و«الشوقيين»، وهذه الجماعات اختلفت فى درجات التكفير، وكان التنازع بينها على الفكرة نفسها.

وكان شوقى الشيخ مهندسًا زراعيًا، وهو من أسس تنظيم «الشوقيين» دون تحريض من أى شخص، وكان أغلب أتباعه من الأميين والصيادين فى الفيوم، وهو لم يكن مؤهلًا خلقيًا أو جسديًا لقيادة أى جماعة.

وكان شوقى يكفر كل قراء القرآن فى مصر، مثل عبدالباسط عبدالصمد ومحمد صديق المنشاوى، بدعوى أنهم من «أتباع الطاغوت»، وقد تشاجر مع مالك أحد المحلات لأنه كان يشغل القرآن بصوت الشيخ المنشاوى، ولما أصر الرجل على تشغيل القرآن الكريم بصوت الشيخ نشبت مشاجرة عنيفة انتهت بقتل نجل صاحب المحل. 

و«الشوقيين» كفّروا «طوب الأرض»، كما كانت كل مساجد الدولة المصرية عند الجماعة وغيرها من الجماعات المتطرفة مساجد «ضرار»، لذا لم يكن أفرادها يصلون خلف الشيوخ فى المساجد، بل كانوا يصلون فى البيوت، ويعلمون أبناءهم بأنفسهم، ويسكنون فى سكن واحد، على أن تفصل ستائر بين الأزواج، وإن ترك أحدهم الجماعة يكفروه، وتزوج زوجته لأى من أعضاء الجماعة دون عدة.

ذات مرة، خطب أحد أعضاء الجماعة سيدة واختلف معها، فعرض شوقى الشيخ التدخل للصلح بينهما، وعندما رآها أعجب بها وتزوجها هو، وكان أغلب أعضاء الجماعة من الأميين، وأذكر أننى سألت أحدهم، وكان فى الصف الثالث الجامعى، وقلت له: ما حكم الإسلام فى شخصى؟ فقال لى إننى محترم، أى أنه كان يرانى كافرًا لكنه لم يشأ أن يقولها أمامى.

■ ما تفاصيل معركة قرية كحك؟

- جماعة شوقى الشيخ تمددت بشكل غريب جدًا حتى إنهم تزوجوا من بعضهم البعض، والأمن تصدى لهذا التمدد، فقد قتلت جماعة «الشوقيين» ضابطًا يدعى أحمد علاء، وكان ابنه طفلًا صغيرًا وموجودًا فى السيارة، ومهندسين زراعيين اثنين بسبب اعتقادها بأنهما تابعان لرجال الشرطة، وقامت بدفنهما فى باطن الترعة حتى لا يكتشف أحد ما حدث، ولكن تم اكتشاف الجثتين والتحقيق فى الأمر، وحاصر الأمن القرية، وكانت جماعة «الشوقيين» قد جهزت السلاح وصعدت إلى أعلى النخيل وهاجمت قوات الأمن التى سيطرت على الموقف. وأحد «الشوقيين» اعترف بعدها بأن الجماعة كلفته بسرقة محال الذهب، وأنه نفذ محاولة ناجحة فى شبرا، كما تم تكليفه بتزوير جوازات السفر، وتعاقدت الجماعة مع أحد المزورين، الذى حصل منها على المال لكنه لم ينفذ طلباتها، ما دفع الجماعة إلى استدراجه واختطافه وتعذيبه ببشاعة، لكن الرجل بكى وحاول أن يستعطف أفراد الجماعة، لكنهم كفروه لأنه أخلف وعده معهم، وذبحته الجماعة ورمته فى كوم قمامة ليلًا، وتم القبض على المنفذين الثلاثة وحكم عليهم بالإعدام، ثم تم تخفيف الحكم إلى المؤبد، وفى النهاية خرجوا بعد أحداث يناير ٢٠١١.

■ كيف ظهر اسم يحيى هاشم وتنظيم الفنية العسكرية؟

- يحيى هاشم كان أول من أسس تنظيمًا سريًا بشكل عنقودى للقيام بحرب عصابات، فقد كان يرفض علنية الدعوة، واتجه إلى الصعيد حتى يتدرب مع مجموعته على استخدام السلاح، لكن الأمن حاصره وتبادلا إطلاق النار إلى أن قُتل فى الاشتباك، لتنتهى تجربته، وتبدأ تجربة وأحداث الكلية الفنية العسكرية، ثم تجربة جماعة التكفير والهجرة، وبعدها كانت تجربة الجماعة الإسلامية التى نجحت فى اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

■ ما فكرة «حازمون» وإلى ماذا كانت تدعو؟

- تيار رفاعى سرور كان يسعى إلى الثورة الشعبية المسلحة، أى أنهم يسعون لتثوير الشعب المصرى ولكن بطابع إسلامى، والإرهابى حازم صلاح أبوإسماعيل التقط هذه الفكرة منه، وانبثقت منها حركة «حازمون»، التى كانت تدعو إلى تثوير الشعب المصرى فى كل مكان، وإحداث صدام مع القوات المسلحة، ما يصل إلى الفوضى حتى تتمكن الحركة من اعتلاء السلطة.

وهذه الفكرة نفذها تنظيم «القاعدة» وكتب عنها أبوبكر ناجى فى كتابه «إدارة التوحش»، مع الدعوة لصنع الفوضى والسيطرة عليها وإدارتها.

هذه الأفكار تتناسب مع فكرة «الفوضى الخلاقة» لكوندليزا رايس، مستشارة الأمن القومى الأمريكى فى عهد الرئيس جورج بوش الابن، ثم جاء أبومصعب السورى بفقه المقاومة الإسلامية، وكتب كتابًا قوامه ١٠٠٠ صفحة تناول فيه كيفية تدشين جماعات دون تسمية، بحيث تحدث الفوضى وتتم السيطرة على الدولة وإعلان قيام ما يسمى بالدولة الإسلامية.

■ ما مدى خطورة حازم صلاح أبوإسماعيل؟

- حازم صلاح أبوإسماعيل يكره الجيش قلبًا وقالبًا، لأن الجيش والشرطة المصرية حاميان وهما العمود الفقرى للدولة، ويمثلان حائط الصد ضد الفوضى، وأفكاره استقاها من رفاعى سرور وكتاباته، التى أنتجت لنا ما يقرب من ٢٦ جماعة بعد ٢٥ يناير.

وقد ساعد ذلك فى كشف الإخوان، بعدما فوجئنا بأنها تخرج بالنظام العسكرى الجديد، بعدما قالت إنها ألغته، لأن النظام الخاص داخل الإخوان لم يتم إلغاؤه كما ادعت الجماعة، بل عاد بقوة بعد أحداث ٢٠١١. وقد كان حلمى عبدالمجيد هو المرشد السرى لجماعة الإخوان فى عهد عمر التلمسانى، وقد جاء لبناء التنظيم السرى والتنظيم الموازى، لأن جماعة الإخوان دائمًا لها تنظيمان، هما التنظيم العلنى والتنظيم الموازى، والأخير كان بقيادته، وكان رجلًا معروفًا جدًا، ومهندسًا كبيرًا، وله نشاطات فى الدول العربية.

وقد تفاجأنا بوجود هذا التنظيم بعد ذلك، أثناء قضية التمكين «سلسبيل» وقبل العرض العسكرى الخاص بالأزهر، ثم جاءت مرحلة ما بعد أحداث ٢٠١١ ليخرج الجناح العسكرى من جديد.

■ ما السياسة التى يتبعها تنظيم الإخوان؟

- جماعة الإخوان تعتمد على سياسة النكاية والإنهاك ويتمثل منهجهم فى قيادة الدولة للفوضى، ومن ثم حكم الفوضى والتحكم فى الدولة.

وقد صاغ الإخوان خطتهم الواضحة فى ورق مكتوب، يتحدث عن «النقاط المؤلمة»، والمتمثلة فى كيفية إيلام الدولة فى عدد من النقاط؛ فى الإعلام، فى الاقتصاد، فى المنظمات الحقوقية، ووضعوها فى المركز الدولى للدراسات فى بيروت، وهو تابع لـ«الجماعة الإسلامية الإخوانية فى بيروت»، حيث أجرى خبراء وباحثون إخوان دراسة حول النموذج الذى يصلح تنفيذه مع مصر لإحداث الفوضى، وتوصلوا لنموذج «النقاط المؤلمة» حتى يتم التمكن من الجلوس للتفاوض. 

وكان العمل المسلح العسكرى من ضمن «النقاط المؤلمة» التى استخدمها الإخوان لإنهاك الدولة المصرية، ومن ثم صنعوا مجموعات، وبناءً عليها فوجئنا على الموقع الرسمى لجماعة الإخوان بأول بيان لما يسمى بـ«العقاب الثورى»، ومن ثم ظهرت «كتائب حلوان»، وقد كانت كتائب خطيرة أحدثت اغتيالات، وكان لها فيديو معروف عندما خرجوا للإعلان عن أنفسهم، خاصة فى قضية «ميكروباص حلوان»، وكل ذلك موثق بالصور والفيديوهات، لكن هذه الكتائب قد فشلت، ومن ثم كلف الإخوان القيادى محمد كمال بتشكيل «اللجان النوعية».

■ ما تفاصيل النقلة التى حدثت على يد محمد كمال وتأسيس «اللجان النوعية» للإخوان التى كانت بمثابة باب من أبواب الجحيم بعد ٢٠١٣؟

- النقلة الأولى هى الإعلان عن ظهور الجناح العسكرى للجماعة، التى ادعت إلغاءه، فيما تمثلت النقلة الثانية فى تحالف الإخوان مع جماعات أخرى، بعد الإفراج عن قياداتها التى كانت فى السجون أو العائدة من الخارج، مثل عادل شحتو، الذى كان سيفجر جنازة الرئيس السادات، بعد أن تم تكليفه بتلغيم نفسه ليصبح انتحاريًا ويدخل على الجنازة ويفجرها، لكن قدر الله سبحانه وتعالى أن يتم تغيير مسار الجنازة ليتم القبض عليه. وبعدها حكم عليه ثم خرج من السجن إلى أفغانستان، وانضم لـ«القاعدة»، ثم عاد مرة أخرى ليقف فى ميدان التحرير ويقول فى فيديو: «أنا زعيم تنظيم الجهاد الحالى فى مصر»، ومن ثم نفذ عملية إرهابية فى كنيسة بالوراق فى ٢٠١٣، ثم تم القبض عليه وحكم عليه بـ٢٥ سنة، وهو حاليًا فى السجن.

وقد رأينا وجوهًا كثيرة جدًا تحالفت مع بعضها فى أعقاب ٢٥ يناير، لأن هناك جماعات متناثرة لا تنتهى إلى تنظيم واحد، ولدينا أجيال وأشكال متنوعة من التكفيريين دورهم صناعة الفوضى، التى تسعى إليها جماعة الإخوان للسيطرة عليها ثم الوصول إلى حكم الدولة، وهناك مجموعات لا تنتمى لتنظيمات ولا جماعات، لكنها تمتلك نفس الهدف المشترك وهو الوصول إلى الحكم.

وكل هؤلاء يشكلون جماعة، كما يرغبون، فعلى سبيل المثال، رأينا ما تسمى بجماعة «وادى النيل الجهادية»، وقد قابلت الولد الذى ينتمى لهذه الجماعة فى ميدان التحرير، وسألته عن أفكاره، وعلاقة وادى النيل بالجهاد، فقال لى إنهم سيحكمون مصر والسودان.

وهناك أيضًا جماعات بعينها هى امتداد للتنظيمات الجهادية سابقًا، مثل جماعة «أنصار بيت المقدس»، وهى امتداد لجماعة «التوحيد والجهاد» الخاصة بخالد مساعد، وهى أول جماعة تم الإعلان عنها فى سيناء، والأخيرة امتداد لـ«التوحيد والجهاد» الخاص بـ«أبومصعب الزرقاوى» فى العراق. 

كما أن هناك جماعة موجودة بفكرة تنظيم «الجهاد» و«القاعدة»، لكن ليس لها امتداد قريب، مثل جماعة «أجناد مصر»، وقائدها لم يكن عضوًا فى «القاعدة» لكن له نفس المرجعية، وظهرت أيضًا خلية «عرب شركس» وكانت من أخطر التنظيمات، بالإضافة إلى «الفرقان»، التى أسسها الإرهابى محمد أحمد نصر، الذى كان يسعى إلى تفجير برج القمر الصناعى بالمعادى، ولكن تم القبض عليه. 

■ ما تفاصيل المعركة التى دارت بين محمد كمال ومحمود عزت؟

- مجموعة محمد كمال اتهمت مجموعة محمود عزت بأنهم أبلغوا عن مكان الأول للتخلص منه لقيادة الجماعة، وهذا ليس بعيدًا عنهم، وانتقم الكماليون من «عزت» فأبلغوا عنه، وأصبحت الأمور فى الجماعة بين تيارين، الأول يتبنى العنف والمنهج المسلح ويريد أن يقود الجماعة، والآخر شكل لجنة إدارية جديدة.

■ التقيت أحد قيادات التنظيم الدولى للإخوان ولديك وثائق وصور لم تنشر حتى الآن.. فما خلاصة هذه التجربة؟

- فوجئت باتصال تليفونى من شخص يريد مقابلتى ويقيم فى الإسكندرية، وعندما ذهبت وجدت شابًا كويتيًا فى انتظارى، وشخصًا إخوانيًا كبير السن، وقال لى إنه قرأ بعض أعمالى وأعجبته، وإنه يريد منى تأليف كتاب مثل «الخروج من بيت الجحيم»، هذا الرجل زارنى فى العمل والبيت، وبعد أن تأكد منى سلمنى حقيبة مليئة بالأوراق، تتضمن مراسلات التنظيم الدولى بين عدد من الدول، منها سوريا والعراق واليمن وعمان والإمارات منذ فترة الستينيات.

كما ضمت الحقيبة أيضًا وثائق مهمة جدًا عن الخبير العالمى الاقتصادى الإخوانى محمود أبوالسعود، مؤسس التنظيم الاقتصادى السرى للإخوان، ومراسلاته مع التنظيم، وخططه، ومراسلاته أثناء الأزمة السورية فى الثمانينيات مع مكتب الإرشاد، والجناح العسكرى والتمويلات، ومشاكل التنظيم فى السودان ومصر، وغيرهما.

وقد حررت الكتاب لكنه لم ينشر بعد، وهو يضم أيضًا ألبوم صور للجناح العسكرى الذى أنشأه حسن البنا، وبه صور مهمة أثناء وجوده فى السجن العسكرى.

■ كيف ترى خلاصة الرحلة وسنوات العنف وما فعلته الجماعة الإرهابية؟

- رحلة الإخوان مريرة، وبها أخطاء منهجية كثيرة جدًا، خاصة أنها لا تعتبر نفسها جزءًا من الدولة، وهناك خلط دائم فيها بين الدعوة الدينية والسياسة، فهم يرون أنفسهم أعلى من المجتمع وأفضل منه، لذا فلا طائل من ورائها.

ماذا عن لقائك مع أيمن الظواهرى؟

- قابلت أيمن الظواهرى فى فترة الثمانينيات، وكنا وقتها فى مؤتمر بالقاهرة فى عام ١٩٨٦، وكان وقتها يعمل طبيبًا، وذلك قبل سفره إلى السعودية، وعلمت بعدها أن «الظواهرى» اتُّهم بأنه عميل للمخابرات الروسية، ومرة اتُّهم بأنه عميل للمخابرات الأمريكية، خاصة عندما سافر إلى أمريكا ثم عاد إلى أفغانستان وقاد تنظيم «القاعدة»، وسيطر عليه.