رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسبوع فى مواجهة عبد الروتين

تحقيق الأهداف مرهون بآليات التنفيذ والمتابعة الدقيقة لهذه الآليات، وهناك تفاؤل بأنه سيتم تنفيذ قرارات المجلس الأعلى للاستثمار الذى أقر، الأسبوع الماضى، أكبر حزمة تيسيرات جاذبة للمستثمرين المصريين والأجانب، قوامها الرئيسى إنهاء البيروقراطية العقيمة التى عششت فى أروقة الوزارات والإدارات، وكانت سببًا فى «تطفيش» المستثمرين.

التفاؤل بالتنفيذ منبعه الأزمة التى نمر بها، والتى قد تكون دافعًا قويًا للمتابعة الدقيقة، وصولًا إلى تحقيق الأهداف، وهو ما أكد عليه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، بأن هناك توقيتات زمنية محددة، تتراوح ما بين أسبوع و٦ أشهر، لتنفيذ ٢٢ قرارًا أصدرها المجلس الأعلى للاستثمار مع متابعة تنفيذها بصفة دورية. 

وتعالج القرارات الـ٢٢ مشكلات تأسيس الشركات وتخصيص الأراضى وتشغيل المشروعات، بحيث يكون الحد الأقصى للحصول على موافقات تأسيس الشركات ١٠ أيام عمل، فضلًا عن إنشاء منصة إلكترونية لتلقى طلبات تأسيس وتشغيل وتصفية الشركات والمشروعات «أون لاين»، كما سيتم وضع وثيقة للسياسات الضريبية للدولة لخمس أو عشر سنوات مقبلة، حتى تكون ظروف العمل داخل الدولة واضحة أمام جميع المستثمرين.

حلم كبير أن يحصل المستثمرون على موافقات لتـأسيس الشركات وتشغيل المشروعات خلال أيام، لكنه حلم مرهون، كما ذكرنا، بجدية التنفيذ فى بلد مشهور بشخصية «عبد الروتين» وختم النسر و«فوت علينا بُكرة» و«اثبت لى إنك لسه حى»، وقد كانت لنا تجربة مع الشباك الموحد. 

الهدف من قرارات المجلس الأعلى للاستثمار إنهاء هذه الصورة النمطية عن الإدارة المصرية فى تعاملها مع المستثمرين، وبناء صورة جديدة ذكية وعصرية ومبتكرة تشجع الشركات الناشئة ورواد الأعمال وتجذب المستثمرَين الأجنبى والمحلى، وتشرك القطاع الخاص فى التنمية عبر الإنتاج والتصدير، وصولًا إلى ٤٠ مليار دولار استثمارات للقطاع الخاص، و١٠٠ مليار جنيه من التصدير، تمثل المستهدفات خلال سنوات.

ويمكن أن نصف الأسبوع الماضى بأنه أسبوع الاستثمار، وفى سياق تقديم الحوافز، فى كل المجالات، كانت لمشروعات الهيدروجين الأخضر حصة خاصة منها، أهمها إعفاء الشركات الداخلة فى هذه المشروعات من نحو ٣٠ إلى ٥٥٪ من ضرائب القيمة المضافة والدخل، إذا كانت تحصل على مقدار معين من تمويلها من أجانب، وذلك بهدف زيادة تدفق العملات الأجنبية للبلاد.

وبالتزامن مع هذه المحفزات ارتفع الجنيه، الأسبوع الماضى، أمام الدولار فى السوق السوداء، ووفق خبراء فإن سبب هذا الارتفاع هو تراجع الطلب على الدولار بعد الإعفاء الجمركى للذهب الوارد مع المصريين بالخارج، وخفض عمليات الاستيراد، لكن هناك أسبابًا أخرى، أهمها الرقابة، فقد قرر البنك المركزى إلزام شركات الصرافة برفع رأسمالها من ٥ إلى ٢٥ مليون جنيه، ومنحها فرصة حتى ١٥ سبتمبر المقبل، ومن الواضح أن «المركزى» يسعى إلى خفض الزيادة المتنامية لشركات الصرافة، وتقليل عددها، وترك تلك «الموثوق» بها للعمل فى سوق المال، حتى لا تتحول هذه الشركات إلى بوابة خلفية للسوق السوداء.

ومن بين أوجه الرقابة أيضًا القبض على شبكة اتجار بالعملة، تضم ٣ جنسيات عربية، سورية وكويتية ومصرية، ومسرحها ٣ دول هى: مصر والكويت ولبنان، وهدفها شراء دولارات المصريين الموجودين فى الكويت بأسعار خيالية، وأيضًا تهريب الدولارات من مصر إلى الخارج، أى العمل على تفريغ البلد من العملة الخضراء، وهو مخطط نجح إلى حد ما، فقد تراجعت تحويلات المصريين ٢٣٪ تقريبًا منذ بداية العام.

واعترافات شبكة الاتجار بالعملة تشير إلى أن حجم الخسائر التى يتكبدها الاقتصاد المصرى، ونحن هنا نتكلم عن شبكة واحدة، ملعبها الرئيسى الكويت، بينما هناك شبكات فى كل دول الخليج، ولها أذرعها بطبيعة الحال فى مصر، وهذه الشبكات تمثل من وجهة نظرى، حلقة من حلقات الصراع والعداء، إذ لا يمكن تصور أن من يشترى الدولار من المصريين بالخارج بأسعار أعلى بكثير من السوق السوداء فى مصر، يسعى إلى الربح، بل هو فى الأساس يسعى إلى تكبيد مصر خسائر بشتى الطرق، وهو ما يستلزم أن نسارع إلى توسيع التعاون مع الدول العربية، الخليج تحديدًا، والإنتربول الدولى من أجل القبض على هذه الشبكات وإيقاف نزيف الخسائر.