رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطة الحكومة للعبور من الأزمة الاقتصادية

وفقًا لما تم الإعلان عنه من الحكومة عبر مؤتمرها الصحفي، اليوم، فإن هناك مؤشرات إيجابية توحى بأن الفترة المقبلة ستشهد تخطى الأزمة الاقتصادية التى تعرضت لها البلاد، وعلى إثرها ارتفع معدل التضخم وزادت الأسعار، وذلك عبر إنهاء أزمة تكدس البضائع فى الموانئ، بالإضافة إلى توفير العملة الصعبة لعمليات الاستيراد مع تحرير سعر الصرف فى البنوك، من أجل القضاء على السوق السوداء والقدرة على التحكم فى سعر الدولار من أجل تراجع أسعاره، بخلاف إعلان الحكومة عن سياسة ضريبية جديدة سيتم الإعلان عنها من أجل تحفيز بيئة الاستثمار، والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية.

ولعل الإعلان عن زيادة سعر توريد إردب القمح للمزارعين سيعزز من موقف زراعة القمح المحلى، مما يعطى الأمل نحو زيادة الرقعة الزراعية من القمح وتوفير الحصيلة الدولارية، التى تذهب نحو استيراد حوالى 10 ملايين طن من القمح.

ولا شك أن الدولة بدأت عمليات برنامج الإصلاح الاقتصادى فى توقيت عصيب، وذلك عقب الخروج من ثورتين متتاليتين وهما 25 يناير و30 يونيو، ومع الاستقرار السياسى بتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة البلاد، بدأت مصر تستقر بعد إرهاق شديد، لتبدأ عمليات التنمية الاقتصادية خلال الفترة من 2014 حتى الآن، وكان لا بد من تهيئة البنية التحتية من التوسع العمرانى وتهيئة الطرق وتوفير الطاقة من كهرباء وغاز طبيعى؛ حتى تستطيع المصانع العمل بطاقات إنتاجية مستقرة. إلى هنا كانت الأمور تسير فى الطريق الصحيح إلا أن الأزمات الاقتصادية الكبرى التى تعرض لها العالم سواء فيروس كورونا أو الحرب الروسية- الأوكرانية أسهمت ليس فى مصر فقط، بل العالم أجمع، فى ارتفاع التضخم والأسعار بصورة كبيرة.

ومن قلب الأزمات يأتى الإصلاح والتنمية، ووفقًا للحديث مع مجتمع الأعمال والخبراء الاقتصاديين، فإن هناك فرصة عظيمة لمصر لتصبح نمرًا اقتصاديًا كبيرًا مثلما خططت لذلك، ولكن هذا الحلم العظيم يحتاج إلى التعاون المثمر بين الدولة والقطاع الخاص والمواطن، حيث يأتى دور الحكومة فى تحفيز مناخ الاستثمار عبر خفض الضرائب ودعم الصناعات الاستراتيجية المهمة، التى تتعلق بتحقيق الاكتفاء الذاتى للسلع والمنتجات الضرورية، وذلك فى مجالى التصنيع والزراعة، حيث كشفت الأزمات العالمية عن أنه لا مفر من الخروج من الأزمات الاقتصادية إلا عبر الإنتاج من خلال التصنيع والزراعة.

لعل أبرز ما تعانى منه مصر حاليًا هو أزمة الزيادة السكانية التى تشهدها مصر، مؤخرًا، بصورة تعيق خطط التنمية الاقتصادية، حيث يحتاج الأمر إلى تحفيز المواطن نحو الاكتفاء بطفلين فقط، وحتى نستطيع الخروج من المأزق الاقتصادى الحالى لا بد من تعاون الجميع، الحكومة والقطاع الخاص والمواطن، فعلى سبيل المثال إذا ما كانت هناك سلعة ثمنها مرتفع فلا بد من عدم الإقبال عليها وتركها حتى ينخفض سعرها، مع العمل على ترشيد الاستهلاك، حيث من المعروف أننا كمصريين نميل إلى الاستهلاك أكثر من الإنتاج، وهو ما يجعلنا دائمًا فى احتياج، بينما يميز دول أخرى أنها أكثر إنتاجًا من الاستهلاك.

زيادة الرواتب فى القطاعين العام والخاص تعد إحدى الضروريات المهمة حاليًا من أجل قدرة المواطن على مواجهة آثار التضخم، بالإضافة إلى تحفيز مناخ الاستثمار من الدولة عبر تقديم حوافز ضريبية وأراض وتسعير مناسب للطاقة للصناعات التى تحتاج إلى ذلك، مع العمل على وضع خطة سريعة من أجل زيادة العوائد الدولارية عبر قطاعات الصادارات والسياحة وتحويلات المصريين فى الخارج وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ولا شك أن الدولة لوحدها لن تستطيع مواجهة أى أزمة اقتصادية كبرى دون التعاون مع القطاع الخاص، لذا فإن الفترة المقبلة ستشهد حالة من التوسع فى مشاركة القطاع الخاص للدولة والحكومة فى العديد من المشروعات والقطاعات، عبر وثيقة سياسة ملكية الدولة التى تستهدف تعظيم دور القطاع الخاص.