رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالمنعم رمضان عن سعيد الكفراوى: أصدقاؤه أحبوا قريته التى أصبحت شاهدة عليه

عبد المنعم رمضان
عبد المنعم رمضان وسعيد الكفراوي

لا غرابة في أن نقع في متاهة الكفراوي، لأننا أمام دفتر حكايات طازج، مطبوخ على نار هادئة، لا غرابة أننا مع كل يوم بعد رحيله نكتشف جوانب أخرى في شخصية راهب القصة القصيرة وأحد أبرز فرسانها، لا غرابة في أن يصبح سعيد الكفراوي صديق الجميع والأخ والمعلم والصديق لأجيال متتالية، الذين اقتربوا منه يعرفون تماما قدرته الغريبة التي لا يجاريها فيه أحد في السرد الشفاهي، في تطريز الحكايات القديمة واستدعائها لتكون شاهدة على الراهن أو جزءا منه لم يقتصر هذا على صحبته في مصر ولكن تجاوز الحدود وأصبح سعيد بمثابة ضيف دائم على أصدقائه في بلاد المغرب الأقصي، في السطور التالية يروى لنا الشاعر الكبير عبدالمنعم رمضان رحلة الكفراوي الداله عليه وحده:

 

قال الشاعر الكبير عبدالمنعم رمضان لـ"الدستور": “لسعيد الكفراوي هيئة دالة عليه وحده، رغم شيوعها لدى كثيرين، هيئة الريفي النازح إلى المدينة اضطرارا وشغفا، الريفي النازح لتوه، والنازح منذ عقود تزيد على الثلاثة، والراغب في تحويل ناس كل المدن التي يدخلها إلي ناس ريف، متعارفين، وذوي ألسنة فصيحة فصاحة أهله، وذوي قلوب عامرة مثل قلوبهم، وذوي عادات وتقاليد لا تشبه سوى ملامحهم، حتى أسفاره إلى أكثر من بلد لم تكن أسفار الغريب، ما دام سيبحث عن العادات والتقاليد والأمثال والمرويات التي تشبه ما ظل يحرسه طوال عمره، في المغرب الأقصى، الذي زرناه مع آخرين”.

 

وتابع: “في المغرب الأقصى لمست ولعه بمأثور الحكايات عند أصدقائه المغاربة، وعندما تجاسرت ونظرت من نافذة سعيد إلى أصدقائه محمد برادة ومحمد بنيس وزهرة زيراوي، رأيتهم يشبهونه ولا يشبهونه، لكنهم يتشبثون بالطرف الآخر من الحبل الذي طرفه الأول بين يدي سعيد”.

 

وأكمل رمضان: "كانوا يحبون قريته التي لم يتوقف عن إعادة تشييدها، حتى أصبحت شاهدة عليه، في مأتم السيدة أحلام زوجة سعيد رأيت المسحورة زهرة زيراوي القادمة من المغرب لتودع أحلام وتسند قلب سعيد المفطور منذ وفاتها حتى وفاته، زيراوي آمنت مثلما آمنت أحلام بسحر سعيد، وعندما بعد عرض فيلم الكرنك المأخوذ عن رواية نجيب محفوظ الذي كان شيخ طريقة امتلأ فم سعيد بحكي كراماتها، إلى أن عثر على الكرامة الكبرى المسماة إسماعيل الشيخ المقيم برواية الكرنك والذي جسده نور الشريف في الفيام المأخوذ عن الرواية، وعندما أشيع أن إسماعيل هو سعيد، ابتسمنا وضحكنا وصدقنا الراوي في غيابه، وقلنا: صدق الكفراوي ، وفي حضوره عاكسناه بالإنكار.

 

وختم رمضان: “أدمن سعيد الكفراوي إقامة العلاقات الثنائية، سعيد وعفيفي مطر، سعيد والمنسي قنديل، سعيد وإبراهيم عبدالمجيد، سعيد وأحلام التي ظلت دائما زوجته وصاحبته، ولم يشرك بها أبدا، في أيامه الأخيرة اعتدت رؤية دموعه المحبوسة التي أثق في أنه سيسكبها كلها بين يديها أو على صدرها عندما يقابلها، وأظنه سيفعل معها ما كان يفعله معنا دائما، بأن يحكي الحكايات ذاتها التي سبق أن حكاها لنا، باللغة ذاتها، والتي على الرغم من تكرارها تظل طازجة، أظنه مات من أجل أن يحكي لأحلام ما استجد لديه من حكايات، أظنه مات لأنه اشتاق إليها، لأنه أحس بضرورة أن يؤنسها، ولأنه يثق بنا ويعلم أننا سنفهم ونقدر دوافع موته”.