رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه.. الشاعر حلمى سالم يروى حكاياته مع «كُتّاب الشيخة أمينة»

الشاعر حلمي سالم
الشاعر حلمي سالم

يعد الشاعر حلمي سالم، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 2012، واحدًا من أبرز شعراء جيل السبعينيات في مصر خلال القرن المنصرم، والذى أثار موجة من الجدل في المجتمع المصري، على خلفية نشره لقصيدة "شرفة ليلي مراد"، بمجلة إبداع، مما دعا مجمع البحوث الإسلامية لاتهامه بالكفر والزندقة، وما تبعه من مصادرة العدد الذي نشرت به القصيدة في العام 2007. 

يحمل الوجه الآخر للشاعر حلمي سالم، براعته السردية في الحكي، وهو ما ضمنه كتابه "مدن لها قلوب" مقاطع من حياة وشعر، وفيه يروي حلمي سالم بعضًا من ذكرياته في الطفولة وسني حياته المبكرة، والمدن التي زارها ومكث فيها بعضًا من الوقت.

يروي الشاعر حلمي سالم سيرته الذاتية، مشيرًا إلى أنه ولد في 16 يونيو 1951 بقرية "الراهب" مركز شبين الكوم بالمنوفية، لأب يعمل تاجر موالح، وأم ربة بيت، حيث يقول: “كنت الثاني من سبعة أشقاء من أمي "زاهية السيد نصار" هم: ملك، ثم أنا، أحلام، يسري، بيومي، يسرية وغادة. وكانت أمي هذ الزوجة الثانية لأبي، الذي أنجب من زوجته الأولي "أمي مبروكة" خمسة أبناء، وهم إخوتي غير الأشقاء: عطيات، عبدالله، أفراح، عبدالعزيز و"سكرة"، عدا من مات من أبناء الزوجتين: أكابر من أمي مبروكة، وأحمد وعفاف وسوسن من أمي. 

ــ كتاب الشيخة "أمينة"  

ويتابع الشاعر حلمي سالم في سرد ذكريات طفولته الأولى فيقول: أبعد مشهد في ذهني لأيام الطفولة بالراهب هو "كتاب الشيخة أمينة"، وهو "الكتاب" الوحيد في القرية الذي كنا نذهب إليه قبل دخول المدرسة الابتدائية، لنتعلم القرآن واللغة العربية ومبادئ الحساب، كانت "الشيخة أمينة" كفيفة، لكنها كانت تستطيع أن تميز الولد المخطئ منا في قراءة القرآن بحاسة السمع الاستثنائية عندها، وتحدد مكانه بين الأولاد الجالسين أمامها علي الحصيرة "وهم يزيدون عن ثلاثين ولدًا"، فتنقره علي أم رأسه بخيزرانة طويلة مرنة في يدها، أو تستدعيه أمامها لتفرك أذنيه بحصوة خشنة بين أصابعها. لكن كتاب "الشيخة أمينة" كان تأسيسًا متينًا لي في القرآن الكريم وفي اللغة العربية وفي النطق السليم لمخارج الحروف، ولكن لم يكن كذلك في الحساب. فقد ظللت من "أبلد" التلاميذ في الحساب و"الرياضة" طوال سنوات الدراسة الابتدائية والإعدادية، إلى أن فرجها الله بدخولي القسم الأدبي في الثانوية العامة. وقد ظلت "الشيخة أمينة" في خيالي وذاكرتي، وذكرتها في شعري بعد ذلك أكثر من مرة. وبعد وفاتها لم يعد "الكتاب" موجودًا.

ــ في الإعدادية والثانوية مدارس ذات طابع وطني

والمدارس الثلاث التي تعلمت فيها الابتدائية والإعدادية والثانوية كانت لها أسماء ذات طابع وطني: الابتدائية "الراهب" كان اسمها "مدرسة الشهيد صبحي يوسف الابتدائية". وصبحي يوسف ابن من ابناء القرية، استشهد في حرب 1956، والمدرسة الإعدادية التي كانت بقرية "كفر المصيلحة" المجاورة لقريتنا "وهي قرية الرئيس حسني مبارك"، لأن قريتنا لم يكن قد صار بها مدرسة إعدادية بعد، كان اسمها "مدرسة عبدالعزيز فهمي الإعدادية"، وعبدالعزيز باشا فهمي هو أحد قادة ثورة 1919، ورفيق سعد زغلول في المنفى، ووزير الحقانية "العدل" في ذلك الوقت. وكان له فضل بناء المدارس بكفر المصيلحة، حتي قيل بعد ذلك ــ بحق ــ إن كفر المصيلحة هي القرية التي لم يكن بها أمي واحد. والمدرسة الثانوية بشبين الكوم، عاصمة المحافظة، كان اسمها "مدرسة عبدالمنعم رياض الثانوية الجديدة". وعبدالمنعم رياض هو الفريق قائد أركان الجيش المصري، الذي استشهد بقذيفة إسرائيلية غادرة عام 1969، أثناء تفقده قواته عند المعدية رقم "6" بالإسماعيلية. وصار عند الحركة الوطنية المصرية "والطلابية خصوصا"، بعد ذلك، رمزًا للمحارب الشجاع.