رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفكيك جماعة «2»

محمد الباز يكتب: «الطاقية السوداء».. إشارة وصول الإخوان إلى الحكم

محمد الباز
محمد الباز

«الطاقية السوداء» اشتراها حسن البنا وقال إنه سيرتديها بعد وصول الإخوان للحكم

مرشدو الإخوان توارثوا «الطاقية» حتى ارتداها محمد بديع بعد السيطرة على الدولة والحكم

من حقك أن تعتبر ما سأقوله لك الآن ليس أكثر من أسطورة، لكن الحكاية يعرفها قادة الإخوان، تعاملوا معها على أنها سر لا يطلع عليه إلا الخاصة من خاصتهم، ولم يتحدث عنه أحد بوضوح، فقد ظل الأمر فى مساحة الإبهام المطلقة.. وكثيرة هى المساحات المبهمة فى تاريخ الجماعة. 

يقولون إن حسن البنا، مرشد الإخوان الأول، الذى كان يخطط من اللحظة الأولى لتأسيس الجماعة للوصول إلى الحكم، اشترى طاقية سوداء، وقال لرفاقه إن هذه الطاقية سيرتديها بعد أن يصل هو، أو من يخلفه فى مكتب الإرشاد، إلى الحكم فى مصر. 

كانت هذه الطاقية السوداء بعضًا من ميراث المرشدين، بمجرد أن يتم اختيار مرشد جديد كان يتسلمها مع اختصاصاته وصلاحياته، وقد انتقلت من حسن البنا إلى حسن الهضيبى، ومن حسن الهضيبى إلى عمر التلمسانى، ومن عمر التلمسانى إلى محمد حامد أبوالنصر، ومن حامد أبوالنصر إلى مصطفى مشهور، ومن مشهور إلى مأمون الهضيبى، ومنه إلى مهدى عاكف، حتى استقرت فى النهاية عند محمد بديع، الذى كان له حظ أن يصل الإخوان فى عهده إلى الحكم. 

ارتدى حسن البنا ومن بعده حسن الهضيبى الطربوش، وظل كل من عمر التلمسانى ومصطفى مشهور ومأمون الهضيبى ومهدى عاكف حاسرى الرءوس، حامد أبوالنصر كان يرتدى ما يشبه العمامة، وظل محمد بديع حاسر الرأس فى سنواته الأولى، لكنه وبعد أن بدأ الإخوان فى السيطرة على مفاصل الدولة والحصول على الأغلبية فى مجلس الشعب أخرج الطاقية السوداء وارتداها فى إشارة إلى أن الجماعة تمكنت. 

قد يكون ما جرى مجرد حكاية من الحكايات الكثيرة التى التصقت بجماعة الإخوان خلال سنواتها الممتدة من عام ١٩٢٨ وحتى الآن، لا أصل لها من الأساس، لكن من تحدثوا عنها يشيرون إلى أنها حقيقية، وهناك من يشير إلى أن الجماعة سقطت لأن بديع تعجل وأخرج الطاقية من مكمنها وارتداها قبل أن يصبح محمد مرسى رئيسًا، فقد تعجلت الجماعة تحقيق ما خططت له، وكان هذا نذير شؤم، فلم تدم الطاقية على رأس المرشد طويلًا. 

لقد حرصت الجماعة على إخفاء مطامعها فى الوصول إلى الحكم، رغم أنها ما خرجت إلى النور إلا من أجله. 

قبل أحداث يناير بسنوات قليلة جمعتنى جلسات مطولة مع عصام العريان. 

فى واحدة من هذه الجلسات كنت أحاوره فى مكتبه الذى كان يدير من خلاله «المستوصف الطبى فى العمرانية»، وهو واحد من المستوصفات التى كانت تقدم فيه الجماعة الخدمة الطبية للمواطنين بأسعار زهيدة. 

قلت له: ما الذى ستفعله الجماعة عندما تصل إلى الحكم؟ 

رد العريان: ومن قال لك إننا نريد أن نصل إلى الحكم؟ 

قلت له: إذا كنتم لا تريدون الوصول إلى الحكم، فلماذا تقومون بكل ما تقومون به، ولماذا دخلتم فى كل هذه الصدامات مع الأنظمة المختلفة، ولماذا تجهزون أعضاءكم للعمل السياسى بهذا القدر من الإصرار، ولماذا تنتشرون فى كل مكان فى مصر تقدمون خدمات وتجندون الشباب؟ 

قال وهو يبتسم ابتسامته التى لم تكن تروق لى أبدًا: نحن نعمل هذا كله لوجه الله.. ولا نريد من الناس جزاءً ولا شكورًا. 

لم أصدق عصام العريان، وكنت أعرف أنه لم يصدق ما قاله، وقبل أن تقول: «لماذا لم تنشر هذا الكلام وهو حى حتى يتمكن من الرد عليك؟»، سأقول لك: استرح تمامًا فقد نشرته فى حياته، وقرأه، ولم يعترض عليه، واستكملنا بعدها حواراتنا معًا عن مستقبل جماعة الإخوان، وكان يرى أنه لا مستقبل فى مصر إلا للجماعة، وعندما كنت أقول له إن هذا يتناقض مع ما قاله من أنهم لا يخططون للوصول إلى الحكم، كان يعيد ابتسامته ولا يرد. 

يعتقد كثيرون أن تفكيك الجماعة بدأ لحظة وصولها للحكم، وهو كلام لا يخلو من المنطق، وعندى قناعة كاملة أنك إذا أردت أن تقصم ظهر الجماعة وتنهى وجودها فى أى بلد، فليس عليك إلا أن تفسح الطريق أمامها حتى تصل إلى الحكم، وبعدها اجلس لتشاهدها وهى تنهار أمامك.. فالوصول إلى الحكم هو الذى كشف عورة الجماعة وعوارها. 

لكن التفكيك كانت له مقدمات مبكرة، ويمكن أن نعلق هذه المقدمات فى رقبة اثنين من قياداتها البارزين. 

الأول هو عبدالمنعم أبوالفتوح. 

والثانى هو خيرت الشاطر. 

الغريب أن كلًا منهما ارتبطت به نبوءة لم يلتفت إليها الإخوان، لكن بعد تعاقب السنين والوصول بالجماعة إلى ما وصلت إليه، أدرك الجميع كم كانت هذه النبوءات صادقة. 

تقريبًا دخل خيرت الشاطر وعبدالمنعم أبوالفتوح إلى جماعة الإخوان فى توقيت متقارب وهو نهاية السبعينيات. 

الباب الذى دخل منه كل منهما كان حاكمًا ومحددًا لمصيرهما. 

ففى المنصورة تعرف خيرت الشاطر على الشيخ محمد العدوى، وهو واحد من قيادات الإخوان التاريخيين، وكان أحد من شاركوا سيد قطب فى تنظيم ٦٥ الذى خطط لقلب نظام الحكم واغتيال عبدالناصر وعدد من مسئولى الدولة، ودخل السجن لفترة، وكان محسوبًا على مجموعة الصقور فى الجماعة، أبناء التنظيم الذين يمكنهم التضحية بأى وكل شىء من أجل الحفاظ على كيان الجماعة واستمرارها، حتى لو تم إهدار القيم جميعها فى الطريق إلى ذلك. 

كان خيرت الشاطر من اليوم الأول له فى الجماعة من أبناء التنظيم. 

عرف محمد العدوى خيرت جيدًا، هو من قام بتعليمه وتلقينه مبادئ الجماعة، وزرع فيه أهدافها، لكنه ساق فى طريقه نبوءته عندما قال: أخشى على جماعة الإخوان المسلمين من طموح هذا الفتى. 

وفى القاهرة تعرف عبدالمنعم أبوالفتوح على عمر التلمسانى، الذى ينسب إليه البعض أنه المؤسس الثانى لجماعة الإخوان بعد حسن البنا، والذى استطاع أن يضم مجموعة من الشباب كانوا قد أسسوا ما يعرف بـ«الجماعة الإسلامية» فى جامعة القاهرة، وكان التلمسانى من أنصار مدرسة السيطرة على المجتمع من خلال اختراقه من أسفل، فالصدام لم يكن من أولوياته، كانت قوته مثل الماء، لا تشعر به إلا عندما يحاصرك. 

كان عمر التلمسانى هو من أدخل عبدالمنعم أبوالفتوح إلى الجماعة، ولأن التلمسانى، مرشد الجماعة الثالث، كان من أبناء مدرسة الدعوة، فقد سار أبوالفتوح على خطاه، لكن ظلت تطارده أيضًا نبوءة شيخه، فقد قال التلمسانى عنه: هذا الفتى تنقصه حكمة الشيوخ. 

يمكننا أن نضع ما جرى لجماعة الإخوان من انهيارات متتالية خلال السنوات التى سبقت أحداث ٢٥ يناير ما بين هاتين النبوءتين، وعند أطراف أصابع هذين الرجلين، أحدهما غلبه طموحه، والثانى غلبته حماقته. 

فى لحظة تاريخية من عمر الجماعة جمعت بين خيرت الشاطر وعبدالمنعم أبوالفتوح الرغبة فى أن يصل كل منهما إلى منصب المرشد، تمهيدًا بعد ذلك إلى الوصول إلى كرسى الحكم، خاصة بعد أن انتقلت إدارة البلد إلى يد مجموعة جمال مبارك، وهى المجموعة التى استصغر خيرت وعبدالمنعم شأنها، وكانا على يقين أنهما قادران، كل منهما بمفرده، على طيها والسيطرة عليها واختطاف الحكم منها. 

كنت فى قلب المسافة التى جمعت بين الرجلين قبل شهور قليلة من أحداث يناير. 

كان كل منهما فى السجن، خيرت فى طرة، وعبدالمنعم فى مستشفى قصر العينى.

نشرت تقريرًا صحفيًا مطولًا عن صفقة يعقدها عبدالمنعم أبوالفتوح مع مجموعة جمال مبارك، يتم بمقتضاها خروجه من السجن حتى يتمكن من السيطرة على الجماعة والوصول إلى منصب المرشد، فى مقابل أن تمهد الجماعة الطريق أمام جمال مبارك للوصول إلى الحكم، ثم يتم مد خطوط التعاون بينهما حيث تحصل الجماعة على مساحة أكبر فى العمل السياسى. 

كان ما نشرته محرجًا لجبهة أبوالفتوح، فسارع من سجنه إلى إصدار بيان، نشره على موقعه على الإنترنت، ينفى فيه تمامًا أن تكون هناك صفقة أو اتفاق من أى نوع مع مجموعة جمال مبارك، وكان لكشف الأوراق أمام الجميع فيما أعتقد فضل التراجع عن أى تعاون بين أبوالفتوح وجمال مبارك. 

فى هذه الفترة كان خيرت الشاطر يدير جماعة الإخوان فعليًا من سجنه من خلال رجله المخلص محمد مرسى الذى كان يتولى إدارة الملف السياسى، وكان فى زياراته إليه يتلقى منه الأوامر والتعليمات وينفذها بدقة متناهية، لا يخرج عنها قيد أنملة، وكان من أهم ما فعله خيرت هو إبعاد محمد حبيب الذى كان وقتها نائبًا للمرشد عن أى فرصة ليتولى منصب المرشد، وهو ما لم يغفره محمد حبيب ربما حتى الآن لخيرت الشاطر. 

لم تكن جماعة الإخوان خلال السنوات التى سبقت أحداث ٢٥ يناير جماعة مستقرة هادئة، لم تكن العواصف التى تحيط بها بسبب مواجهتها النظام، فقد دخلت فى مرحلة من المهادنة مع النظام، وهو ما تبدى فى تصريحاتها مرشديها المتتاليين. 

فى أحد حواراتى مع عصام العريان قال إن الرئيس مبارك عندما حضر احتفالات محافظة الجيزة بعيدها القومى، وقف مأمون الهضيبى، الذى كان نائبًا فى البرلمان عن المحافظة، وقال كلمة استلطفها مبارك كثيرًا، وعلق عليها بقوله: الله... ما أنتم بتتكلموا كويس أهو. 

لم يترك العريان ما قاله مبارك دون تعليق، أضاف: كان معنى كلام مبارك أن ما يصله من المحيطين به عن الجماعة سيئًا، وأنهم على العكس يمكن الاستماع إليهم والتفاهم معهم. 

وعندما حاورت مأمون الهضيبى فى مكتبه بمكتب الإرشاد بمنيل الروضة قال لى بوضوح: نحن نريد أن نجلس مع النظام، نريد أن يسمعنا مباشرة بدلًا من أن يسمع عنا، لا نريد أن نجلس مع الرئيس مباشرة، ولكن يمكن أن يختار هو من يجلس معنا، بشرط أن ينقل له ما نقوله بأمانة. 

وقد تواصل الإخوان بالفعل مع عمر سليمان، مدير المخابرات العامة المصرية، وطلبوا منه أن يكون رسولهم إلى مبارك، كلفوا المحامى الشهير محمد سليم العوا بنقل رسالتهم إلى عمر سليمان الذى استمع إلى الرسالة جيدًا، ثم نصحهم بأن يقوموا بتأسيس حزب سياسى ويبتعدوا عن العمل السرى من خلال الجماعة، وبذلك يكونوا مشاركين بفاعلية فى العمل العام فى مصر بعيدًا عن الصراع ومعارك تكسير العظام. 

لم ينصت الإخوان إلى نصيحة عمر سليمان، كان تأسيس حزب بالنسبة لهم بداية الطريق إلى النهاية، عرفوا ذلك فامتنعوا، لكنهم لم يفقدوا الأمل، اعتقدوا أن محمد سليم العوا لم يكن مؤثرًا بما يكفى، أو أنه لم ينقل رسالتهم إلى عمر سليمان كما ينبغى، فتواصلوا مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وطلبوا منه أن يتوسط لدى عمر سليمان ليجلس معهم ويستمع منهم، لكن الرد كان واحدًا لم يختلف، فكفت الجماعة عن محاولة الوصول إلى عمر سليمان. 

وعندما أصبح مهدى عاكف مرشدًا قالها بصراحة. 

ففى ٢٩ يوليو ٢٠٠٥ وفى تصريحات صحفية نشرتها مجلة آخر ساعة قال عاكف: نؤيد ترشيح مبارك وأتمنى الجلوس معه. 

وفى ١٢ أبريل ٢٠٠٦ عاد عاكف للحديث مرة أخرى عن مبارك وهذه المرة قال إن مبارك هو ولى الأمر وطاعته واجبة، وإنه لا يقبل إفساد العلاقة بينه وبين أبنائه من الإخوان المسلمين. 

وفى مارس ٢٠١٠، وبينما كان الرئيس مبارك عائدًا لتوه من رحلة علاجية بالخارج، أرسل له محمد بديع برقية تمنى له فيها الشفاء العاجل، ويهئنه بالعودة سالمًا إلى أرض الوطن، وقبل البرقية كان قد أعلن فى حوار تليفزيونى عن أن مبارك والد لكل المصريين، وأنه لا مانع من ترشيح نجله للرئاسة بشرط عدم تمييزه عن باقى المرشحين، ويومها قال بديع إن الإخوان أعقل من التفكير فى انتحابات الرئاسة. 

ما قاله محمد بديع يجعل من الطبيعى جدًا ما قاله محمد حبيب فى حوار صحفى منشور معه فى أبريل ٢٠١٥، يقول عن وصول محمد بديع لمنصب مرشد الجماعة: كان جمال مبارك هو الحاكم الفعلى لمصر فى هذا التوقيت، وأذكر أننى وقتها كنت مجتمعًا بعبدالله الأشعل وعبدالجليل مصطفى ومحمد عصمت سيف الدولة وتحدثنا عن المرشد الجديد، فأبلغنى الأشعل حينما كان مساعدًا لوزير الخارجية بأن الدولة لا ترغب فى وجودى بسبب انفتاحى على القوى السياسية، ثم بدأ أمن الدولة دوره ومنع أعضاء مجلس الشورى الراغبين فى انتخابى، وتم القبض على مؤيدينى، وفتح المجال أمام بديع الذى اتفق وتياره على تمرير مشروع توريث الحكم، وكان أول شىء تحدث فيه بديع لأعضاء مجلس الشورى إنه لا مشكلة مع نظام مبارك، وإنهم يؤيدون رئاسة جمال مبارك للبلاد، فكان مجيئه بمثابة صفقة مع نظام مبارك لتوريث الحكم لـ«جمال». 

لم يكن الصدام مع نظام مبارك سببًا فى العواصف التى أحاطت بجماعة الإخوان قبل الثورة، لأنه لم يكن هناك صدام من الأساس، بل كان هناك توافق تام، لكن العواصف جاءتهم من الداخل، بسبب الصراع على السلطة، فمنذ وفاة مرشد الجماعة مأمون الهضيبى فى ٩ يناير ٢٠٠٤، وصعود مهدى عاكف إلى المنصب الكبير فى الجماعة وهناك استهانة بالمنصب ومن يشغله، وهو ما دفع كثيرين إلى أن يطمعوا فى المنصب على اعتبار أنهم الأولى به والأحق. 

خلال السنوات التى سبقت ٢٥ يناير تمزقت الجماعة، وكان السبب هو الصراع على السلطة الداخلية بها، وأصبح هناك جبهتان. 

جبهة يحركها خيرت الشاطر. 

والجبهة الثانية يتحكم فيها عبدالمنعم أبوالفتوح. 

وأعتقد أن الصراع بين الجبهتين جعل من الجماعة كيانًا هشًا متهافتًا إلى درجة كبيرة، ولم تكن يناير إلا محاولة إنقاذ لما تبقى منها، وهى الفرصة التى أضاعتها الجماعة من بين يديها. 

كان خيرت الشاطر يرى أنه الأحق لأنه الأقدر على الحفاظ على التنظيم الذى هو سر قوة الجماعة ونقطة القوة الأساسية التى تدعم استمرارها، ولذلك لم يتردد عن التخطيط للعرض العسكرى فى جامعة الأزهر فى العام ٢٠٠٦، فى إشارة واضحة إلى أن الجماعة تمتلك قوات وقدرات هائلة يمكنها أن تحكم السيطرة على الدولة كلها. 

كانت الإشارة ساذجة، ولم تكن سوى رصاصة ردت فى صدر من أطلقها، حيث تعرضت الجماعة لضربة شديدة، فما كان للدولة أن تتسامح فى الاستهانة بها، فزجت بعدد من قيادات الجماعة إلى السجن، وكان على رأسهم خيرت الشاطر. 

عبدالمنعم أبوالفتوح كان أخطر، فقد كان يمارس دوره فى إدارة ملف مهم، وهو ملف تقريب الجماعة من أفكار الدوائر الغربية، وهو الملف الذى كنا نعرفه بأنه تذويب الخطوط الرمادية فى موقف الجماعة من الحريات والمرأة والآخر، وكان هدفه من ذلك الفوز اعتراف الغرب بأحقية الجماعة فى أن تتصدر المشهد السياسى. 

لم تكن مقالات عبدالمنعم أبوالفتوح، ولا حواراته التى تحدث خلالها عن احترامه حرية المرأة وحرية الرأى والتعبير، وعلاقاته مع أصدقائه الأقباط، وزيارته إلى نجيب محفوظ والاحتفال معه بعيد ميلاده، إلا محاولة منه لأن يقول للغرب إنه موجود ومستعد، ويمكن أن يقوم بالدور كاملًا غير منقوص، وهو دور كان يرسمه ببراعة أن يكون رئيسًا إسلاميًا لكن لا يعادى الغرب ولا يختلف معه. 

وعلى هذا الهامش «طموح خيرت الشاطر وحماقة أبوالفتوح» بدأت الجماعة فى التفكك.