رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القاهرة كابول».. القصة الكاملة لاحتكار تنظيم القاعدة تجارة الحشيش

جريدة الدستور

في الحديث الذي دار بين الأصدقاء الأربعة "رمزي، طارق، عادل، خالد"، في الحلقة الثانية من مسلسل "القاهرة كابول"، تطرق الحوار إلى تنظيم الجماعات الإرهابية، وكيف أنها بدأت مع الأمريكان ضد السوفيت في الحرب بالوكالة التي دارت على الأراضي الأفغانية، وكيف تجد هذه الجماعات المخرج الشرعي أو التكييف الشرعي الذي تصدره لقواعدها أو المتعاطفين معها، فعندما يسأل أحدهم كيف يقبلون هذه التمويلات وهي من أمريكا الكافرة، بينما يحرمون في الوقت ذاته الوظائف الحكومية أو أي عمل داخل الدولة، ويعتبرون هذه الرواتب حرام شرعا، يرد آخر بأن الأمريكان أهل كتاب! وحينما يسأله مرة ثانية عن زراعة الحشيش والتجارة به لتمويل التنظيم، يجيب: "الضرورات تبيح المحظورات" ونحن لا نتعاطاه بل نبيعه للغرب الكافر ومنهم الأمريكان!

وهو ما يلفت الانتباه إلى كيفية استخدام الولايات المتحدة الأمريكية هذه التنظيمات في حربها بالوكالة مع الاتحاد السوفيتي، والتي كانت جولة أخرى من جولات الحرب الباردة، استخدم فيها شعار الجهاد من أجل الدفاع عن الإسلام، فكانت التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة وحركة طالبان، وحينما وضعت هذه الحرب أوزارها- الحرب الأمريكية السوفيتية- عاد هؤلاء الإرهابيون إلى الدول العربية لتبدأ موجات جديدة من الإرهاب والقتل في دولهم، بدءا من التسعينيات، وكانت أشد الفترات التي نشط فيها الإرهاب ضد المصريين، سواء قوات الأمن أو المدنيين من المصريين، والعشرية السوداء في الجزائر وغيرها من البلدان العربية التي أكتوت بنار الإرهاب والقتل خلال العقد الأخير من القرن المنصرم وحتى يومنا هذا.

أما النقطة الثانية والأهم، وهي احتكار تنظيم القاعدة زراعة وتجارة الأفيون، والذي يستخرج منه مخدر الحشيش، في أفغانستان وباكستان، لتمويل التنظيم ومده بالأسلحة ورواتب أفراده، وهو ما امتد مع تنظيم داعش.

فحسب تقارير صحيفة لجريدة "دير شبيجل" الألمانية، فإن انتشار المخدرات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتزايد خصوصا في العراق وسوريا، حيث الصراعات والنزاعات المسلحة، وحيث ينتشر تنظيم "داعش"، الذي يسهم في ذلك عبر تهريب المخدرات المزروعة من حزب الله، بمساعدة "القاعدة" للحصول على التمويل.

وأكد التقرير أن المنظمات التي تسمي نفسها "حركات إسلامية" تقف وراء الترويج لمواد محرمة دينيًا ومحظورة دوليًا، سواء في أفغانستان أو في بعض المناطق العربية أو التنظيمات المتفرعة عنها، حسبما جاء في التقرير.

وفي مقال نشر بتاريخ 12 مارس 2010، في جريدة "البيان" الإماراتية، يؤكد الكاتب الكويتي الدكتور عبدالملك التميمي: لم نسمع أو نقرأ أن أحدًا من مفكري المسلمين قد حلل نوعًا من المخدرات، لا بل كلما زاد تطرف جماعات إسلامية كلما زاد التشدد في تحريم تجارة المخدرات وتناولها.

وهنا يأتي السؤال الثاني وهو: الأفيون من المخدرات أم لا؟.. لسنا خبراء في هذا الموضوع، ولكن المعروف أنه مادة مخدرة مستخرجة من نوع من النباتات تزرع في مناطق عديدة في العالم، وتجارته مربحة على الرغم من خطورتها ومحاربتها من قبل معظم دول العالم، وأرض أفغانستان من أهم مصادر تجارتها كمعظم دول شرق آسيا.

وإن كثيرًا من الدول اعتبرت أحد أسباب تخلفها في السابق هو شيوع زراعة وتجارة وتناول الأفيون في بلدانها، وبخاصة في قارة آسيا.. وإن إعلام الجماعات الإسلامية يركز على الانحلال في أوروبا وغيرها، وجزء منه بسبب تناول المخدرات وتجارتها، وهل هناك في الإسلام فصلًا بين تجارة المخدرات وتناولها؟ بمعنى هل تجارتها حلال وتناولها حرام؟.

وهذا يقودنا إلى السؤال الثالث: هل أموال تجارة المخدرات حلال أم حرام؟ معروف أن ما جاء من حرام فهو حرام إلا إذا اعتبرت القاعدة، وربما غيرها من التنظيمات الإسلامية، أن الأفيون ليس حرامًا عندها لا يكفي أن تقول ذلك بل أن تثبت ذلك شرعيًا.

وقد يقول البعض إن كثيرًا من الأموال قد جمعت من الناس في مختلف الدول العربية والإسلامية بحجة أعمال الخير واستخدمت في نشاطات متطرفة وإرهابية باسم الجهاد.

ويمضي في مقاله مؤكدا: إن مسألة أموال الجماعات الإسلامية، وبخاصة القاعدة، بحاجة إلى دراسة لمعرفة مصادرها، وكيفيه صرفها، لأنه يبدو أن هناك إمبراطورية مالية ضخمة وراء أنشطة هذا التيار في عصرنا يجب معرفتها ولا يمكن الحد من التطرف والإرهاب إلا بالقضاء على هذه الإمبراطورية وتجفيف منابعها.

لم يتوقف الاتجار بالمخدرات كمصدر هام من مصادر تمويل الجماعات الإرهابية على تنظيم القاعدة فقط، بل تعداه إلى تنظيمات أخرى كحزب الله وتنظيم داعش الذي احتكر معامل تصنيع مخدر "الكبتاجون" في سوريا.

وحسب إحصائية رسمية نشرت في العام 2016، تشير إلى أنه تم ضبط وإحباط تهريب 57 مليون حبة مخدر، أغلبها كانت قادمة من سوريا، وأن 88% من الكمية المضبوطة كانت معدة للتهريب لدول مجاورة في لبنان، المجاور هو الآخر لسوريا.

وحسب تقرير آخر للأمم المتحدة، فإن صناعة الكبتاجون منتشرة في سوريا، وأن تنظيم داعش يقوم بتهريبها وفرض ضرائب إنتاجها للحصول على مزيد من العوائد، في حين يتعاطى مسلحو التنظيم الكبتاجون لرفع معنوياتهم وزيادة شجاعتهم ووحشيتهم في القتال.

يضاف إلى ذلك أن التهريب يعد جزءا من مصادر تمويل المسلحين والعمليات الإرهابية في ليبيا، حيث أشار التقرير بالتحديد إلى جماعة مختار بلمختار الإرهابية، التي تقوم بفرض الضرائب على سلسلة كبيرة من المنتجات، بما فيها المخدرات.